الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«فتش عن الضغوط الأمريكية».. سر زيارة وفد الجنائية الدولية للسودان

الرئيس نيوز

تزامنت زيارة وفد المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان مع الجدل الدائر حول التطبيع ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، الأمر الذي دفع بالبعض بالربط بين تلك الزيارة والجدل السياسي الدائر.. فهل هناك علاقة بين زيارة وفد المحكمة وتلك القضايا.. ومصير البشير وأعوانه؟

قال الخبير السوداني في شؤون المحكمة الجنائية الدولية عامر حسبو، إن "زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليس له أي ارتباط بقضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما أن تلك الزيارة لا علاقة لها أيضا بالأوضاع السياسية القائمة في السودان".

قرار المحكمة
وأضاف لوكالة سبوتنيك الروسية: "هناك مذكرة توقيف بحق البشير و51 من أعوانه صدرت من المحكمة في العام 2009 بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم، وهو الأمر الذي ترتبت عليه الأوضاع في تلك المرحلة المناسبة بعد سقوط حكم البشير".

المواقف السياسية
وتابع حسبو، "تلك الزيارة التي تقوم بها فاتو بنسودا المدعي العام، ارتبطت بعدة أحداث في الداخل ما عجل بتلك الزيارة، حيث أنه في يونيوالماضي سلم منسوبي مليشيات الجنجويد "علي كوشيب" نفسه للمحكمة وهو أحد المطلوبين في القائمة، وهدف الزيارة هو التباحث حول كيفية تسليم المتهمين إلى المحكمة في "لاهاي" بالتعاون مع السلطات السودانية".

وأوضح خبير الجنائية الدولية أن "تلك الزيارة لا ترتبط بأي مواقف أو ارتباطات سياسية مثل التطبيع مع إسرائيل وغير ذلك، لكن يمكن أن يكون للزيارة تأثير غير مباشر على وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما أن وجود البشير وأعوانه في السجون السودانية وارتباطهم وأعوانهم قد يكون له تأثير على الوضع السياسي في البلاد، وإذا كان هناك تجاوب من مجلس السيادة السوداني فإن ذلك قد يسهم في تخفيف القيود المفروضة على السودان لكي يساهم في الاستقرار الدولي".

وأشار حسبوا إلى "أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها، قبل العام 2003 وبعدما تم الإثبات بالأدلة الدامغة بوجود إبادة جماعية في منطقة دارفور، حينها لم يكن السودان عضو دائم في الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقديم المتهمين بارتكاب جرائم حرب للجنائية الدولية واستمر الأمر حتى العام 2009، وناك فرق بين مثول المتهم بإرادته أمام الجنائية الدولية دون إجبار أو إكراه أو أمر تنفيذي".

وأكد حسبوا أن "المدعي العام ومنسوبي الجنائية المتواجدين الآن في السودان لن يخرجوا منها إلا بضمانات، والمثول أمام المحكمة يتيح للمتهم إن أراد أن يحاكم داخليا، وفي تلك الحالة لا بد لمحكمة الجنايات الدولية أن تتعامل مع السلطات السودانية، لأن مثل تلك القضايا الكبرى المتعلقة بالتطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب لابد أن تكون هناك إجراءات رادعة وعاجلة، وهناك خياران أمام المتهمين المحاكمة في السودان برعاية دولية من المحكمة أو المثول أمام المحكمة في لاهاي، وهنا لا بد أن تتجاوب الأمم المتحدة مع القضاء السوداني".

ووصفت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية  فاتو بنسودا في تصريحات سابقة في تعليقها على مثول علي كوشيب في يونيو الماضي، أحد المتهمين الرئيسيين في جرائم الحرب التي قام بها نظام عمر البشير، في إقليم دارفور غرب السودان ما حدث اليوم أمام المحكمة الجنائية الدولية "إنجاز كبير".

حل المشاكل العالقة
وحول قيام علي كوشيب أحد أهم المطلوبين للمحكمة الجنائية بشأن جرائم الإبادة الجماعية في دارفور والذي سلم نفسه للمحكمة في يونيو الماضي قال الخبير السوداني في القانون الدولي الدكتور أحمد المفتي، إن "القبض على كوشيب وتسليمه للجنائية الدولية قد يتبعه الكثير من الخطوات في سبيل حل المشاكل العالقة بين المحكمة والسودان، وبدا ذلك واضحا في تصريح مدعية المحكمة الجنائية الدولية بأنه يمكن عبر الحوار مع الحكومة السودانية، محاكمة باقي الأشخاص الذين تطلبهم، بما فيهم البشير، داخل السودان، وبذلك تكون قد رفعت الحرج عن المكون العسكري لمجلس السيادة".

وأضاف خبير القانون الدولي في حديث سابق لـ"سبوتنيك"، "مثول كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية يبدو أنها صفقة لم تعلن تفاصيلها بعد، حيث لم تعلن المحكمة من قبل نقل جلساتها إلى بلد المطلوبين، وتلك هي المرة الأولى التي تعلن فيها مدعية المحكمة استعدادها لذلك، فهى تجربة جديدة على المحكمة".

المطلوبون الآخرون
وأشار المفتي إلى أن "المطلوبين حاليا من السودانيين بعد كوشيب هم أربعة أشخاص، ولا أعتقد أن تجربة كوشيب سوف تكون مقنعة لأسر الضحايا، لأن العدالة الانتقالية أفضل لهم، ولأن العادات والتقاليد في السودان، لا تسمح على سبيل المثال بتقديم أدلة عن الاغتصاب للمحكمة، لأن في ذلك تشهير بالأسرة، كما أن أدلة إثبات الجرائم صعبة لأن الشك يفسر لصالح المتهم، وذلك أمر لا تقبل به أسر الضحايا".

