الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«تفجير سد النهضة».. خبراء: تصريحات ترامب ترفع الحرج عن مصر

الرئيس نيوز

جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمس، بشأن أزمة سد النهضة لتعلن بداية مرحلة جديدة، إذ أكد أن مصر قد تفجر سد النهضة الإثيوبي، مشيرا إلى أن أديس أبابا خرقت الاتفاق، وذلك خلال مكالمة هاتفية جمعت بينه وبين عبد الله حمدوك رئيس الحكومة السودانية للنقاش حول سد النهضة ومختلف القضايا الأخرى، مشيرا إلى أنه دعا السودان إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن الخلاف حول سد النهضة مع إثيوبيا ومصر.

وفى أول رد فعل إثيوبى ، قال رئيس الوزراء آبي أحمد: "سد النهضة هو سد إثيوبيا، والإثيوبيون سيكملون هذا العمل لا محالة، ولا توجد قوة يمكنها أن تمنعنا من تحقيق أهدافنا التي خططنا لها".

وأكد آبي أنه "لا يمكن لأحد أن يمس إثيوبيا ويعيش بسلام، والإثيوبيين سينتصرون، هناك أصدقاء صنعوا معنا هذا التاريخ كما أن هناك أصدقاء خانوا خلال صناعتنا لهذا التاريخ، هذا ليس جديدا على إثيوبيا". 

سيناريو تدمير السد

 من جانبه قال الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية فى جامعة الخليج بالبحرين، إنه فى الواقع، يعتبر توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ضرورة التوصل إلى حل ودي للخلاف بشأن سد النهضة بين السودان ومصر من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، تحذير غير مسبوق لإثيوبيا.

 وتابع: "الخطير في الأمر أن يصرح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية راعية المفاوضات أثناء المكالمة التليفونية مع رئيس الوزراء السوداني أمام صحفيين في البيت الأبيض، أن الوضع خطير، وأنه قد ينتهي الأمر بالقاهرة بأن تنسف ذلك السد، حيث قال إنه توسط في اتفاق لحل القضية، لكن إثيوبيا انتهكت الاتفاق مما دفعه إلى قطع تمويل عنها". 

وأوضح أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية، أنه من الطبيعي أن يكون سيناريو تدمير السد أحد السيناريوهات المطروحة ومنذ زمن بعيد، وبالفعل تم التلميح به سابقا في مناسبات عديدة، والمؤكد انه طالما صرح به الرئيس الأمريكي أن هذا السيناريو تم طرحه في الاجتماعات المغلقة، مشيرًا إلى أن القيادة المصرية قيادة حكيمة وسلمية وتعرف كيف تحافظ على حق المصريين في الحياة، وتملك خبرة طويلة في التفاوض فنحن دعاة سلام.

 وأشار الصادق، إلى قول الرئيس الأمريكي إنه توصل إلى اتفاق معهم، وبعد ذلك انتهكت إثيوبيا الاتفاق للأسف، وما كان ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك، كان خطأ كبيرا،  كما أبدي استيائه قائلًا: "لا يمكن لوم مصر لشعورها ببعض الاستياء، متمنيا أن تستوعب أثيوبيا الموقف جيدا بعد هذه التصريحات وألا تتمادي في التعنت والمماطلة حتى لا تجبر الجميع على السير نحو الحل الأخير، فالمياه حياة، ولا مفر من استخدام مياه حوض النيل الأزرق في تنمية دول الحوض جميعا مصر وإثيوبيا والسودان".


إدانة قوية
 في السياق نفسه، قال هانى رسلان، خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التصريحات تمثل فى مجملها إدانة قوية جدا وبلهجة غير مسبوقة فى وضوحها، للموقف الاثيوبى المتعنت بشكل غريب، بل إنه يمكن القول إنها تمثل تهديدا لإثيوبيا بأن الاستمرار فى نهجها الحالى ستكون له عواقب وخيمة، حيث أن ترامب اعتبر بشكل صريح أن ما تفعله إثيوبيا يمثل فى جوهرة حجبا أو منعا لمياه النيل عن مصر، وأن هذا موقف لا يمكن لمصر قبوله أو احتماله . 

