الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

5 وجوه للرئيس في أربع سنوات

الرئيس نيوز

شيماء جلال
غموضا مثيرا رافق عبد الفتاح السيسى منذ ظهوره فى المشهد السياسى ،مؤديا اليمين الدستورية وزيرا للدفاع فى أغسطس 2012، ليحتار الرأى العام فى وزير الدفاع الصامت، قبل أن يتبدد ذلك الغموض مع وصول السيسى لسدة الحكم، ويظهر فى حالاته الإنسانية المختلفة، وإن تعددت الوجوه إلا أنها تظل مصبوغة بصدق اللحظة.
السيسى والله 
أعاهد الله أن أكون شريفاً أمينا مخلصا نزيها عادلاً.. ولو أراد الله وأصبحت رئيسا سأبذل لأبناء وطني جهدا بلا حدود، أوصيكم بالدعاء لمصر ليحميها الله ويحفظها من كل سوء ومكروه للنجاة بها إلى بر الأمان.
بعهد الله بدأ السيسي مسيرته السياسية منذ قرر أن يخلع بدلته العسكرية ويستجيب لنداء الشارع ويخوض غمار السياسة، وخلال ما يقارب من 4 سنوات هي مدته الرئاسية الأولى التي شارفت على الانتهاء، تجلى الله في كلمات السيسي.
ومنذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها في المشهد السياسي، لازمه تدينه الشديد كأحد أهم معالم شخصيته، وراح يبحث عن الله في كل خطوة يخطوها، ليس فقط على الصعيد الحياتي، بل السياسي أيضًا، فوقف على أرضية دينية ثابتة ومتوازنة، مكنته من مواجهة جماعة الإخوان بتطرفها، واعوجاج منطقها، دون أن يخضع فيها لابتزازهم بأنهم «وكلاء الله في الأرض»، وأنهم يحتكرون الدين.
في أول حواراته مرشحا للرئاسة: أنا مصري متدين وسطي يعشق وطنه، تشكل وجداني في ربوع الأزهر والحسين متأثرًا بالشعراوي، والشيخ صادق العدوي.
وحينما سئل السيسي في حوار أجرته معه صحيفة الأهرام بعد ترشحه لرئاسة الجمهورية: أي دعاء تردده في السجود؟، أجاب: اللهم اجعلني من أهل الله.
ويعد تدين السيسي هو الدين الذي يعرفه المصريون، ذلك الدين البسيط، الذي جعله يقف أمام الكاميرات يناجى الله قائلًا: يارب أنت عالم بينا ومطلع علينا، وناس كتير عشمانة فيك، ربنا هيساعدنا، ويطلب مساعدته في مرة أخرى: يارب إحنا ظروفنا صعبة، يارب حضرتك تساعدنا، دون أن يعبر بخاطره كيف سيتعامل الساسة والخصوم والمؤيدون، كان فقط يخاطب الله على سجيته.
وأفرزت التكوينات الدينية للسيسى مصريا مسلما وسطيا يراعى حدود ربه دون مغالاة، ليخوض معركة طاحنة لتجديد الخطاب الديني من قناعة ثابتة بأن المغالاة والتشدد لم يعودا مناسبين للعصر وآلياته، مع رفض الدولة الدينية، والدعوة للثورة على المفاهيم الخاطئة باسم الدين.
كانت شجاعة من السيسي أن يطالب في احتفال ليلة القدر ،  بثورة دينية في الفكر تتناسب مع العصر الذي نعيش فيه، وتصحيح صورة الإسلام الحقيقية القائمة على أن الدين المعاملة.
وأكد السيسي أن ما يتخذ لمواجهة الفكر المتشدد والإرهاب حتى الآن ليس كافيا، وأن هناك مشكلة كبيرة في فهم الدين بإخراجه عن سياقه السمح من خلال انحراف النصوص، لأن الإسلام هو دين السلام والتسامح ولا يمكن قبول من يدعون للقتل والتدمير تحت راية الإسلام وبزعم رفع راية الإسلام.
