الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

تفاؤل حذر وصراعات إقليمية.. ماذا قال أبوالغيط حول مستقبل المنطقة في ظل إدارة بايدن؟

الرئيس نيوز

-خطاب بايدن عكس نزوعاً صادقاً للملمة الشمل وتجاوز الاستقطاب

-اتفاقات السلام ليس بديل عن التسوية وحل الدولتين

-المصالحة الخليجية تُمثل خطوة رئيسية في الاتجاه الصحيح

-الصراعات الداخلية أخطر مايواجه المنطقة

-النزاعات الداخلية أضعفت بنية النظام الإقليمي العربي

-تركيا وإيران مارستا تنمر إقليمية لمواجهة الدول العربية

-ضغوط غربية للتغيير أدت إلى انفجار عدد من الدول سياسياً واجتماعياً

-الضغوط السياسية والإعلامية لا تقود إلى الهدف المعلن

بدا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، متفائلًا بوصول الرئيس الأمريكي، جو بايدن للحكم، لحل كثير من ملفات المنطقة، لما لديه من الخبرات والتجارب وعمق الرؤية من أجل المستقبل. على حد تعبيره.

وفي مقال كتبه أبو الغيط في صحيفة "الشرق الأوسط"، تناول الأمين العام  التحديات التي تواجه العالم أجمع، والسياسة الأميركية حيال المنطقة العربية، وما ينبغي لها أن تقوم به تجاه القضية الفلسطينية لما تعرض له الفلسطينيين من تهميش، إلى جانب الصراعات الداخلية في المنطقة وضرورة حل الأزمة في اليمن وسوريا وليبيا، وأخيرًا المصالحة الخليجية.

الدور الإيراني التركي في المنطقة كان حاضرًا في سطور أبوالغيط، والأسباب التي أدت إلى ممارسة ماوصفه بـ"التنمر الإقليمي" من قبل الدولتين تجاه الدول العربية، مشيرًأ إلى تجربة السنوات العشر الماضية، مؤكدًا أن ضغوطًا غربية شديدة سرعت من إيقاع التغيير وهو ما إدى إلى انفجار عدد من الدول العربية سياسياً واجتماعياً.

وإلى نص المقال، يقوم أبو الغيط أن العالم "أمام لحظة مُفعمة بمخاطر شتى ومفتوحة على احتمالات متباينة، وهي لحظة تقتضي قيادة من نسيج خاص. وظني أن الرئيس بايدن، بخلفيته التي نعرفها وخبرته المشهود لها، مؤهل للقيام بدور تاريخي، سواء في الداخل الأميركي أو على صعيد تأثير بلاده في العالم".

التحديات

وأثنى الأمين العام على خطاب بايدن في 20 يناير الجاري، أنه "عكس نزوعاً صادقاً للملمة الشمل وصناعة الإجماع وصياغة التوافق وتجاوز الاستقطاب، وهي قيم يحتاجها العالم الذي يقترب من وضع خطير من التنافس بين القوى الكبرى، والصعود اليميني الشعبوي، ونمو الحركات العنصرية، والتراجع الاقتصادي على وقع الجائحة، فضلاً عن تحديات التغير المناخي والتدهور البيئي وغيرها".

القضية الفلسطينية

شدد أبو الغيط على أن القضية الفلسطينية من أكثر الموضوعات التي ستتطلب من الإدارة الجديدة نهجاً مختلفاً، مشيرًا إلى أنه "ليس بخافٍ على أي متابعٍ منصف ما يشعر به الفلسطينيون من مرارة حقيقية حيال ما تعرضوا له من غبن وتهميش ومحاولات لفرض تصور أحادي للحل النهائي، لا يستند إلى أي من المرجعيات المعروفة؛ بل يتماهى كُلياً مع الرؤية الإسرائيلية".

وأكد :"ثمة حاجة ماسة لاستعادة ثقة الفلسطينيين بالمسار السياسي السلمي، باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق آمالهم القومية في دولة مستقلة على حدود 67. ثمة حاجة ماسة كذلك لاستعادة الثقة بمنهج حل الدولتين باعتباره أساس التسوية، وهو أمر تعرض للاهتزاز والتشكيك خلال الفترة الماضية".




ويأمل أبو الغيط أن "تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة باستعادة الثقة بدورها كوسيط مُحايد في عملية سلمية تُشارك فيها أطراف دولية وعربية، مؤكدًا أن اتفاقات السلام التي وُقعت مؤخراً بين عدد من الدول العربية وإسرائيل قد تُسهم في خلق مناخ إيجابي من الثقة، مشددًا: "الأهم هو ألا يتصور الطرف الإسرائيلي أن هذه الاتفاقات بديل عن التسوية وحل الدولتين بأي حال".

