الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

في مواجهة الثعبان العثماني.. مصر تسعى لتعزيز علاقاتها مع بوروندي ودول حوض النيل

الرئيس نيوز

كأولوية في السياسة الخارجية للقاهرة، تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع بوروندي ودول حوض النيل للحد من توسع تركيا في شرق إفريقيا وحماية أمنها القومي من أي تهديدات.


وسلط موقع المونيتور الأمريكي الضوء على اشتراك مصر وبوروندي في علاقة تاريخية كدولتين في حوض النيل. حيث استضاف وزير الخارجية البوروندي ألبرت شنجيرو السفير المصري لدى بوروندي ياسر العطوي في فبراير الجاري في العاصمة بوجومبورا. وناقش الدبلوماسيان خلال الاجتماع سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين بلديهما.
وفي نفس الأسبوع، في 18 فبراير، تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً هاتفياً من نظيره البوروندي. وتناول الحديث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها والتنسيق لعقد لجنة مشتركة في الفترة المقبلة.

وقال خبراء ومراقبون لـ "المونيتور" إن هذه التطورات يمكن اعتبارها أيضًا جزءًا من جهود مصر لعرقلة نفوذ تركيا في شرق إفريقيا.


كانت شرق إفريقيا ساحة حيوية للمناورات التركية في السنوات الأخيرة، حيث شكل البحر الأحمر شريانًا تجاريًا عالميًا بين آسيا وأوروبا. ومع ذلك، فإن سعي تركيا لتأسيس موطئ قدم في دول حوض النيل ينظر إليه من قبل مصر على أنه تهديد لأمنها القومي وأمن الدول العربية الأخرى.


إن تعزيز العلاقات مع بوروندي هو أحد أولويات السياسة الخارجية لمصر. بوروندي دولة مهمة لمصر ليس فقط بسبب الارتباط الجغرافي الأفريقي ولكن أيضًا لأنها واحدة من دول حوض النيل. ويهدف بناء علاقات أقوى إلى الحفاظ على مصالح القاهرة وحماية أمنها المائي وتقليص وجود تركيا وأي قوى معارضة للأمن القومي المصري.

وإلى جانب علاقاتها القوية مع القاهرة، فإن بوروندي تتمتع بعلاقات قوية مع تركيا وإيران وإسرائيل. وترغب مصر في حشد بوروندي إلى جانبها في قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير والأمن المائي المصري.


إلا أن الوجود التركي في القارة الأفريقية، وخاصة شرق إفريقيا، بدأ ينمو بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وهذا يشكل تهديدا للأمن القومي المصري والعربي والمصالح المصرية والعربية الاستراتيجية. لذلك وضعت مصر على رأس أولويات سياستها الخارجية تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية الشقيقة وتكثيف حضورها فيها وتقديم الدعم التنموي لها. لهذا الغرض، تسعى مصر إلى تنسيق أقوى مع دول الاتحاد الأفريقي، وخاصة دول حوض النيل مثل بوروندي ورواندا والكونغو والسودان وجنوب السودان وغيرها. سيسمح لها ذلك بالحفاظ على الأمن المائي، وكبح نفوذ تركيا ودرء تهديد أي قوى معادية أخرى لمصالحها.
تلجأ إثيوبيا لاستخدام تركيا كورقة رابحة للضغط على مصر في قضايا مياه النيل والسد الإثيوبي. طلبت أديس أبابا وساطة أنقرة في أزمة نزاعها الحدودي مع السودان رداً على دعم القاهرة للخرطوم. 

دفع ذلك مصر إلى التركيز على تعزيز علاقاتها مع دول حوض النيل في الفترة الأخيرة. سيكون لهذه الدول دور كبير في أزمة مياه النيل من خلال الضغط على إثيوبيا لإيقاف خططها المائية، خاصة بعد تولي الكونغو رئاسة الاتحاد الأفريقي.


دعت إثيوبيا إلى اتفاقية إطارية لدول حوض النيل تعرف باتفاقية عنتيبي عام 2010، ورفضتها مصر والسودان لما تسبب فيه من ضرر شديد لأمنهما المائي. وقعت بوروندي على هذه الاتفاقية فقط بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. لكن البرلمان البوروندي لم يصادق عليها بعد تعبيرا عن دعمه لمصر وقلقها من الأمن المائي. بطبيعة الحال، ستتمتع مصر وبوروندي بعلاقات قوية.


وتحرص مصر على تدريب الكوادر البوروندية في كافة المجالات لتزويدهم بالخبرات اللازمة التي سينقلونها إلى بوروندي لدفع جهود التنمية إلى الأمام وزيادة الاستثمار. من بين البلدان الأفريقية، بوروندي لديها أكبر عدد من المشاركين في الدورات التدريبية التي تعقدها القاهرة. كما يدعم المستثمرون والخبراء المصريون بوروندي في العديد من المجالات مثل الطاقة والزراعة والمياه.
وتسعى مصر لزيادة عدد المستثمرين والشركات المصرية في أفريقيا حفاظا على مصالحها. وتعتقد مصر أن العلاقات القوية مع دول حوض النيل ستسمح لها بتعزيز أمنها القومي ومواجهة أي تهديدات، سواء من جانب تركيا أو غيرها.


إن القوى العالمية، وليس فقط تركيا، تتسابق للسيطرة على القارة الأفريقية وتسعى جاهدة من أجل التواجد هناك. إنهم يسعون إلى استغلال ثروات هذه القارة الغنية ومواردها الخام وتسويق منتجاتهم وسلعهم لسكانها الذين يتجاوزون المليار نسمة. لذلك فإن الوجود المصري المتزايد في إفريقيا هو الأهم.

استطاع الاقتصاد المصري أن يكتسب المزيد من القوة ويمكن للشركات المصرية العملاقة ذات الخبرة في مجالات الطاقة والزراعة والبنية التحتية أن تكون بوابة للقارة الأفريقية. يمكن للاقتصاد المصري تقوية الاقتصاد القومي الأفريقي والحفاظ على أمنه القومي من أي تهديدات خارجية، سواء من تركيا أو من قوة إقليمية أخرى.
وكانت مصر بوابة ومحور القارة الأفريقية منذ القدم. لديها خبرة هائلة في مجالات الطاقة والبناء والزراعة والمياه، وتتفوق على تركيا. يتعين على الدول الأفريقية، وخاصة بوروندي، إحدى دول حوض النيل، الاستفادة من هذه التجربة لدعم جهود التنمية الخاصة بها. القوة الاقتصادية من أهم الوسائل لتوسع مصر في إفريقيا ولمواجهة أي محاولات لتهديد الأمن القومي للقاهرة، مع ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.