ووجه السيسي كلامه للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قائلا: «أنتم مسؤولون عن الخطاب الديني، وسيسألني الله عن تصويب الخطاب الديني، وسأقول إنني قد بلغتكم أمام الأشهاد».
التطرف أشد خطرا من الإلحاد
كانت شجاعة من السيسي أن يخوض مياه، تجنب سابقيه أن يخوضوا فيها، يرى السيسي أن التطرف أشد خطرا من الإلحاد، فالملحد من وجهة نظره هو شخص يأس وضل الطريق، غلبه ضعفه الإنساني  وعودته أسهل من المتطرف الذى اعتنق فكرة الوكالة عن الله في الأرض، فاغتر وتجبر.
يؤكد أنه غير قلق على الشباب من الفكر الإلحادي الذي ظهر مؤخراً، لأنهم سوف يتراجعون عن هذا الفكر، موضحا أنه يتخوف عليهم من التشدد وتحريف النصوص القرآنية، مشيرا إلى أن الجهد في هذا الشأن ليس كافيا، وضرورة تجديد الفكر الديني قبل الخطاب الديني.
نريد أن نضع الدين في وضعه الطبيعي
إسلام الدولة غير إسلام الفرد، رؤية طرحها السيسي أثناء ترشحه، قال إن الإسلام قدم دولة مدنية وليس دولة دينية، ويجب على الحاكم أن يتعامل مع الواقع بشكل متكامل ويضع آليات كي لا تخرج الأمور بالشكل الذي يكون فيه قتل وتخريب وتدمير، لافتًا إلى أن من يدعون إلى ذلك باسم الدين يسيئون للإسلام والمسلمين.
وأضاف «نريد أن نضع الدين في مكانه الطبيعي»، مشددًا على أن إسلام الدولة غير إسلام الفرد، إذ أن إسلام الدولة هو التعامل مع واقع الدولة كاملة لأن هناك في الدولة مسلمين وغير مسلمين.
أشار إلى أن هناك مشكلة حقيقية في الفكر والثقافة وأن الفهم الديني يحتاج إلى مراجعة، قائلًا: «المجتهدون منذ مئات السنين تصدوا لعصرهم فكان هناك تناغم، لأن خطابهم الديني كان وقتها مطابقًا للواقع الذي كانوا يعيشون فيه»، مؤكدًا أن هذا العصر تم تجميد هذا الأمر به ولم نقتدِ بما فعله هؤلاء المجتهدون.
وشدد على أنه لا يصح أن يصطدم التطور الإنساني الموجود مع القرآن والسنة النبوية لأن الخطاب الإسلامي موجود منذ 1400 سنة وكان يقدر أن الكون سيصل إلى هذا التطور.
السيسى والكنيسة
مسافة شاسعة بين جملة للرئيس الراحل أنور السادات عندما قال: «أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة»، وبين كلمات السيسي «أنا رئيس مصري لكل المصريين»، مسافة تلخص أكثر من ثلاث عقود من محاولة ترسيخ مبدأ المواطنة.
سن السيسي سنة جديدة اتبعها في تهنئة المسيحيين المصريين بعيد الميلاد المجيد، وعيد القيامة، وإن كان مبارك اعتاد على التهنئة بعيد الميلاد فقط، السيسي قرر أن يمارس دوره كحاكم مسئول عن رعيته جمعاء دون تفرقة على أساس الدين، ودون التورط في ألغام العقائديات.
وعلى الرغم من أنه طالما كانت الكنيسة إحدى دعائم الدولة إلا أن العلاقة بين الكنيسة وبين دولة السيسي تعد الأكثر هدوءا وتناغما ربما على مدار الثلاث عقود الماضية.
منذ أن طلب السيسي الاصطفاف الوطني في 30 يونيو فاستجاب البابا تواضروس معلنا تأييد شعب الكنيسة لنداء الوطن، حاضرا في الصورة خلف السيسي ببدلته العسكرية.
