السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"رعونة الجنرالات".. الجيش التركي يدفع أردوغان للمواجهة مع الأوروبيين

الرئيس نيوز

رصدت الصحف الأمريكية والبريطانية التصعيد التركي الأخير تجاه الدول الأوروبية على أنه يعكس موقفًا تصادميًا من جانب جيشها قد يؤدي قريبًا إلى مواجهة عسكرية في منطقة شرق المتوسط.

وقالت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية الإخبارية إن الأوروبيين خاصة فرنسا واليونان، يبدون عنادًا في رفض تحركات تركيا غير القانونية الهادفة إلى استغلال ثروات النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط على حساب بقية دول المنطقة وخاصة اليونان.

عداوة الجيش التركي 


وأضافت صحيفة "آراب ويكلي" اللندنية أن المناورات الجوية العسكرية التركية فوق جزيرة جاليبولي حملت رسائل تهديد للأوروبيين وتذكير بمعركة جاليبولي الشهيرة خلال الحرب العالمية الأولى، حيث تعرضت قوات التحالف (بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وفرنسا) لهزيمة مدوية. 

وفشلت في غزو اسطنبول، عاصمة الإمبراطورية العثمانية في ذلك الوقت، والتي كانت بوابة رئيسية للأوروبيين للوصول إلى الجزء الشمالي الشرقي من الإمبراطورية العثمانية دعماً لروسيا ضد القوات الألمانية.



ولفتت صحيفة The Weekly الأمريكية إلى أن الأتراك لديهم حساسية خاصة تجاه أي تحالف يوناني فرنسي. 

بين عامي 1919 و1922، تمكن مثل هذا التحالف من السيطرة على مناطق واسعة من تركيا وحتى الوصول إلى أبواب أنقرة، مما دفع الزعيم التركي كمال أتاتورك لشن حرب ضد التحالف بعد أن حشد من أجل قضيته الشعب التركي كله.

في عام 1922 شن الجيش التركي حملة تطهير عرقي أدت إلى إحراق أجزاء كبيرة من الأحياء المسيحية في مدينة إزمير، وكانت إحدى نتائج هذه الحملة إقامة تركيا الحديثة. 





ويجتر العثمانيون الجدد ذكريات الماضي كثيرًا، فقد نشر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار صورة تحدى فيها نفسه وهو جالس داخل طائرة مقاتلة من طراز F-16 في قاعدة جوية عسكرية في إسكيشير، غربي تركيا، خلال رحلة تدريبية فوق شبه جزيرة جاليبولي.

وتعزز صورة أكار الحجة التي تزعم أن القادة العسكريين المتشددين في تركيا هم من يوجهون أردوغان أكثر مما يوجههم، خاصة وأن العلمانيين بينهم تم إبعادهم على خلفية الاشتباه في تورطهم في انقلاب 2016 الفاشل. 

أردوغان مع الضباط العسكريين


وقالت الكاتبة السياسية التركية إلهان تانير: "كان أردوغان جزءًا من التحالف مع الضباط العسكريين  المناهضين للغرب". هؤلاء هم نفس الضباط الذين كانوا يدافعون عن السياسات التوسعية في بحر إيجه والبحر المتوسط وبحار أخرى، ويروجون للاتفاقية البحرية مع ليبيا. هذه العلاقة مفيدة للطرفين، حيث يتلقى أردوغان الموافقة على سياساته في ليبيا ويحصل العسكريون على الاعتراف والتأثير والشهرة".

وأضافت تانير: "تمكن أردوغان من قمع المعارضة في وسائل الإعلام و الجيش التركي والدولة، وعندما أصبح رئيس الأركان السابق خلوصي أكار وزيراً للدفاع، اكتسب أردوغان سيطرة أكبر على جيش. وهكذا لم يتبنَّ أردوغان أسس الضوابط والتوازنات في الرتب المدنية أو العسكرية ".



يتوقع هنري جيه باركي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ليهاي بالولايات المتحدة، تصاعد المواجهة في البحر الأبيض المتوسط إذا ظل الأتراك، الذين لديهم قوات بحرية وجيش كبيرة في المنطقة، مصرين على طموحاتهم فيما يتعلق بثروات شرق البحر الأبيض المتوسط.

لم يستبعد باركي، الذي يعمل كمساعد باحث أول لدراسات الشرق الأوسط في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، أن خطاب أردوغان المتحدي يهدف إلى محاولة دفع الأطراف الأخرى في البحر الأبيض المتوسط لإدراج تركيا في المفاوضات حول تقاسم موارد المنطقة، وهو أمر مستبعد الحدوث نظرًا لأن القانون الدولي يقف في صف اليونان.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن دول البحر الأبيض المتوسط السبع تريد "حوارًا بحسن نية" مع تركيا، التي تقود سياسة توسعية في البحر المتوسط. وأشار إلى "الرغبة في بدء حوار مسؤول وإيجاد توازن دون أي سذاجة وبحسن نية". واكتسبت المعارضة الدولية لمشروعات أنقرة في البحر المتوسط زخمًا، حيث رفعت واشنطن حظر الأسلحة المفروض على قبرص، وتفاوضت اليونان على شراء طائرات مقاتلة من فرنسا.
في منتصف أغسطس، أرسلت فرنسا مقاتلتين من طراز رافال وطائرة دعم لتتمركز في قاعدة أندرياس باباندريو الجوية في منطقة بافوس في قبرص، في إطار اتفاقية عسكرية تم تفعيلها مؤخرًا بين فرنسا وقبرص. كانت الخطوة الفرنسية رسالة تحذير موجهة لأنقرة.

ويرى مراقبون أن بؤرة الأزمة تحولت الآن بالكامل من ليبيا إلى المنطقة البحرية المقابلة لقبرص، الأمر الذي يؤكد أن ليبيا كانت مجرد عرض جانبي لأمراض تركيا التوسعية. في المقابل، حذّر أردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم السبت 12 سبتمبر مع تصاعد التوتر بين البلدين بشأن الوضع في شرق البحر المتوسط. وقال أردوغان خلال كلمة أذاعها التلفزيون في اسطنبول "لا تسعوا للشجار مع الشعب التركي ولا تسعوا للخلاف مع تركيا" في إشارة إلى الانتقادات الشديدة التي وجهها الرئيس الفرنسي لأنقرة في سياق الصراع بين تركيا واليونان حول التنقيب عن النفط في البحر المتوسط.


تابع أيضاً:



وحث إيمانويل ماكرون ونظرائه الستة في الاتحاد الأوروبي تركيا على إنهاء سياسة "المواجهة" في شرق البحر المتوسط وهددوها بعقوبات أوروبية إذا استمرت أنقرة في تحدي حقوق التنقيب عن الغاز بالمناطق التابعة لليونان وقبرص في المنطقة. كما اعتبر ماكرون أن الحكومة التركية تنتهج "سلوك غير مقبول" ويجب أن "توضح نواياها".

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، السبت، عن برنامج "هام" لشراء الأسلحة وإعادة تنظيم القوات المسلحة في البلاد. 
وقال إن اليونان ستحصل على 18 مقاتلة من طراز رافال، فرنسية الصنع، إضافة إلى فرقاطات وطائرات هليكوبتر، وتجنيد 15 ألف جندي إضافي وتمويل صناعة الدفاع، مؤكدًا: "لقد حان الوقت لتعزيز قواتنا المسلحة". وقال رئيس الوزراء في كلمة ألقاها في ثيسالونيكي "هذا برنامج مهم سيشكل درعًا وطنيًا"، واتهم تركيا "بتعريض الأمن الإقليمي للخطر".