الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بورتسودان على خطى طرطوس.. تفاصيل خطة موسكو لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر

الرئيس نيوز

على خطى طرطوس، تسير موسكو بخطوات ثابتة نحو تعزيز وجودها العسكري، المباشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإعلانها إنشاء مركز لوجستي في السودان، إذ إن القاعدة البحرية الروسية في سوريا، كانت لسنوات تحمل صفة مركز لوجيستي، قبل أن تتحول إلى قاعدة عسكرية بحرية كاملة ودائمة، بعد توقيع بروتوكول ملحق في هذا الشأن، عام 2017.

اتفاق بورتسوان مدته 25 عامًا قابلة للتمديد بينما طرطوس 49 قابلة للتمديد

مسودة الاتفاق التي نشرها الكرملين أمس الأول، حملت تكرارًا يكاد يكون حرفيًا لاتفاقية إنشاء القاعدة العسكرية البحرية الروسية في طرطوس السورية، خصوصًا مع نشر بوابة المعلومات القانونية الإلكترونية التابعة للحكومة الروسية مرسوم إنشاء المركز على الأراضي السودانية بتقارب كبير في عدد من البنود.


اتفاق بورتسودان

تتضمن مسودة الاتفاق مع السودان بنود تحدد القدرة الاستيعابية للمركز بـ"300" جندي وموظف و4 سفن عسكرية يمكنها الوجود في وقت واحد، بينها سفن نووية مع الالتزام بمبادئ الأمن النووي والبيئي، على أن تكون مدة الاتفاق  25 عامًا مع إمكانية التمديد بعد انقضاء هذه الفترة.

ولفتت الوثيقة إلى أن المركز اللوجيستي يضمن وجودًا دائما لتشكيلات القوات المسلحة مع المعدات العسكرية الخاصة بها، فضلًا عن إقامة مرافق لدعم الحياة للعسكريين وبنى تحتية كاملة، وورشات لإصلاح السفن الحربية الروسية مع تزويدها بالإمدادات اللازمة من العتاد والمؤن والمواد الأخرى.

يمكن تواجد 4 سفن بحرية في بورتسودان و 15 في طرطوس في نفس الوقت

وأشارت المسودة إلى استعداد روسيا لتزويد السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية من دون مقابل، بهدف تنظيم الدفاع الجوي للقاعدة البحرية لهذا البلد في مدينة بورتسودان، فيما تتيح لروسيا استخدام المجال الجوي للسودان.

ومن المقرر أن يتولى الجانب السوداني الحماية الخارجية لحدود المركز الروسي، بينما يضمن الجانب الروسي من جانبه، حماية حدود المنطقة المائية للنقطة البحرية، والدفاع الجوي، وكذلك الحماية الداخلية والحفاظ على القانون والنظام على أراضي القاعدة.

كما سيتم تنفيذ أنشطة القاعدة وفقا لقواعد ومتطلبات السلامة البيئية التي تحددها تشريعات الاتحاد الروسي، على أن  تضمن موسكو اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لمنع الأضرار التي تلحق بالسكان والموارد الطبيعية والقيم الثقافية والتاريخية للسودان، كما تمنح المسودة العسكريون الروس حصانة كاملة ولا تسري عليهم التشريعات السودانية.


اتفاق طرطوس

وفي طرطوس، يكاد يكون بنود اتفاق موسكو مع دمشق متطابق مع اتفاق الخرطوم، خصوصًا فيما يتمتع به العسكريون الروس من صلاحيات وخضوعهم للقوانين الروسية وليس لقوانين الدولة المضيفة، فضلًا عن السقف الزمني للوجود الروسي العسكري قابل للتجديد دائمًا، بيد أن الفارق بين الاتفاقيتين هو أن مدة اتفاق طرطوس 49 سنة قابلة للتجديد.

الاتفاقيتان بهدف إصلاح السفن الحربية الروسية مع تزويدها بالإمدادات اللازمة 

يشمل التواجد الروسي الدائم في البحرالمتوسط ما يصل إلى 15 سفينة حربية وسفن دعم يمكن أن توجد في وقت واحد، لكن تقارير وزارة الدفاع الروسية أشارت إلى أن نحو 100 سفينة وقطعة بحرية وجدت في المنطقة خلال شهر أكتوبر الماضي.

كذلك، حملت القاعدة البحرية الروسية في طرطوس لسنوات صفة مركز لوجيستي بهدف القيام بأعمال الصيانة والتزود بالوقود والمؤن للسفن الحربية الروسية في حوض البحر المتوسط، قبل أن تتحول إلى قاعدة عسكرية بحرية كاملة ودائمة عام 2017.


تطور المركز اللوجستي إلى قاعدة كاملة

يعد هذا التطور الروسي بمثابة المرحلة الأولى لتعزيز حضورها الدائم في البحر الأحمر، بما يمهد لتطوير الاتفاق وفقا للسيناريو السوري، التي تم إنشاؤها عام 1971 لضمان تمركز مؤقت لوحدات البحرية السوفياتية، وقد استخدمت لإصلاح وتزويد سفن السرب الخامس للقوات البحرية السوفياتية بالوقود والإمدادات بالمواد الاستهلاكية.

تم نقل فرقة السفن السوفياتية المساعدة الـ"54" من موانئ الإسكندرية ومرسى مطروح إلى طرطوس عام 1977، قبل أن يتم تشكيل إدارة كتيبة سفن الإمداد البحري الـ229، وكانت تتبع لقائد وحدة أسطول البحر الأسود.

حافظت موسكو عل المركز اللوجستي ختى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، إذ ظلت تستخدمه  من أجل إمدادات الوقود والغذاء على سفن البحرية الروسية أثناء رحلاتها في البحر المتوسط بين 1992 - 2007. 

حصانة كاملة للعسكريين الروس ولا تسري عليهم تشريعات الدولة المضيفة

تحولت القاعدة العسكرية البحرية الروسية إلى دائمة عام 2015 وتحديدًا بعد تدخلها المباشر في الأزمة السورية، حيث وسعت المركز اللوجيستي في طرطوس وأنشأت أرصفة جديدة قادرة على استقبال سفن ضخمة، كما زودت المركز بمنظومة الدفاع الجوي "إس – 300" لحماية القاعدة البحرية في طرطوس والسفن الروسية الموجودة قبالة السواحل المجاورة.


هذا يكفي في الظروف الحالية 

من جانبه، قال الخبير العسكري الروسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يوري ليامين: "هذه ليست قاعدة للبحرية الروسية، إنما نقطة دعم لوجستي. هذا أقل بكثير من حيث المستوى والعدد والبنية التحتية والمعدات. فهي كمثل القاعدة البحرية في طرطوس السورية".

ويرى ليامين أنه "لا حاجة لقاعدة بحرية كاملة، إذ يكفي ما هو موجود في طرطوس السورية. المسافة بين طرطوس والسودان قصيرة نسبياً.. هذا يكفي في الظروف الحالية".