كانت التهنئة الأولى للمسيحين المصريين بالكاتدرائية تذكرة مرور لا رجعة فيها من السيسي لقلوب أبناء الكنيسة، فهو أول رئيس ينصفهم ويطبق مبدأ المواطنة دون تجميل أو تزيف أو مواربة.
«السيسي يستمد قوته من الله ولا يعمل من أجل مجده الشخصي»، كلمات لقداسة البابا تواضروس.
وحينما جاءت الانتخابات الرئاسية زار البابا السيسي على رأس وفد كنسي يعلن التأييد والمباركة لترشحه في الانتخابات، ورد الرئيس بزيارة الكاتدرائية ليلة عيد الميلاد ليهنئ الأقباط، وتكررت الزيارات بين الرئيس والبابا تارة في الكاتدرائية وأخرى في قصر الاتحادية وبينهما المشاركة في الاحتفالات العامة بالدولة.
لم يرد السيسي البابا في مطالب الكنيسة في إطار القانون، تدخل الرئيس مع بوادر أزمة لاحت بين الكنيسة والحكومة حول قانون بناء الكنائس، لقاء بين السيسي والبابا كان كفيلا بإزالة التوتر، وتمرير القانون بصيغة توافقية بين الدولة والكنيسة في ظل ما تمر به الدول من ظروف ضاغطة.
قبل أن يختتم السيسي فترته الرئاسية الأولى بإنجاز كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، كحدث غير مسبوق في فترة الانتهاء من تشييدها، وحضور قداس عيد الميلاد بها.
السيسى حبيبا 
«أسرتي وافقت على ترشحي حبًا في الوطن وخوفًا عليه، وأخذت رأي الأسرة في قرار الترشح للرئاسة»، لدى زوجة فاضلة عشرة العمر كله، وكانت تقول لي بوعي المرأة المصرية إحنا بنحبك نعم لكن الوطن هيضيع، ولابد من الترشح للرئاسة.
«لا أريد أن أزعج زوجتي بالشأن العام في حال فوزى بالرئاسة والاختيار سيكون لها»، كان ذلك رد السيسي على سؤال لميس الحديدي في حوارها معه كمرشح للرئاسة.
بعد ما يقارب ثلاث سنوات ونصف لم تتغير العلاقة بين السيسي وزوجته من صورة الزوجين المصريين إلى صورة الرئيس والسيدة الأولى، فلا برتوكولات ولا تحولات في حياة الثنائي، على الرغم من النقلة النوعية في حياة السيسي، لم تغير زهوة السلطة انتصار عامر لا شكلا ولا موضوعا، لم تتدخل السيدة في السياسة ولم تهتم بأن يكون لها نشاطا عاما.
كان مشهدا لافتا للرئيس وزوجته في شرم الشيخ، أثناء تجولهما في شارع السوق، وقفا يتبادلان الرأي حول شنطة يد أعجبت السيدة انتصار، مثل أي زوجين مصريين، تتحدث السيدة الأولى إلى البائعات بتواضع جم تسأل عن مدى جودة المصنوعات تؤكد ثبات الألوان ومتانة ما يعجبها، تأخذ رأى زوجها، يتناول الحقيبة ويبدى إعجابه بها.
يحرص السيسي على أن لا تزعج الكاميرات زوجته ولا تطفل على خصوصيات حياتهما، تعليمات صارمة وجهتها مؤسسة الرئاسة بعدم تناول السيدة الأولى إلا من خلال البيانات الرسمية، حتى الصور هي صور نادرة خرجت بمعرفة المؤسسة.
