الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تأثيرات حرب «أديس أبابا» و«تيجراي» على أثيوبيا والقرن الإفريقي

الرئيس نيوز

رُغم تحذير الخبراء من خطورة الأوضاع الداخلية في أثيوبيا، نتيجة تفاقم الخلافات العرقية والإثنية، دخلت أثيوبيا مرحلة خطرة من الصدام بعدما أعلن رئيس الوزراء أبي أحمد إعلان الحرب في إقليم "تيجراي" أحد الأقاليم التسع الأثيوبية المقسمة على حسب العرق واللغة، ما يجعل البلد المحوري في القرن الأفريقي يقف على فوهة بركان، تنذر بحالة من الفوضى والاضطرابات.

ووفقًا للدستور الإثيوبي، فإن الدولة "جمهورية ديمقراطية اتحادية"، تتكون من 9 ولايات إقليمية مقسمة حسب العرق واللغة، وهي: (تيجراي، عفر، أمهرة، أوروميا، أوغادين - تُعرف أيضا باسم: "الصومالي"، بني شنقول - قماز، قوميات الأمم الجنوبية (SNNPR)، غامبيلا، هراري، إضافة إلى ولايتين: أديس أبابا و ديرة داوا).

والصراع الدائر حاليًا بين أديس أبابا وإقليم تيغري، هو صراع قديم لطالما يتجدد كلما تهيأت الظروف له. كما أن الصدامات بين الأقاليم الأخرى يقع باستمرار نتيجة بقاء عوامل تأجيج ذلك الصراع.




إعلان الحرب 
مؤخرًا، أمر رئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد برد عسكري على "هجوم" شنه الحزب الحاكم في تيغري (الجهة الشعبية لتحرير تيغري)، على معسكر يضم قوات فيدرالية. وقال آبي أحمد: "قواتنا الدفاعية صدرت لها أوامر بتنفيذ مهمتها لإنقاذ البلاد. تم تجاوز النقطة الأخيرة من الخط الأحمر. سيتم استخدام القوة كإجراء أخير لإنقاذ الشعب والبلد".

ويتهم آبي أحمد، "جبهة تحرير تيغري الشعبية"، بمهاجمة معسكر للجيش في المنطقة، ومحاولة نهب الأصول العسكرية الفيدرالية الموجودة بالإقليم، وأعلن عبر شاشة التلفزيون، سقوط قتلى في الهجوم الذي وقع في ميكيلي، عاصمة منطقة تيغري الشمالية، وبلدة دانشا، لتعلن الحكومة على إثر ذلك حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في منطقة تيجراي.

ما يُنذر باحتمالية تفاقم الأمور بعد إعلان حالة الحرب، أن تيغري هي موطن جزء كبير من الأفراد العسكريين الفيدراليين، حيث توجد الكثير من معداتها هناك؛ لكون المنطقة كانت مسرح قتال للحرب الحدودية العنيفة بين إثيوبيا وإريتريا بين عامي 1998-2000. 

كما يقدر بعض المحللين أن تيغري يمكن أن تحشد أكثر من نصف إجمالي أفراد القوات المسلحة والآليات؛ لأن قدراً كبيراً من القدرات العسكرية للبلاد تحت سيطرة جبهة تحرير شعب تيجراي.

ما يعني أن نذر حرب كارثية تلوح في الأفق، وأن المواجهة المفتوحة لن تؤدي بالضرورة إلى "انتصار" مباشر للقوات الإثيوبية، كما أن الصراع ربما يفاقم التوترات العرقية وإلهام المزيد من المشاعر الانفصالية في أجزاء أخرى من هذا البلد، خاصة أن إقليم أوروما، لديه الكثير من المشكلات مع أديس أبابا، والإقليم يمثل نسبة أكبر من سكان إثيوبيا، إذ تمثل نسبة شعب الأورومو نحو 34% من السكان. 




أسباب الأزمة
بينما قال آبي أحمد أن سبب إعلانه الحرب، تعدي المسلحين في إقليم "تيغري" على القوات العسكرية الفدرالية، إلا أن هناك عوامل أخرى للأزمة، بينها عقد إقليم تيغري الانتخابات الوطنية، رُغم إعلان الحكومة الفدرالية إرجاء الانتخابات الوطنية بسبب جائحة كورونا، وكان من المقرر إجراء الانتخابات في أغسطس، قبل أن يتم إرجاؤها إلى مارس 2021، الأمر الذي رفضه الإقليم وعقد على إثره الانتخابات، معتبرًا قرار أديس أبابا محاولة لعدم عقد الانتخابات للاستئثار بالحكم والسلطة.

