الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

برعاية روسية.. اتفاق هش لوقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان

الرئيس نيوز

في إعلان روسي مفاجئ، ربما ينهي النزاع الدموي المُندلع في إقليم "قارة باغ" بين أرمينيا وأذربيجان، وخلف مئات القتلى والجرحى من الطرفين، إذ أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقت مبكر اليوم، أن أرمينيا وأذربيجان اتفقتا على وقف إطلاق النار في نزاعهما حول الإقليم.

روسيا تدعم أرمينيا، وبينهما اتفاق للدفاع والتعاون العسكري المشترك، فيما تدعم تركيا أذربيجان وتعتبرها بوابتها الخلفية لمنطقة القوقاز الاستراتيجية، وتعتمد على إمدادات الطاقة التي تأتيها من أذربيجان، لسد العجز من الغاز، وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي عالي التكلفة. 
بعد أكثر من عشر ساعات من محادثات السلام في موسكو مع نظيريه الأذربايجاني والأرميني، قال لافروف إن وقف إطلاق النار في الإقليم المتنازع عليه سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من ظهر اليوم السبت. وأضافت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن الدولتين ستستغلان وقف إطلاق النار لتبادل الأسرى واستعادة القتلى.

أوضح الوزير الروسي أنه سيتم العمل من أجل التوصل إلى مزيد من التفاصيل بشأن وقف إطلاق النار بينما تستمر محادثات السلام تحت رعاية ما يسمى بمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ولقي مئات الأشخاص حتفهم في أحدث تصعيد للصراع المستمر منذ عقود بين الجمهوريتين السوفييتية السابقتين حول "قارة باغ"، والذي بدأ قبل نحو أسبوعين، واستمر القتال يوم الجمعة، حتى في الوقت الذي كان فيه جيهون بيراموف وزوهراب مناتساكانيان، وزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا على التوالي، يبحثان سبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في موسكو.

 وتقول أرمينيا إن 320 من جنودها قتلوا في القتال بينما لم تعلن أذربيجان عدد جنودها الذين قتلوا رغم أنها قالت إن نحو 30 مدنيا قتلوا،
ويرجح مراقبون أن تُعاود تركيا تأجيج الصراع مرة أخرى؛ رغبة منها في الحفاظ على مصالحها. خاصة أن أنقرة حشدة حتى الآن نحو 5000 مرتزق للقتال إلى صالح أذربيجان. 



ماذا تريد تركيا؟
تركيا التي لا تستنكف عن إعلان الدعم الصريح لأذربيجان، لها أطماعها التي لا يمكن غض الطرف عنها، فهي ترى أن منطقة القوقاز استراتيجية بالنسبة لها ولا يمكن تركها لأي دولة تملئ الفراغ هناك، والنظام التركي يرى أن أذربيجان هي البوابة الخلفية لذلك، معتمدًا على مشتركات اللغة والقوميات. وأردوغان لطالما ردد مقولة شعب واحد لدولتين.

لكن يبقى التساؤل: لماذا تعد تلك المنطقة استراتيجية بالنسبة لأدروغان؟.. وفق أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الروسية، عمرو الديب، الذي تحدث مع "انديبندنت عربية"، فإن أذربيجان واحدة من الدول الست المستقلة عام 1991، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وتركيا يهمها جداً أن تظهر كدولة داعمة لأذربيجان باعتبارها دولة ناطقة بالتركية، وتضم شعباً ينتمي للقومية التركية، إذ تسعى أنقرة إلى ممارسة نفوذ كبير في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وحتى حدود الصين، في منظمة الدول الناطقة بالتركية، وهي أحد المشاريع الجيوبولتيكية التركية، البديلة لمشروع العثمانية الجديدة، أي مشروع الطورانية أو طوران الكبرى.

وعن الهدف من ذلك المشروع، يقول الديب: "المشروع هدفه مواجهة نفوذ روسيا وإيران في تلك المنطقة"، موضحًا أن تركيا تسعى من خلال التصعيد الراهن إلى مواجهة الضغوط التي تتعرض لها في شرق المتوسط وليبيا وسوريا، ما جعلها تتجه لإثارة الصراع الموجود بالفعل منذ عشرات السنين في منطقة ناغورني قارة باغ، وإثارة هذا النزاع، وبالتالي هي تريد أن تضع موسكو في حرج شديد لأنها ترتبط بعلاقات قوية مع أذربيجان، لكنها في الوقت نفسه تتمتع بعلاقات استراتيجية مع أرمينيا، وعليها التزام قانوني تجاهها بالدفاع عنها كدولة عضو بمنظمة الأمن الجماعي، وتركيا تحاول أن تضع أمام موسكو خياراً واحداً، إما أذربيجان أو أرمينيا، وبالتالي فستختار أرمينيا، وستحاول تهدئة غضب أذربيجان من خلال إرضاء تركيا بتنازلات في شمال سوريا، لتبتعد عن إثارة الصراع في آسيا الوسطى.

وتضم الأراضي الأذرية خطوط أنابيب النفط "باكو - تبيليسي – جيهان" و"باكو – سوبسا"، التي تنقل النفط الخام الأذربيجاني بشكل أساسي إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، فضلاً عن خط أنابيب الغاز الطبيعي في جنوب القوقاز، وهو عنصر أساسي في الممر الجنوبي للاتحاد الأوروبي، والذي سيضخ قريباً الغاز الأذربيجاني إلى الاتحاد الأوروبي عبر جورجيا وتركيا.

كما أن الطريق السريع بين أذربيجان وجورجيا، هو جزء من ثاني أطول مشروع طريق في أوروبا، ويربط ساحل فرنسا بحدود قيرغيزستان والصين، وكذا خط سكة حديد كارس - تبليسي، يوفر ربطاً استراتيجياً مماثلاً، وتضاف إلى ذلك كابلات الألياف الضوئية التي تربط أوروبا بآسيا الوسطى وما وراءها.


"توفوز" الاستراتيجية
سبب ثالث وراء تأجيج تركيا الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، أن أردوغان يسعى لردع أرمينيا، بعد تطوير هجومها المدفعي في منطقة "توفوز" الاستراتيجية؛ لكونها تحوي خطوط الغاز الأذربيجاني الذاهبة إلى تركيا، وبالتالي أصبحت الاشتباكات في تلك المنطقة تهديد لمصالح أنقرة.

أما عن الهدف الرابع لأردوغان من تلك الحرب؛ فإن تركيا تستورد نحو 42% من احتياجاتها من الغاز من أذربيجان، وبأسعار تفضيلية، وبالتالي بات على الرئيس التركي الدفاع عن باكو – عاصة أذربيجان – كجزء من سياسة الحفاظ على مصالحهما.