في موضوع كتبته عن الظهور الرسمي الأول للسيدة الأولى في دولة البحرين عام 2015، وجهت إلي المؤسسة  من خلال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة السابق السفير علاء يوسف عتابا على تناول السيدة الأولى على الرغم من بث وكالة البحرين خبر الاستقبال رسميا، إلا أن حرص السيسي كان على زوجته في وقت تشن فيه جماعة الإخوان حربا مجنونة على كل ما له علاقة بـ30 يونيو والسيسي باعتباره يد الشعب التي أطاحت بالجماعة، وإطلاق شائعات تناولت كل ما يتعلق به، السيسي كان خائفا على زوجته التي لا علاقة لها بالسياسة ولا يريد لها أن تصبح طرفا في حروب التشويه التي لا تقف أمام أي محظورات.
أوقات قصيرة يقتطعها السيسي من مشغولياته ليهتم بشريكة عمره التي ارتضت أن تكون رقم اثنين في حياته بعد وطنه، وفي مشهد غير معتاد على الرؤساء وزوجاتهم، ظهرت انتصار برفقة الرئيس تلك المرة وهما يركبان عربة حنطور، وأخذا جولة في شارع كورنيش السودان بمحافظة أسوان، واحتفل بهما أهالي المحافظة بعد القيام بجولة سياحية في شوارعها، التقطا خلالها الصور التذكارية.
تناول السيسي لأول مرة الحديث عن زوجته في إحدى الحوارات التلفزيونية وقت ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية  قائلا “انا ليا زوجة ست فاضلة جدا على درجة كبيرة من الوعى، قالت لي احنا بنحبك بس الوطن بيضيع”.
وصفها بأنها «سيدة فاضلة وعشرة العمر كله وأنه محظوظ بها وبأخلاقها وانضباطها وعطفها على البيت»، مشيرا إلى أنها ساهمت في شكل الشخص الموجود حاليا».
وحتى قصة زواجهما التي كشف عنها السيسي جعلتها أكثر قربا لقلوب المصريين فهي كأغلب البيوت المصرية التي يتزوج فيها الشاب من إحدى قريباته، عن زواجهما قال السيسي: «خطبت زوجتي وهي ابنة خالتي عام 1975 وقلت لها إذا نجحت في الثانوية العامة ودخلت الكلية الحربية هخطبك وتزوجنا بعد التخرج لأن الجيش لا يسمح بذلك».
يحرص السيسي على قضاء العطلات الأسبوعية وإجازات الأعياد والرسمية برفقة أسرته وأحفاده، ووقع السيسي في غرام ومثل عبد الناصر والسادات، وقع السيسي في غرام الإسكندرية ، كذلك فإن الإسكندرية هي المكان المفضل للرئيس  السيسي لقضاء أوقات الإجازة في الأعياد، باستراحة رئاسة الجمهورية، والتي تم تجديدها مؤخرا لتصبح مقر العطلة للرئيس وزوجته السيدة انتصار، وقد يرافقهما أحد أبنائهم واسرته في بعض الأحيان ، ويظهر السيسي من آن لآخر  وهو يقود دراجة في حي المعمورة .
السيسى "مقاتلا"
«أقسم بالله اللي ها يقربلها لأشيله من على وش الأرض»، خلع السيسي بدلته العسكرية ملبيا نداء جموع الشعب لكنه لم ينسى يوما 47 عاما من العسكرية بدأها طالبا في الثانوية الجوية وأنهاها قائدا عاما للقوات المسلحة، تصطبغ الكلمات في فم السيسي بلهجة المقاتل مع استشعار بوادر الخطر، تتحول ملامح وجهه الهادئ لعناد المقاتل وتلمع في عينيه عزيمة الجندي.
على مدار 3 أعوام من تولي عبد الفتاح السيسي، منصبه رئيسا للجمهورية، وفي إطار الحرب الدائر رحاها لمواجهة الإرهاب، وجه السيسي بتنفيذ 3 عمليات عسكرية ثأرية لدماء الشهداء من المدنيين وأبناء الجيش والشرطة.
ففي 26 مايو 2017 وجه السيسي بعملية ثأرية داخل الأراضي الليبية، لدك معاقل تنظيم مجاهدي درنة ردا على استهداف أتوبيس للأقباط في المنيا، أسفر عن استشهاد 28 وإصابة 25، وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة تنفيذها ضربة جوية مركزة ضد تجمعات من العناصر الإرهابية بالأراضي الليبية، وذلك بعد التأكد من اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ للحادث الإرهابي الذي وقع بالمحافظة.
