الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

«المنصات الإلكترونية والحكايات».. طوق نجاة الدراما من «إغلاق كورونا»

الرئيس نيوز


شهد عام 2020 تطورا ملحوظا في شكل الإنتاج الدرامي، فمع الإغلاق الذي فرضته الإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس كورونا في مصر وجميع دول العالم، طفت على الساحة ظواهر درامية جديدة لم تكن موجودة من قبل.

ومن أبرز مظاهر الدراما 2020، ظهور المسلسلات المنفصلة التي تضم عدة حكايات بأبطال مختلفين، وقصص درامية من الواقع تتلخص كل قصة في 6 حلقات متصلة، كما ظهر نوع جديد من الدراما وهو دراما الحلقة الواحدة، فضلا على بدء المنصات الإلكترونية الاهتمام بالدراما بشكل أكبر، واتجاهها للإنتاج والعرض الحصري دون العرض على القنوات التليفزيونية، بعد أن شهدت المنصات إقبالا كبيرا من المواطنين بسبب إجراءات كورونا.

"نصيبي وقسمتك".. النجاح يجذب صناع الدراما لتكرار التجربة 

شهد عام 2016 بداية طرح نوعية جديدة من الأعمال الدرامية القصيرة من خلال مسلسل "نصيبي وقسمتك"، قام ببطولته هاني سلامة وتدور كل حكاية من حكايات المسلسل في 3 حلقات منفصلة، وحقق العمل نجاح كبير في جزئه الأول، وقام بإخراجه مصطفى فكري ومن تأليف عمرو محمود ياسين.

تكررت التجربة بشكل جديد ومختلف من خلال مسلسل "بدل الحدوتة 3" الذي قامت ببطولته الفنانة دنيا سمير غانم في عام 2019، وحققت الفكرة نجاح أيضا، وكانت كل حدوتة تدور في 10 حلقات منفصلة، وأخرج العمل خالد الحلفاوي، وكانت كل حدوته يشارك في بطولتها نجوم مختلفين بجانب دنيا سمير غانم.

هاني سلامة : فخور بكوني من أول من قدم "دراما الحكايات"

وقال الفنان هاني سلامة، الذي أحد أوائل من قدموا الشكل الدرامي الجديد، من خلال الجزء الأول لمسلسل "نصيبي وقسمتك"، في تصريحات خاصة لـ"الرئيس نيوز" : " عندما عرض علي المنتج محمد عبدالمعطي والسيناريست عمرو محمود ياسين فكرة المسلسل، تخوفت منها وتعجبت من الفكرة ورغبتهم في تنفيذها في أسرع وقت.. ولم يكن حينها صناع الدراما يتحمسوا للعمل خارج سباق رمضان، و ما يجعلهم يتوجهوا لإنتاج دراما 30 حلقة".

وأشار سلامة إلى أنه فوجئ بنجاح العمل مع عرض أول حكاياته والتي كانت تدور في 3 حلقات، بل وتوقع أن يتجه الجميع لهذه النوعية من الأعمال، ولكن عاد الشكل التقليدي للدراما ليفرض نفسه من جديد، ولكن مع التغيرات التي حدثت مؤخرا لسوق الإنتاج الدرامي، بدأت نوعية دراما الحكايات والقصص المنفصلة تعود بقوة وتفرض نفسها على الساحة خلال عام 2020.

وأضاف، "لذلك أنا سعيد بتجربتي وفخور أنني كنت من أول الفنانين الذين قدموا هذه النوعية من الأعمال الدرامية، واتوقع أن تستمر هذه النوعية على الساحة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل انتشار المنصات الإلكترونية واتجاهها للانتاج الدرامي الحصري.

الحكايات المنفصلة تغزو سوق الدراما 

بدأت الدراما المصرية عام 2020 تأخذ شكلا مختلفا بعد غزو دراما الحكايات والقصص المنفصلة لسوق الإنتاج الدرامي، إضافة إلى ظهور الدراما القصيرة التي تدور حلقاتها فى 5 أو 6 حلقات فقط، كما ظهر نوع جديد وهو دراما الحلقة الواحدة، كما بدأ الاتجاه للإنتاج الدرامي الخاص للمنصات الإلكترونية، ومن أبرزها "شاهد" و"واتش ات" و"فيو" وأخيرا "نتيفلكس".