وخلال وقت سابق، صوّت البرلمانيون الأثيوبيون لتمديد تفويضات المسؤولين التي كانت ستنتهي في أوائل أكتوبر الماضي، ما رفضه إقليم تيغري، ومضى قدماً في الانتخابات الإقليمية، ليعقدها في سبتمبر الماضي، التي اعتبرتها حكومة آبي غير شرعية. يرى كل جانب أن الآخر غير شرعي.

وبحسب تقارير منعت تيجراي الجنرال الذي عينه آبي من تولي منصب جديد، قائلاً إن "آبي لم يعد يملك السلطة لاتخاذ مثل هذه التحركات". 




إقليم استراتيجي 
وإقليم تيجراي، بحسب التقارير الصحفية، إقليم استراتيجي، من حيث عدد سكانه ودوره في الصراعات التي خاضتها أثيوبيا خلال الفترة الأخيرة. والإقليم هو خامس أكبر منطقة من حيث عدد السكان والمساحة، والأكثر كثافة سكانياً بين الولايات الإثيوبية التسع، وعدد سكانها بحسب آخر تقدير رسمي (في منتصف عام 2017) كان 5,247,005.

أما عن اللغة الرسمية للإقليم فهي اللغة التيغراينية، وهي أكبر اللغات انتشاراً في إريتريا أيضاً، ما يجعل أسمرة (عاصمة إريتريا) معنية بالأزمة؛ إذ أن الحزب الحاكم في تيغري كان يحكم أديس أبابا إبان فترة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا.

واتهمت إريتريا المجاورة للإقليم، "الجبهة الشعبية لتحرير تيغري" بعرقلة السلام والاستقرار الإقليميين. لكن ردًا على البيان الإريتري، وتحرك أديس أبابا، قال رئيس إقليم تيغري، دبرصيون قبرمكئيل، إن شعب تيغري مستعد لحرب شعبية ضد أعدائه الذين يريدون تركيعه، وأهاب بشعبه تسجيل مآثر بطولية كما في الماضي، مهدداً إريتريا بحرب شاملة إذا مست أمن وسلامة تيغري، لكن تقارير كشفت عن طلب إثيوبي من إريتريا بمساعدتها في الأزمة، لكن خبراء استبعدوا تورط أسمرة في الحرب.



الحكام التاريخيين
وتاريخيًا، كان ينحدر من إقليم تيجراي، الحكام السابقون للبلاد، فقد سيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيغري على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لعقود من الزمن قبل أن يتولى آبي السلطة في 2018، ويعلن عن إصلاحات سياسية شاملة. لكن رغم هذه الإصلاحات إلا أن المشاكل العرقية ظلت تطفو على السطح ما ترتب عليه إنعدام الاستقرار.

اللافت للنظر إلى أن قادة إقليم تيعري، لطالما اشتكوا منذ وصول أبي إلى السلطة، من تعرضهم لظلم مجتمعي، واستهداف عبر تقديمهم لمحاكمات فساد ظالمة، فضلًا عن عزلهم من مناصب عليا وإلقاء اللوم عليهم في مشاكل البلاد.




من قراءة المشهد، فإن الحرب بين أديس أبابا وإقليم تيجراي، سيكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على أديس أبابا، إذ أنها ستنهك الاقتصاد الإثيوبي المُتعب، فضلًا عن كونها حرب غير محسومة نتائجها فالإقليم لديه إمكانيات عسكرية هائلة، وإذا ما نتهت الحرب لصالح الإقليم فمن المؤكد أن نزعات الانفصال ستتصاعد في إثيوبيا خاصة أنها دولة تعاني من مشاكل عرقية جمة، وأن إقليم الأورومو واحد من أبرز الأقاليم التي لديها مشاكل مع أديس أبابا، ويمكن أن ترسل الحرب موجات صادمة إلى منطقة القرن الإفريقي وما وراءها.