وذكر البيان الصادر عن وزارة الدفاع، أن العملية تم تنفيذها وفقا لتوجيها الرئيس السيسي، وبعد التنسيق والتدقيق الكامل للمعلومات والبيانات.
وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة: «بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة وبعد التنسيق والتدقيق الكامل للمعلومات والبيانات.. قامت قواتنا الجوية بتنفيذ ضربة جوية مركزة ضد تجمعات من العناصر الإرهابية بالأراضي الليبية بعد التأكد من اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ للحادث الإرهابي الغادر الذي وقع  بمحافظة المنيا».
وفي 16 فبراير 2015 انعقد مجلس الدفاع الوطني عقب حادث ذبح 21 مصريا قبطيا على يد تنظيم «داعش» الإرهابي في ليبيا، وشنت القوات القوات الجوية المصرية هجوما ناجحا ضد معاقل تنظيم داعش الإرهابي، داخل الأراضي الليبية.
وفي أكتوبر 2016 أذاعت القيادة العامة للقوات المسلحة، بيانا عاجلا، وذلك ردا على العملية الإرهابية، التي جرت ضد كمين أمني للقوات المسلحة بشمال سيناء.
وذكرت القيادة العامة في بيانها: «نتيجة لأعمال التمشيط والملاحقات من عناصر القوات المسلحة للعناصر الإجرامية والإرهابية التي قامت بتنفيذ العملية الإرهابية الخسيسة، وبعد ورود معلومات استخباراتية مؤكدة وبالتعاون مع أهالي سيناء تفيد بمناطق الإيواء وإعادة التمركز لمجموعات من العناصر التكفيرية المسلحة من المتورطين في التخطيط والتنفيذ والدعم للهجوم الإرهابي الذي استهدف أحد نقاط الارتكاز الأمني أمس بسيناء، وثأرا لدماء الشهداء، أقلعت تشكيلات من قواتنا الجوية، لاستطلاع مناطق الأهداف وتأكيد إحداثياتها وتنفيذ ضربة جوية مركزة استمرت لمدة ثلاث ساعات كاملة».
وفي سبتمبر 2015 أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، بدء العملية الشاملة «حق الشهيد»، لاقتلاع جذور الإرهاب في سيناء.
في اللقاء الأخير بين السيسي والإعلاميين والممثلين عن الوكالات الأجنبية، على هامش منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، تلقى الرئيس سؤالا حول تدشين حزب يجمع أنصار فريق 30 يونيو ، لم يبدى السيسي حماسا أثناء تلقى السؤال، قائلا” الأحزاب كتير، بالعكس أنا بطالب طول الوقت أن الأحزاب تندمج في حزبين أو تلاته كبار، ومسألة الحزب ترجع للشارع”.
رئيس لا يلعب السياسة
لم تكن تلك المرة الأولى التي يعرض فيها على السيسي فكرة إنشاء حزب يجمع أنصاره، ويكون ذا صلة مباشرة به، حتى مع تعارض ذلك مع الدستور، إلا أنه رفض ذلك مرار وتكرار، لأسباب أولها تجربة الحزب الوطني التي ظلت ماثلة أمام عينيه، من تدشين حزب يستمد سطوته في الشارع وفي مؤسسات الدولة من صلته المباشرة برئيس الدولة.
يقولون في الصعيد «رمى طوبته» أي لم يعد يأمل منهم خيرا، وهي تقريبا الجملة التي تنطبق على العلاقة بين السيسي والأحزاب، فقد رمى السيسي «طوبتهم» بعد تكرار نداءاته لهم بتوحيد الصف والاندماج وإعلاء المصلحة الوطنية، قبل أن يخيب أمله فيهم ويدير ظهره.