اتجهت منصة "ِشاهد" المملوكة لمجموعة "mbc" الإعلامية، لتقديم الدراما القصيرة والمسلسلات التي تقدم في 6 حلقات أو 7 حلقات أو 8 حلقات، مع بداية عام 2020، وقدمت أول مسلسل باسم "كل أسبوع يوم جمعة" بطولة منة شلبي وآسر ياسين، وهو عمل درامي قصير يعرض خلال 6 حلقات فقط.

ثم أنتجت عملا أخر في شكل جديد من الدراما وهو مسلسل "نمرة اتنين"، والذي يعرض في 8 حلقات منفصلة، وكل حلقة تحمل حكاية جديدة بأبطال وقصة مختلفين، وشارك في بطولته عدد كبير من النجوم، المصريين والعرب، وحملت كل حلقة اسم  بحكاية منفصلة وقصة درامية مختلفة عن غيرها، وحقق العمل نجاح كبير مؤخرا بعد عرضه على منصة "شاهد".

فيما قدمت المنصة العالمية "نتيفلكس" أول عمل درامي مصري قصير من انتاجها، وهو مسلسل "ما وراء الطبيعة" المأخوذ عن روايات الأديب والروائي الراحل أحمد خالد توفيق، وقدمت 6 حلقات كأول إنتاج لها، من إخراج عمرو سلامة وماجد الأنصاري، وقام ببطولتها أحمد أمين ورازان جمال وأيه سماحة، وحققت الحلقات نجاح كبير لما لها من شعبية كبيرة قبل تحويل بعض حلقات الروايات الشهيرة إلى مسلسل، وعرض المسلسل مترجماً في أكثر من ٣٢ لغة في ١٩٠ دولة حول العالم، كما تتوفير الدبلجة إلى أكثر من ٩ لغات من بينها اللغة الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، التركية والألمانية وغيرها، ويعد "ما وراء الطبيعة" أول مسلسل أصلي مصري متوفر بالوصف الصوتي باللغة العربية لضعاف البصر والمكفوفين، والوصف النصي باللغة العربية  لضعاف السمع.

صناع يكشفون: "دراما الحكايات" محتوى أكثر تنوعا وأقل أخطاء

وقال المخرج الكبير يسري نصر الله، لـ"الرئيس نيوز" عن أول تجربة درامية له من خلال احدى حلقات مسلسل "نمرة اتنين"، إنها فرصة كبيرة لمخرجي السينما أن يخوضوا غمار الإخراج التليفزيوني في شكله الجديد، مؤكدا أن لتجربة شيّقة ومختلفة عن السينما، فالأمر أشبه بتصوير نصف فيلم في أسبوع واحد فقط، وهو ما يتيح التركيز الجيد وتلافي أي أخطاء تنتج عن التطويل والمط للوصول إلى 30 حلقة.

 أما الكاتبة مريم نعوم فأشارت إلى أنها شاركت بثلاث حلقات ضمن مشروع "نمرة اتنين"، فكان لكل قصة خصوصيّتها، وأضافت : "المجتمع وتفاصيله من أبرز مصادر الإلهام بالنسبة لي في جميع كتاباتي، فكل قصة من القصص التي قدمتها في "نمرة اتنين" تتميز بطرحها شكلاً مختلفاً من العلاقات العاطفية الحقيقية، وكذلك اللقاءات والعلاقات العابرة التي قد نمرّ بها في حياتنا فتتمكن من تغييرها وتغيير نظرتنا إلى الحياة"، وهذه النوعية من الدراما تتيح للمبدعين تقديم أكبر قصص وحكايات تتشابك مع الواقع.

من جهته قال المخرج طارق العريان : "أغرتني التجربة الجديدة، فالعمل ليس مسلسلاً وليس فيلماً، كما أنه يجمع الاجتماعي بالرومانسي"، وأضاف : "في السابق لم نجد منصة لديها إقبال جماهيري مناسب لهذا النوع من الأعمال، أما اليوم فالوضع مختلف وعدد المنصات في تزايد، وهو ما يتيح لصناع الدراما أن يكثفوا من انتاجاتهم بهذه النوعية، خاصة أنها توفر في الوقت والمجهود والتكلفة أيضا، وتضمن تقديم محتوى بعيد عن التطويل والملل والتكرار".