وأوضح المفتي: "إضافة إلي ذلك فإن القانون الدولي لا يلزم الدول بالاتفاقيات التي ليست هي طرف فيها "اتفاقية فينا لقانون المعاهدات" ومجلس الأمن فعل ذلك، على الرغم من أن  السودان سحب توقيعه من نظام روما"، مضيفا: "مجلس الأمن ملزم بالقانون الدولي، لكنه انتهكه، وذلك الأمر يثأر أمام مؤتمر الدول الأعضاء في ميثاق روما لإلغاء المادة (13 ب) من ميثاق روما، أو أمام محكمة العدل الدولية وليس أمام المحكمة الجنائية الدولية".

واندلع النزاع في دارفور عام 2003 بين ميليشيات موالية للحكومة ومتمردين يطالبون بوضع حد "للتهميش الاقتصادي" لمنطقتهم وتقاسم السلطة مع حكومة الخرطوم، وخلف النزاع نحو 300 ألف قتيل، وحوالي 2.7 مليون نازح بحسب الأمم المتحدة.

جرائم حرب
قال الدكتور محمد مصطفى مدير المركز الأفريقي العربي لبناء ثقافة الديمقراطية والسلام في السودان"، إنه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي قد تم تحويل ملف جرائم دارفور للمحكمة الجنائية لغرض التحقيق وتوجيه تهم للمتورطين، وبعد جمع الأدلة والاستماع لأقوال الشهود وجهت المحكمة الجنائية الدولية تهما تتعلق بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية لرئيس جمهورية السودان المشير عمر حسن أحمد البشير عام ٢٠٠٨.

وأضاف لـ"سبوتنيك"، كما وجهت ذات التهم لأحمد هارون وعلي كوشيب وعبد الرحيم محمد حسين وآخرين، ولأن البشير على رأس النظام رفض المثول أمام المحكمة، كما رفض تسليم أي متهم وظل متمسكا بالسلطة مستخدما كل الوسائل الخشنة للبقاء فيها إلى أن انتفض الشعب وأطاح بنظامه.

وبات من المعروف، أن من أهم مطالب الثوار هو "تحقيق العدل بإنصاف المظلومين ومحاسبة المجرمين وكذا مطالب القوى الثورية المسلحة وفي مقدمتها العدالة الإنتقالية، تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، حيث لا يتحقق السلام العادل ولا يسكت صوت البندقية دون تسليم كل المطلوبين للمحكمة الجنائية، ومحاسبة بقية المجرمين وفقا للقانون الجنائي السوداني الذي يتسق مع الوثيقة الدستورية الانتقالية".

التسليم للمحكمة
وتابع مدير المركز الأفريقي العربي، في تقديري أن تسليم البشير وأعوانه للجنائية أفضل لهم من محاكمتهم بالقانون الجنائي السوداني، لأنهم وإذا تمت محاكمتهم في السودان سوف يكون مصيرهم حبل المشنقة لأن القانون الجنائي السوداني يجيز حكم الإعدام، لكن إذا سلموا للمحكمة الجنائية سوف يعيشون في السجون حياة رغدة، ‪‎‪والحكومة الانتقالية قادرة على ذلك بحكم الوثيقة الدستورية الانتقالية وبحكم الشرعية الثورية وبإرادة الثوار وصوت الشارع العام الذي يدعم بشدة سيادة حكم القانون وإجراء العدالة الانتقالية.

وأشار مصطفى إلى أن التسليم للجنائية أو البقاء في السودان بالنسبة للمتهمين هم خيارين أحلاهما مر ولكن التسليم بالنسبة لهم أهون وأرفق بهم، فالمحكمة الجنائية لا تجيز حكم الإعدام الذي يجيزه القانون السوداني.

وفي مايو 2019، تقدم محامون سودانيون بعريضة قانونية للنائب العام بالعاصمة الخرطوم، ضد البشير ومساعديه، بتهمة "تقويض النظام الدستوري عبر تدبيره الانقلاب العسكري عام 1989"،

وفي 30 يونيو 1989، نفذ البشير انقلابا عسكريا على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ما عرف بـ"ثورة الإنقاذ الوطني"، وخلال العام ذاته أصبح رئيسا للبلاد.
وأُودع البشير، سجن كوبر، شمالي الخرطوم، عقب عزل الجيش له من الرئاسة، في 11 أبريل الماضي، بعد 3 عقود في الحكم، تحت وطأة احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية 2018

قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، إن زيارتها للسودان تاريخية، مشيرة إلى أنها تبحث التكامل مع القضاء السوداني خلال تلك الزيارة.

ذكرت ذلك وكالة الأنباء السودانية "سونا" اليوم الأحد، مشيرة إلى أن الزيارة لها شقين أولهما الاجتماع بالمسؤولين السودانيين حول عمل المحكمة الجنائية الدولية في دارفور وكيفية تنسيق التكامل بين عمل المحكمة وعمل الجهاز القضائي السوداني حول موضوعات ذات الصلة بدارفور.

والثاني هو كيفية الحصول على تعاون السلطات السودانية في جمع المعلومات ذات الصلة بقضية عبد الرحمن كوشيب.

ووصل وفد المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان، أمس السبت، بقيادة المدعي العام للمحكمة فاتو بنسودا، في زيارة تستمر حتى 21 أكتوبر الجاري.

وأكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في أغسطس/ الماضي، أنه لا بد من الإسراع في محاكمة الرئيس السابق عمر البشير وآخرين في قضايا الفساد والانقلاب، لافتا إلى أهمية العمل على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بمثول المتهمين أمامها.