في إحدى الدوائر النقاشية بمؤتمر «حكاية وطن» تحت عنوان «اسأل الرئيس» والتي أجاب فيها السيسي على أسئلة المواطنين، رد على سؤال عن إقصاء القوى والأحزاب السياسية: «أما يكون عندي مليون إنسان مرميين في الشارع وبيناموا في مكان لا يليق بيهم، أما يكون عندي شاب عاوز ياخد شقة وميقدرش يتعالج ومش قادر يتعلم ومش قادر، يشتغل ومش عارف، لو اختذلتوا الحقوق في الممارسة السياسية فقط، فحقوق إهدارها أهم من الحقوق السياسية».
وأضاف السيسي: «خلال 60 سنة مكنش فيه حياة سياسية كاملة زي ما إحنا عاوزين، من سنة 52 كان فيه حزب واحد وشكل واحد، وده كان له تأثير قوي على الأحزاب السياسية».
منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم، واجتماعاته بالقوى السياسية على مدار 4 سنوات لم تتخط مرات معدودة، كان أبرزها خطاب دعا فيه للاصطفاف الوطني، وجلسة شهيرة لتوضيح وجهة النظر الرسمية حول تيران وصنافير واستعراض الأسانيد الحكومية، ولقاء قبيل الانتخابات البرلمانية لشكوى عدد من الأحزاب بتدخلات أمنية في تشكيل قوائم انتخابية داعمة للنظام، نفى خلاله السيسي أي يد لمؤسسات الدولة في التدخل بالتوجيه في العملية الانتخابية وأن الدولة بمؤسساتها تقف على الحياد وعلى مسافة واحدة من جميع الأحزاب والقوى السياسية.
خلافات حول قانون الانتخابات، مطالبات بتعديل قانون التظاهر، معركة دشنتها بعض الأحزاب باسم البطون الخاوية ، كلها محاولات لجر الرئيس للانخراط في الأجواء السياسية، لم تفلح مع السيسي، مفضلا الاتجاه التنموي، فيما يشبه حاجز زجاجيا بين السيسي والحياة السياسية.
تباينت رؤية الأحزاب السياسية حول الدور السياسي للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال السنوات التي حكم فيها مصر، والتي قاربت على الانتهاء، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة.
البعض يرى أن الرئيس قطع مسافات للتواصل مع الأحزاب السياسية، كما كثف سبل التواصل مع الشباب والمرأة. وجهة نظر أخرى ترى أن الحياة السياسية في مصر تعرضت لتجريف لم تشهده من قبل.
إسلام الغزولي، مستشار رئيس حزب المصريين الأحرار لشؤون الشباب وعضو المكتب السياسي للحزب، قال إن هناك العديد من اللقاءات عقدها الرئيس مع شباب الأحزاب وشباب مصر عموما خلال سنوات حكمه لمصر في ظاهرة تؤكد حرص الرئيس على التواصل معهم.
وأضاف، أن مؤتمرات الشباب كان الرئيس يستمع خلالها لوجهات النظر بصدر رحب وكان يجيب على مختلف التساؤلات وكذلك شاركت الأحزاب في الانتخابات البرلمانية وحصدت مقاعد تمكنها من العمل على خدمة الجماهير والوجود بالشارع وهو ما يؤكد أن الرئيس أعطى مساحات غير مسبوقة للأحزاب وللشباب وكذلك المرأة للمشاركة في الحياة السياسية.
وتابع: «الدولة المصرية تخوض حرب وجود فعلية حذر منها الرئيس منذ 2013، في مواجهة الإرهاب الآثم نيابة عن العالم أجمع»، مؤكدًا أن على الجميع أن يدرك حجم مسئولياته تجاه تلك المخاطر التي تهدد أمن الأوطان.
وقال أحمد الشاعر، المتحدث الرسمي باسم حزب «مستقبل وطن»، إن الحزب يعرف جيدا حجم المخاطر التي تعرضت لها مصر خلال السنوات الأربع التي حكم خلالها الرئيس وكم محاولات الجماعات الإرهابية لهدم الاستقرار الذي حدث منذ توليه الحكم.