المخرج تامر محسن قال : "المشاهد العربي تعوّد بشكل أو بآخر على نوع واحد من الأعمال، ربما 30 أو 60 حلقة متصلة، لكننا لمسنا حماسته لهذا النوع من الحلقات المنفصلة، وكأنها فيلم متوسط الطول بنجوم مختلفين، وهو يستحق أفكار غريبة ومدهشة"، وأكّد محسن أن هذا النوع من الأعمال سيغيّر طريقة تفكير صناع الأفلام في العالم العربي لتُصبح أكثر مرونة، وبالتالي ستُعوّد المشاهد على الانفتاح على التجارب الجديدة. 

 وتحدث المخرج هاني خليفة قائلا : "لقد خلقت المنصات الإلكترونية فرصاً جديدة في ظل تراجع الإنتاجات في الوقت الحالي، وأقرب مثل هو هذه التجربة التي تشبه فيلماً من عدة أجزاء يتولى إخراج كل جزء مخرج مختلف".

 ويقول المخرج هادي الباجوري عن تجربته في "نمرة اتنين" : "رغم كوني متخصص بإخراج أفلام السينما، ورغم بعدي نسبياً عن التلفزيون، إلّا أن معالجة هذ الأعمال وشكلها أقرب لأفلام السينما منها إلى التلفزيون، فالحلقة مستقلّة بذاتها، ومدتها نحو 45 دقيقة وتقدم قصة واحدة أو كما يقول البعض "حكاية"، وهذا يتيح فرص العمل لعدد أكبر من المبدعين ويتيح تقديم قصص وحكايات كثيرة ومختلفة.

نجاح الحكايات الأولى لمسلسل "إلا أنا" يجبر الصناع على إضافة حكايات جديدة

عرض خلال عام 2020 حلقات مسلسل "إلا أنا" على شاشة قنوات "dmc"، ويضم 8 حكايات متنوعة تدور كلا منهم في 10 حلقات منفصلة، وكان صناع العمل قد أعلنوا في البداية عن 6 حكايات فقط، وبعد نجاح الحكايات الأولي قام صناع العمل بزيادة حكايات جديدة ليصل عددهم إلى 8 حكايات، وذلك بعد ضمان جذب هذه النوعية الدرامية للجمهور بشكل كبير.

العمل قدم حكايات من الواقع ولمس حياة الكثيرين بشكل كبير، وقام ببطولة حلقاته نخبة من النجوم، حيث قامت 8 نجمات ببطولة الحكايات كلا منهما على حده، وهم وفاء عامر، حنان مطاوع، كندة علوش، شيري عادل، أروي جودة، جميلة عوض، ريهام عبدالغفور.

وقام بإخراجه عدد من المخرجين وكتابة حلقاته مجموعة من الكتاب، وحملت كل حكاية قصة إنسانية إجتماعية مختلفة، وطرح العديد من القضايا الهامة التي لمست حياة المصريين بشكل كبير.

الجمهور في انتظار عرض حكايات "حلوه الدنيا سكر" لهنا الزاهد مطلع العام 

وينتهي عام 2020 بمسلسل "حلوه الدنيا سكر" الذي تدور أحداثة في 45 حلقة ومن بطولة هنا الزاهد، ولكنها تقدم تجربة جديدة حيث تقدم 9 قصص مختلفة، وتدور كل قصة في 5 حلقات منفصلة بأبطال مختلفين، ويكتب الحكايات 9 مؤلفين لكل حكاية مؤلف، فيما يخرج العمل المخرج خالد الحلفاوي.

ويقول منتج العمل كريم أبوذكري في تصريحات خاصة لـ"الرئيس نيوز": هذه النوعية من الدراما الجديدة في الشكل والمضمون تتيح لصناع الدراما فرص جديدة في تقديم حكايات وقصص مختلفة، كما تؤهل كتاب الدراما للتغلب على عمليات المط والتطويل واختلاق الأحداث الغير مبررة، ويشير أبو ذكري أنه تحمس للفكرة جدا بعد اجتماع مع الكاتب يسري الفخراني، وقرر أن يخوض غمار التجربة بإنتاج مشترك لمسلسل "حلوة الدنيا سكر" واختار هنا الزاهد لبطولة جميع حكايات المسلسل لقدرتها على تقديم أدوار مختلفة والتنوع بين الشخصيات التي تقدمها.

ويضيف أبوذكري قائلا: "نجاح هذه النوعية من الأعمال الدرامية خلال عام 2020 برغم قلة عددها، يؤكد أنها ستكون الأكثر انتشارا خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل انتشار المنصات الإلكترونية وتغير طبيعة الجمهور وأشكال المتابعة لدى المشاهدين".