الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: مصر بين ترامب وبايدن

الرئيس نيوز

يبدو أن انتخابات مجلس النواب، لم تعد تحظى باهتمام بالغ لدى المواطن ومنصات التواصل الاجتماعي، أو حتى الإعلام التقليدي، وهناك قضايا هامشية وخارجية فرضت نفسها على قائمة اهتماماته، وهو مؤشر خطير على الوضع السياسي في مصر، ومدى اهتمام المواطن بتطوراته.

ففي الوقت الذي كانت تشهد فيه محافظة مثل الجيزة، صيحات كثيرة تتحدث عن شبهات التلاعب في إرادة الناخبين بالمرحلة الأولى من انتخابات البرلمان ووجود أكثر من ١٠٠ طعن منظور، على نتائج الانتخابات بشكل غير مسبوق، تلاحظ الاهتمام الكبير في الداخل المصري بانتخابات الرئاسة الأمريكية، والمنافسة بين دونالد ترامب وجو بايدن، ومن لم يهتم بالشأن الأمريكي، تابع تطورات قضية طفل المرور عن كثب.

قد يكون الأمرنابع من قناعة عند بعض الناس أن انتخابات الرئاسة في أمريكا قد تكون أكثر تأثيرا على المواطن المصري من انتخابات مجلس النواب، الذي من المفترض أن يضم ممثلين عنه، بما يعكس حالة من الانحسار السياسي عند المواطن، وتجاهله اختيار ممثلين حقيقين عنه.

المضحك أيضا هو الحديث المثار في مصر عن وجود تزوير في انتخابات الرئاسة الأمريكية، في ظل الإجراءات المتبعة هناك، في حين أننا هنا في مصر لم نتحدث أو نتطرق عن مثل هذه الأمور فيما يخصنا من شأن داخلي، أو ربما يتولد لدينا يقين بأن سقف التعبير قدر لا يتسع لذلك.

و بجانب عن هذه الملاحظات الهامشية، أرى العديد من المغالطات التي تضمنها الاهتمام بالانتخابات في أمريكا؛جزء منها نابع من عدم الإلمام الكامل بالوضع هناك أو كيفية إدارة الملفات الخارجية للدول والكبرى منها تحديدا، ومن ذلك الحديث عن معاداة بايدن للنظام المصري، وأننا لن نكون على توافق معه.

وهنا لدينا وقفة، فمن الأساس لا توجد في المفاهيم وجود رئيس أمريكي متحالف مع مصر وآخر معادٍ لها، وكل ما يحدد الموقف في العلاقات مع مصر لدى أي رئيس، هو مصلحة دولته فقط لا أكثر ولا أقل، ولا يعنيه أي شيء يدور في دولتنا، طالما لا يوجد له علاقة بمصالح أمريكا.

وحقيقةً فترامب لم يكن الرئيس المثالي من وجه نظر المصالح المصرية بشكل خاص والعربية بشكل عام، بدلالة الاستفادة الإسرائيلية الجمة من وجوده، ونجاحها في ضم الجولان، ونقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس والاعتراف بيها عاصمة موحدة، ودعم الموافقة على خطة الاستيطان، وأيضا دعم قطر في الصراع العربي-المصري معها، وتجاهل الأزمة الليبية، ودعم تركيا هناك.

ناهيك بالطبع عن عدم التعامل بحسم في ملف سد النهضة، ووضع حد للتجاوز الأثيوبي في هذا الملف، خاصة مع قدرته على ذلك.. فالأمر كله مصالح وعلى حسب رؤية أي رئيس أمريكي لدور مصر في دعم مصالح بلاده؛ سوف يحدد موقفه.

وفي رأيي الشخصي أن خسارة ترامب للانتخابات كانت أمرا متوقعا للغاية، ليس بسبب قوة المنافس له وحدها، ولكن بسبب الكره لسياساته في الحكم، وفلسفته القائمة على التطرف إلى حد كبير في المواقف وخلق صراعات مع القضاء والشرطة و الإعلام هناك، إضافة إلى حالة العنجهية وانخفاض الثقافة الإدارية ولغة الحوار؛ منذ توليه المسئولية.

لقد جاء ترامب في فترة كانت الشعوب الغربية تميل نحو اليمين المتطرف ومعاداة الإسلام، ولكن بوجوده ومن على شاكلته، وجدت هذه الشعوب أن مصالحها وثقافتها ليست مترابطة مع اليمين المتطرف تماما، ولذلك يبدو أنها بدأت في التغيير.

وأذكر بأن بايدن نفسه كان موقفه "مايع" مع ثورة يناير ورحيل الرئيس الأسبق مبارك، بل إنه كان مناصرًا لاستمراره في المنصب بشكل كبير رغم الثورة، وما قد يفرقه عن ترامب أن الأخير شعبوي، وربما أعطى انطباع زائف بالألفة والمناصرة للنظام والدولة المصرية من دون تحرك حقيقي ملموس.

أما ما يثار حول دعم بايدن لجماعة الإخوان، فهذا الأمر أوهاما في عقول الجماعة المحظورة أكثر منه حقيقة، قد نرى لها توابع على الواقع المصري.

إيماني الراسخ بأن مصر -كدولة- من العيب أن تنتظر الفائز في الانتخابات وتغير سياساتها بناء على ذلك، فالعكس هو ما يجب أن يكون، طالما نبحث عن استقرار القرار السياسي، ومنع التدخل في الشأن الداخلي المصري، كما أن الرغبة في التغيير، حتى يدوم ويفرض نفسه لا بد أن تكون نابعة من الداخل، وليست بتوجيهات أو مواقف خارجية.