على جانب آخر، قال الدكتور محمد بسيوني، الأمين العام لحزب تيار الكرامة، إن السنوات التي حكم خلالها الرئيس مصر بلا أداء سياسي فالرئيس يتعامل منذ اللحظة الأولى بمنطق «اسمعوا كلامي أنا بس» وهو أداء يصلح في أماكن ومواقع أخرى غير موقع رئيس الجمهورية الذي يفرض عليه منصبه كقيادة سياسية الاستماع لوجهة نظر الأحزاب ووجهة نظر المتخصصين في مختلف المجالات.
وقال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن مصر شهدت خلال السنوات الماضية ما لم تشهده من قبل من تضييق على العمل العام وحالة جمود للحياة السياسية، مشددا على أن الأحزاب حاولت أكثر من مرة وطالبت بفتح المجال العام .
السيسى..رجل دولة المؤسسات 
على مدار أربع سنوات ، اعتمد السيسى استراتيجية  بناء الدولة وليس بناء النظام، ووضع السيسى تجربة مرسى والإخوان نصب عينيه، فى حواره مع أسامة كمال يونيو 2016، قال السيسى باهتمام عن نظام مرسى ” نظام الحكم ده دخل بفكره فى إشكالية كبيرة جدا مع الدولة المصرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، ودخل فى صراع مع المؤسسات والرأى العام وأنا كنت شايف إنه يضع الدولة فى مأزق كبير، ودى كانت آخر فرصة”.
وكأن الحديث موصول لا ينقطع عاد يقول فى مؤتمر حكاية وطن منذ عدة أيام ،”إن مؤسسات الدول التى تهدم لا تعود مرة أخرى، وإن ظلت موجودة لا تستطيع القيام بعملها، بدليل الأوضاع فى دول أخرى، مضيفا: “انظروا لأفغانستان وما تعانيه منذ 40 عامًا، والصومال بقالها 25 سنة”.
وقف السيسى بعيدا عن التدخل فى عمل المؤسسات، ترك لكل مؤسسة وجهاز كامل مساحته  لإعادة بناء ما تهدم منه على المستويين ، الأول العلاقة مع الشارع، وثانيا على مستوى استعادة لياقته الوظيفية.
اختبارات عدة وضع فيها السيسى فى خلافات بين المؤسسات ،سعت كلا منها لاستقطاب الرئيس ليميل إلى كفتها ، لكنه ظل متمسكا بموقفه كطرف محايد، تاركا تجربة بناء المؤسسات تكتمل.
حينما ثار ثائرة القضاة على قانون الهيئات القضائية الذى أقره البرلمان، لجأ القضاة الى الرئيس طالبوه بعدم إقرار القانون وإعادته للبرلمان مستخدما حقوقه الدستورية فى إعادة القانون، إلا أنه تمسك بالنأى عن نفسه فى صراع بين جهتين تشريعية وقضائية ، مكتفيا بصفته التنفيذية وإقرار ما اجتمع عليه نواب الشعب.
وفى الأزمة التى اشتعلت بين الأطباء ووزارة الداخلية، انتظر الجميع تدخل مؤسسة الرئاسة بشكل رسمى، إلا أن المؤسسة التزمت الصمت مع توجيهات بوساطة من البرلمان، وعلى الرغم من فشلها، لم يدفع ذلك المؤسسة للتورط ولكن تركت الفصل فى الأزمة للقضاء، ثلاث أمناء شرطة اتهمو بالاعتداء على أطباء مستشفى المطرية التعليمى، وهى الازمة التى انتهت بالحبس 3 سنوات وتغريم كل منهم 5 آلاف جنيه بجانب إلزامهم بدفع تعويض مدنى مؤقت 10 آلاف جنيه. وهو نفس ما تكرر فى الأزمة بين الصحفيين والداخلية، تاركا القضية تأخذ مساراها الطبيعى فى القضاء.