الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

تشمل تعيين ولي للعهد.. سلطان عمان يجري إصلاحات سياسية كبيرة

الرئيس نيوز

حققت سلطنة عُمان الشقيقة قفزة كبيرة نحو إنشاء آلية انتقال سلس للسلطة، حيث أصدر السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مرسوماً يسمح بتعيين ولي للعهد. وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ السلطنة التي يتم فيها اتخاذ إجراء لتنظيم الخلافة في أعلى هرم السلطة، كما أصدر السلطان مرسومين بإدخال قانون أساسي جديد لقانون الدولة ومجلس عمان لتلبية متطلبات السلطنة في المرحلة المقبلة.

وتضمن مرسوم النظام الأساسي للسلطنة "وضع آلية محددة ومستقرة لنقل السلطة في السلطنة، وإنشاء آلية لتعيين ولي العهد، وتوضيح واجباته وصلاحياته، وإعادة التأكيد على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم.

يعد نظام الوصية مشتقًا من المذهب الإباضي الذي يقوم على نظام فقهي يعود إلى السابقة التاريخية للشيخين الأول الخليفة أبو بكر الصديق والخليفة الثاني عمر بن الصديق والخطاب الذي أوصى بتكليف وجهاء مؤهلين بتعيين خلف لهم بناء على الاتفاق.

وتتبع السلطنة المذهب الإباضي، الذي يعتبر أن وصية الأقارب واجبة قبل الموت. وتُعرِّف المادة 5 من النظام الأساسي نظام الحكم في السلطنة بأنه "نظام سلطنة وراثي للذكور من سلالة السيد تركي بن ​​سعيد بن سلطان، ويشترط في من يتم اختياره للحكم بينهم أن يكون مسلماً عاقلاً وابناً شرعيا لأبوين عمانيين مسلمين.

التعديل الجريء للقانون الأساسي هو أن السلطان هيثم بن طارق قد حصل على اتفاق توافقي من أئمة المذهب على إنشاء آلية لانتقال السلطة تفاديا لنوع الغموض الذي أحاط بخلافة السلطان الراحل قابوس بن سعيد الذي لم ينجب أبناء من الذكور، كما أن تعيين ولي للعهد بصلاحيات محددة يفتح الباب أمام تقليص مركزية السلطة في السلطنة. وكانت هذه المركزية علامة على ممارسة السلطة في عمان طوال عهد السلطان الراحل قابوس.


ولم يشر المرسوم الملكي إلى طبيعة آليات نقل تفويض السلطة أو تعيين ولي العهد في البلاد، لكنه أشار إليها على أنها محددة في ملحق ينتظر النشر.


يشار إلى أن السلطان هيثم تولى السلطة قبل نحو عام بعد وفاة السلطان قابوس، الذي لم يسم وريث العرش، لكنه كتب اسم وريثه المفضل ظاهرا في مظروف مغلق كان سيفتح بعد وفاته.

ويعتقد المختصون بالشأن العماني أن قرار اختيار ولي العهد يعود لظروف موضوعية أصبح فيها من الصعب على السلطان أداء جميع الواجبات بنفسه، بالإضافة إلى رغبة السلطان هيثم في توسيع دائرة المشاركة في صنع القرار ، حتى إذا كان تدريجيًا.

أوضح سالم بن حمد الجهوري ، الصحفي والباحث في الشؤون الدولية، أن استحداث منصب ولي العهد ليس حدثًا عاديًا سواء في الداخل أو الخارج، ويعطي مزيدًا من الوضوح للرؤية نحو نقل أكثر أمانًا للسلطة داخل الدولة. 

وفي حديثه إلى صحيفة The Arab Weekly اللندنية، اعتبر الجوري أن هذه الخطوة "تهدف إلى طمأنة الداخل والخارج حول المسار الذي تتبعه السلطنة وتتيح معرفة من سيرث أعلى منصب قيادي في عمان في وقت مبكر. سيؤدي ذلك إلى تسهيل الانتقال السلس وتجنب كل المفاجآت الممكنة".

وقال المحلل السياسي العماني أحمد الشيزاوي، إن غياب منصب ولي العهد أثار العديد من التساؤلات في الماضي بين المراقبين الدوليين، وأثار مستوى من القلق الشعبي بشأن استقرار العملية التي تعقب وفاة كل سلطان.

وقال الشيزاوي للصحيفة إن المرسوم "يطور مواد القانون الأساسي للسلطنة، الذي تم اعتماده في عام 1996 ، لكنه لا ينص على تعيين ولي للعهد بالاسم. وتركز آلية المرسوم بدلاً من ذلك على آلية ثابتة ومحددة لنقل السلطة ، وطريقة تعيين ولي العهد وصلاحيات وسمات الأخير، مشيرا إلى أن  الخطوة هي "تطور ملموس في التقاليد السياسية الموروثة للعائلة الحاكمة في سلطنة عمان".

واستبعد أي "خلاف على ولي العهد داخل الأسرة الحاكمة"، مشيرا إلى أن "ظهور ابني السلطان هيثم في صدارة المشهد الإعلامي في الأشهر الأخيرة ينبئ بأن النجل الأكبر للسلطان هيثم سيد ذي يزن" هو المرشح الأبرز لمنصب ولي العهد. عينه والده وزيرا للثقافة والرياضة والشباب لتدريبه وإشراكه تدريجيا في النشاط السياسي.

وأشار محللون إلى أن المرسوم الملكي الجديد يسعى إلى التأكيد على دور الدولة في تعزيز الحقوق والواجبات والحريات العامة ، فضلا عن تعزيز الرقابة على المؤسسات، حيث نص على "تشكيل لجنة تابعة للسلطان لمتابعة الأداء. الوزراء ونواب الوزارات وضمان تقييمها ". تم تخصيص نص قانوني خاص لإنشاء نظام للرقابة المالية والإدارية للدولة لتعزيز الحوكمة السليمة.

صدر مرسوم منفصل قانونًا جديدًا للبرلمان ، مجلس عمان المكون من غرفتين، وحدد المرسوم "صلاحيات المجلس وشروط العضوية وكافة حقوق وواجبات الأعضاء ، بالإضافة إلى تنظيم كل ما يتعلق بشؤون المجلس".

ويكون دور المجلس "إقرار أو تعديل القوانين المحالة إليه من الحكومة ، واقتراح مشروعات القوانين ، ومناقشة خطط التنمية والموازنة العامة للدولة".

وأشار الشيزاوي إلى أن المرسوم الملكي أولى أهمية خاصة لمبدأ استقلال القضاء كأساس لقاعدة تضمن "صمام أمان ودرعًا يضمن العدالة ويحفظ الحقوق بين السلاطين والشعب العماني".

وختم بالقول: "المرحلة القادمة ستكون صعبة على السلطان هيثم، حيث أن ترجمة رؤية 2040 إلى أفعال تتطلب فحصاً شاملاً للعديد من القوانين واللوائح الحالية. ولكن طالما أن هذه الإصلاحات والتعديلات تركز على بشأن تعزيز شراكة الحاكم مع المحكومين في المجالس التشريعية والرقابية في السلطنة، وسيبقى العدل والاستقرار والرضا الشعبي والأداء المتجرد للواجبات في مقدمة الأولويات".