الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حرب التفكير والتكفير.. لماذا منع الإرهاب تدريس الفلسفة في إدلب السورية؟

الرئيس نيوز

حظرت هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على محافظة إدلب السورية، دراسة الفلسفة والدورات ذات الصلة بتخصص الفلسفة في جامعات المنطقة، كما حظرت أي منتديات فلسفية أو أحداث ثقافية وكذلك منشورات حول الفلسفة.

حرب أيدولوجية
ويؤكد منتقدو الجماعة، بمن فيهم نشطاء من الثورة السورية وأكاديميون لا يعيشون تحت نطاق سيطرتها، أن حظر الفلسفة يأتي في إطار حرب هيئة تحرير الشام الأيديولوجية على التفكير النقدي، وطرح الآراء بشكل عام.

 وسيطرت هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب مطلع عام 2019 بعد هزيمة حركة نور الدين الزنكي، التي كانت تسيطر على مناطق بريف حلب الغربي، وكان تشكيلها للحكومة يعني عدم وجود فصائل أخرى لها رأي في إدارة إدلب، وصنفت الهيئة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في عام 2018 وفرضت عقوبات دولية على المنظمة.

في العام 2013، قامت مجموعة تابعة لجبهة النصرة، هيئة تحرير الشام الآن، بقطع رأس تمثال أبو العلاء المعري، الفيلسوف والشاعر والكاتب العربي الكفيف، في مسقط رأسه في شمال غرب سوريا، معرة النعمان، لأنه بالنسبة لبعض الفصائل الجهادية كان تجسيدًا للإلحاد والبدعة ويجب تدميره، وفي العام نفسه، دمر تنظيم داعش الهمجي تمثال الخليفة العباسي هارون الرشيد في الرقة، بحجة أن عبادة الأصنام محظورة في الإسلام.

أعداء الفلسفة
 وقال عمر جوهر مدرس 30 عاما حاصل على بكالوريوس فلسفة، لصحيفة "جلوبال نيوز" الكندية": "في بداية المد الجهادي وصعود الجماعات المتطرفة في عامي 2013 و 2014 في سوريا، تعرضت للإهانات والتخويف كثيرًا.. وفي وقت ما من عام 2013، كنت في مدينة تابعة لإدلب، ودخلت المسجد للصلاة.. كان شيخ ينتمي لجبهة النصرة في ذلك الوقت يلقي محاضرة لمجموعة من الطلاب.. دعاني للانضمام إلى الدورة.. وسألني عن خلفيتي الأكاديمية، وكنت متوترًا للغاية لإخباره أنني درست الفلسفة.. عندما فعلت ذلك، ظل يتمتم، لا حول ولا قوة إلا الله، وكأنه يشير إلى وقوع كارثة".

أضاف جوهر:"دعاني الشيخ للتكفير عن كتب الفلسفة والتحول إلى النصوص الدينية بدلاً من ذلك.. وكان الطلاب ينظرون إلي بازدراء وكأنني كافر لتخصصي في الفلسفة".. ويعيش جوهر الآن في أحد مخيمات النازحين في دير حسن بريف إدلب الشمالي الشرقي، وتدفع له منظمة خيرية لتعليم الأطفال القراءة والكتابة.

في السياق نفسه، تحدث المونيتور مع عبد الكريم العويد، الحاصل على إجازة في الفلسفة من جامعة حلب، مع عدم وجود فرص عمل في مجاله، لذلك يقوم الآن بتعليم الأطفال، قائلا: "كنت أتعرض باستمرار لمضايقات من قبل التكفيريين الذين يعتبرون الفلسفة شكلاً من أشكال الإلحاد".

وقال مأمون محمود، خريج فلسفة آخر من جامعة حلب، لموقع "المونيتور" الأمريكي: "لقد عانيت كثيرًا أثناء دراستي، وبمجرد تخرجي، لم أجد وظيفة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات الجهادية.. لهذا السبب توجهت إلى تركيا وأعمل الآن في مجال البناء"، بينما قال خالد عبد الجليل، الحاصل على ليسانس الفلسفة من جامعة دمشق: "كنت أدرّس الأطفال في مدرسة يديرها أحد الفصائل المحسوبة على جبهة النصرة آنذاك. أجبروني على إجراء اختبار ديني لمعرفة ما إذا كنت قد تأثرت بالفلسفة وتحولت إلى الإلحاد.. ثم جعلوني أحضر دورة في الشريعة لأتعلم عن الدين وأعلم الأطفال بذلك".

وتابع: "أنا الآن أعيش في قرية بريف إدلب الغربي وأعلم الأطفال. أتقاضى راتبي من حكومة الإنقاذ من خلال منظمة معينة.. لكنني لا أعمل في مجالي".

العقيدة الجهادية
ومن جانبه، قال عرابي عادل الحي عرابي، الباحث في مركز جسور للدراسات والفيلسوف من حلب والمقيم حاليًا في تركيا، لـ"المونيتور": "ترفض جميع الجماعات الجهادية الفلسفة والمجالات ذات الصلة في مناطق سيطرتها، سواء كانت طالبان، أو القاعدة أو داعش أو هيئة تحرير الشام.. الفلسفة هي دراسة ومناقشة الأفكار.. وهذا يتناقض مباشر مع العقيدة الجهادية التي ترفض هذا المفهوم رفضًا قاطعًا.. لأن الفلسفة تقوم على المنطق".

وأوضح أن "الجماعات الجهادية تسعى إلى إزالة أو تدمير أي نص أو مادة تعتقد أنها تشكل تهديداً لدينهم أو نصوصهم الدينية.. بالنسبة لهم، الفلسفة بدعة".