الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«ثمار التطبيع».. لبنان تسعى للخروج من أزمتها بترسيم الحدود مع إسرائيل

الرئيس نيوز

بينما تعيش لبنان أزمة فراغ في السلطة، على خلفية فشل المبادرة الفرنسية؛ لتشكيل حكومة مستقلة تدير المشهد، تمهيدًا لضخ أموال تمكن الحكومة من تجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة، وقعت لبنان فجأة ومن دون مقدمات إتفاقًا إطاريًا مع الاحتلال الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية والبرية، برعاية أمريكية، الأمر الذي ربما يُمهد لما هو أكثر من ذلك من تطبيع للعلاقات بين الجارتين المتحاربتين.

وعلى الرُغم من أن ترسيم الحدود البرية والبحرية لا يعني بالضرورة توقيع اتفاق تطبيع، إلا أنه لا يمكن تجاوزه من دون الحديث عن تداعياته ومدى تأثيره على المشهد اللبناني، وأبرز اللاعبين فيه (حزب الله) أنشط ذراع إيرانية في المنطقة. 

ومن المقرر أن تبدأ أولى جلسات الترسيم بين لبنان وإسرائيل، بشكل مباشر، في النصف الثاني من أكتوبر الجاري، برعاية أمريكية.


نزاع بحري
بين لبنان وإسرائيل نزاع على منطقة في البحر المتوسط، تبلغ نحو 860 كم مربع، تعرف بالمنطقة رقم 9 الغنية بالنفط والغاز، وأعلنت بيروت في يناير 2016، إطلاق أول جولة تراخيص للتنقيب فيها، وبالفعل أظهرت نتائج المسح السيزمي أن المناطق البحرية اللبنانية في المتوسط غنية باكتشافات الغاز والنفط.

وتتحدث تقارير، بأن المتفاهم عليه بين واشنطن وإسرائيل، والذي قد يكون تمهيداً للتفاهم على ترسيم الحدود البحرية في الشاطئ اللبناني الجنوبي، العودة إلى الخط الذي رسمه السفير فريدريك هوف الذي كان كُلِّف بالتوسط بين لبنان وإسرائيل لحل النزاع البحري على 850 كيلوامتر مربع، وقد انتهى بعد جولات من المناقشات في بيروت وفي إسرائيل، العام 2012، إلى وضع خريطة ترسم خطاً في المنطقة المتنازع عليها.

وفق هذا الخط يحصل لبنان بموجبه على أكثر من 58 %  من تلك المساحة، ما يعني حصوله على نحو 500 كيلوامتر مربع، مع حقه في استثمارها تنقيباً عن الغاز، فيما تبقى المساحة المتبقية والتي تُقدر بـ350 كيلوامتر مربع، في عهدة إسرائيل، لكن من دون أن تستثمرها في انتظار التفاوض الرسمي على ترسيم نهائي للحدود البحرية، لكن نبيه بري الذي كان يتولى التفاوض في حينها، بتفويض من "حزب الله"، كاد يقبل بهذه الصيغة، لكنه رفضها في اللحظات الأخيرة.


موقف حزب الله 
كان غريبًا أن يأتي إعلان التوصل لاتفاق إطاري مع إسرائيل، عبر لسان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الذي يعد حليف (حزب الله) القوي في لبنان، ما يعني أن الجماعة اللبنانية المسلحة، أعطت الضوء الأخضر، للانطلاق باتفاق الإطار لترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل، بعد سنوات من جهود ومساع أمريكية لحل الأزمة.

حزب الله لم يكن ليوافق على \خطوة الاتفاق الإطاري مع إسرائيل، إلا إذا كان قد حصل على ضوء أخضر من حليفته إيران، وقبول الحزب بالاتفاق الأطاري تعني أنه بدأ فعليًا في الاعتراف بالكيان المحتل، إذ يعني التوقيع الاعتراف بشرعيته. فالدولة اللبنانية وجميع أركانها سلكت طريق "الاعتراف بإسرائيل"، قبل التوصل إلى أي نتيجة.

مكاسب لبنان
ربما تعود أسباب موافقة لبنان على الذهاب نحو التفاوض إلى الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية، وتكثيف الضربات والأزمات الاقتصادية التي يعيشها لبنان، والخلاص من الأزمات، إذ لا أمل في الحصول على تدفقات مالية من جهات مانحة دوليًا في الوقت الحالي، وبات التعويل على الثروة النفطية والغازية الموجودة في المتوسط.

إلا أن دخول لبنان في نادي الدول المُصدرة للطاقة الموجودة في شرق المتوسط لن يتحقق في الوقت القريب، إذ يحتاج على الأقل لنحو 5 سنوات لحين الاستقرار على الاكتشافات والبدأ في تركيب تصميمات الحقل والبدء في عملية الانتاج والإصدار، فضلًا عن أن عملية التفاوض على الترسيم من المؤكد أنها ستكون شاقة وطويلة.

وإذا ما نجحت لبنان في عملية الترسيم، فإنها من المُقرر أن تجني الكثير خصوصا على المستوى الاقتصادي، فلا حلول في الأفق للبنان سوى ثروته النفطية.


مكاسب الاحتلال 
أما إسرائيل فتعتبر أنها حققت تقدما كبيرا مع دولة مجاورة معادية سببت لها الكثير من الأزمات والمشاكل والاخفاقات بدءا من الانسحاب الإسرائيلي من بيروت عام 1982 وصولا إلى الانسحاب الكلي عام 2000، وفشل حرب تموز عام 2008. 

إسرائيل من جهة أخرى تريد ترسيم حدودها البحرية مع جميع دول شرق المتوسط، حتى تتمكن من البدء في التنقيب عن الغاز، وإتمام مشروعها "إيست ميد". 
 
أما واشنطن، فالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أضاف إلى سجله انجازا جديدا قبيل انطلاق الانتخابات الرئاسية، بعد مسلسل الانجازات المتصلة باتفاق السلام بين الدول الخليجية وإسرائيل، حيث يقدم ترامب نفسه للعالم والأمريكيين والإسرائيليين أنه رجل سلام وتفاوض، قادر على تحقيق ما عجز أسلافه عن تحقيقه والذي قد يساعد على بقاءه جالسا على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.