المصالحة الخليجية

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه المصالحة الخليجية تُمثل خطوة رئيسية في الاتجاه الصحيح، وأنها ربما تؤسس "لمرحلة جديدة يستعيد فيها العمل العربي المشترك زخماً ونشاطاً ضروريين، وأن يواجه النظام العربي التحديات صفاً واحداً، وهو ما يفتح أفقاً واعداً أمام التعاون مع الإدارة الأميركية، على أرضية من التفاهم والثقة بين كافة الأطراف".




الصراعات الداخلية في المنطقة

طالب أحمد أبوالغيط الولايات المتحدة باستخدام ثقلها الدبلوماسي لحل العديد من الصراعات وتحويل مبادرات الحل إلى واقع، وأكد أن "أخطر ما يواجه المنطقة هو استمرار الصراعات الداخلية في عددٍ من الدول، وتفاقم التكلفة الإنسانية لهذه النزاعات، ففي اليمن، يبذل المبعوث الأممي غريفيث جهداً مشهوداً، من أجل جمع كلمة الأطراف المتحاربة على إعلان مشترك يتضمن وقفاً لإطلاق النار، وإجراءات أخرى على الصعيد الإنساني والاقتصادي لبناء الثقة والتمهيد لاتفاق سياسي شامل".

وفي سوريا، شدد: "ما زال التنافس الدولي والإقليمي جارياً على أرض هذا البلد المنكوب بالصراع، والممزق على وقع أجندات أجنبية متنافسة، بعد أن صار نحو نصف سكانه من اللاجئين والنازحين"، داعيًا أن "الخطوة الأولى هي بناء التوافق اللازم بين القوى المؤثرة والضالعة في هذا النزاع على أجندة للحل السلمي والاستقرار، انطلاقاً من القرار الأممي 2254".

وفي ليبيا، قال أبوالغيط :"نلمس رغبة أكثر وضوحاً في التوافق بين الأطراف الليبية، وثمة محادثات واتفاقات يجري العمل عليها توطئة لعقد انتخابات في نهاية هذا العام"، وفي لبنان قال إنه "يعاني شللاً سياسياً وتراجعاً اقتصادياً مخيفاً، على خلفية حالة من صراعات المصالح والاستقطاب السياسي الداخلي الحاد تذكيها تأثيرات خارجية غير حميدة". 



تركيا وايران
يرى الأمين العام أن "النزاعات الداخلية أضعف بنية النظام الإقليمي العربي، وجعلته عُرضة لتدخلات خطيرة وغير مسبوقة في مداها وحِدتها من أطراف إقليمية طامحة وطامعة في ممارسة قدر أكبر من النفوذ في منطقتنا. أتحدث هنا، بصراحة ووضوح، عن إيران وتركيا اللتين مارستا خلال السنوات المنصرمة نوعاً من «التنمر الإقليمي» في مواجهة الدول العربية؛ بل وانتهى الأمر إلى فرض الوجود العسكري المباشر على التراب الوطني لعدد من الدول العربية".

ودعا أبوالغيط ضرورة الإخذ في الاعتبار الشواغل العربية في معالجة دولية للمسألة الإيرانية، مؤكدًا أن ما يشغل العرب، في المقام الأول، "هو السلوك الإيراني الذي لا يتسم فقط بالتهور والعدائية السافرة حيال بعض دولنا؛ بل بالأنانية المفرطة كذلك. قد يكون مناسباً التذكير في هذا المقام بأن المعالجة التي دفعت بها إدارة أوباما، في صورة الاتفاق النووي، لم تتمتع بعنصر الاستدامة؛ لأنها لم تعالج شواغل؛ بل ومخاوف، كثير من الأطراف".



الصراعات العربية الداخلية

أشار الأمين العام إلى خطاب الرئيس الأمريكي بشأن النسيج الاجتماعي، مؤكدًا: " أن مجتمعاتنا العربية تجابه بدورها تهديداً خطيراً لتماسكها على يد قوى تتبنى خطاباً دينياً متطرفاً، ولا تتورع عن ممارسة العنف الأقصى في مواجهة السكان المدنيين.. والصراع الحقيقي على مستقبل منطقتنا ليس بين أديان أو طوائف، وإنما أراه بين أنصار الحداثة والعقلانية وقيم المواطنة والدولة الوطنية من جهة، وبين فكر ومنهج جماعات العنف وأنصار الحكم الديني من جهة أخرى".

واختتم أبوالغيط بأن تجربة السنوات العشر الماضية، على صعوبتها وقسوتها، تمنحنا من العبر والدروس ما ينبغي أن نضعه نصب أعيننا، مشددًا أن "ضغوط غربية شديدة من أجل تسريع إيقاع التغيير أدت إلى انفجار عدد من الدول العربية سياسياً واجتماعياً، بكل ما رتبه ذلك من تبعات أمنية وإنسانية لم تعد خافية على أحد. لقد صار واضحاً أن نهج الضغوط السياسية والإعلامية، لا يقود إلى الهدف المعلن من دفع التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان المنطقة".