وأوضح رسلان، إن هذه التصريحات هى بمثابة تأكيد لموقف واشنطن بحجب بعض المعونات المقدمة إلى إثيوبيا، ولكنها تدفع بالأمر إلى مدى بعيد جدا لا يحتمل اللبس أو الغموض، فى رسالة عنيفة وصادمة،  ويعرف حجمه ويلتفت إلى المصالح الحقيقية للشعوب الإثيوبية، التى تعانى من محنة شديدة فى الداخل على محاور متعدده.

 وقال خبير المياه بمركز الأهرام، إن إشارة تفجير مصر للسد، تعطى تلميحات بعدم ممانعة إدارة ترامب لذلك، أو أنها لا تستبعد وقوعه فى حال استمرار الموقف الاثيوبى الرافض لأى اتفاق، إلا أن المقصود منه هو تحذير إثيوبيا بشده، لأن ترامب كان يتحدث فى سياق ضرورة التوصل إلى حل سلمى وتفاوضى،  كما أن إشارة ترامب إلى مفاوضات واشنطن وإدانته الشديدة لانسحاب إثيوبيا ورفضها التوقيع، تعيد وثيقة واشنطن للواجهة مرة أخرى، وهناك حل فعلى متوافق عليه من الأطراف الثلاثة بنسبة تزيد عن ٩٠% ، والنسبة المتبقية وضعتها واشنطن بالتنسيق مع البنك الدولى بشكل متوازن لمصالح الدول الثلاث، بما يعنى أن هناك حلا جاهزا وأن العقدة هى فى المراوغة والكذب الإثيوبى وتعريض المنطقة لمخاطر عدم الاستقرار طويل الأمد.


 وتابع خبير المياه، بأنه لو أظهرت إدارة ترامب هذا الموقف القوى منذ عدة أشهر لكان الموقف قد تغير إلى حد كبير، وربما كان قد تم الوصول إلى اتفاق، ولكن هذه التصريحات تأتى والانتخابات الأمريكية بعد أيام ، مما يقلل من قدرتها على إحداث تغيير فعلى على الأرض ، فالعالم كله ينتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية وهل سيبقى ترامب ام يرحل ، ام تتعرض امريكا نفسها لأزمة داخلية عنيفة إذا رفض أحد الأطراف الاعتراف بالنتيجة، مضيفًا:"تمثل تصريحات ترامب رفعا للغطاء عن أبى احمد وحكومته التى أصبحت ألعوبة فى أيدى متشددى إثنية الامهرا المحيطة بآبى أحمد.. وترفع الحرج عن مصر بحيث تفتح أمام الموقف المصرى آفاقا واسعة وتمثل بداية لمرحلة جديدة". 

احتمالات حدوث مواجهة مصرية-إثيوبية

 من جهته تساءل الدكتور أحمد المفتى خبير الموارد المائية، "هل أعطي الرئيس ترامب الضوء الأخضر لضرب سد النهضة؟، خاصة أن ترامب قال أنه قدم مسودة اتفاقية معقولة بشأن سد النهضة ولكن رفضتها إثيوبيا، ولذلك أوقف عنها بعض المساعدات، كما أن ترامب قال إن تعرض مصر للعطش سوف يجعلها تضرب سد النهضة في نهاية المطاف".

 وأكد المفتى، على أهمية عدم حدوث أية مواجهات بين مصر وإثيوبيا، وأن تراجع إثيوبيا موقفها بالتصرف بإرادة منفرد في نهر دولي مشترك، وتعود لطاولة المفاوضات للوصول إلي اتفاق ملزم، لكى يحقق لكل دولة من الدول الثلاثة مصالحها المائية المشروعة.