الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: النائب الفاشل والناخب المقموص

الرئيس نيوز

أظهرت انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، حالة عزوف شعبي عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وهي بالطبع مؤشر خطير على تطور الحياة السياسية في المرحلة الحالية التي تعاني بالأساس، وينذر باستمرارها في الانحدار، خاصة وأن ما حدث وجه رسالة واضحة البنود بشأن ثقة الناخب في الأحزاب وتدني قدرتها على الحشد.

بالطبع هناك العديد من الأسباب التي أفضت إلى هذا الأمر سواء فيما يخص الناخب أو الأحزاب، ولكن المجال حاليا لا يتسع لذكرها، وقد أتناولها بالتحليل في كتابات لاحقة، أمَا وإنِّنا على عتبة انتخابات مجلس نواب في الأسابيع القليلة القادمة، فأشعر بمسئولية على عاتقي في محاولة توضيح بعض الأمور للناخبين.

أعلم يقينا أن هناك حالة عامة من عدم الرضا على أداء مجلس النواب في مجمل أداؤه، وأن الشعب حانق على توجهات المجلس الحالي ويحمل في قلبه العديد من الضغائن بحقه، ورغم أنه -الشعب- قد يكون محقا في كل ذلك، إلا أن آلياته في تقييم مجلس النواب، لم يصيبها كثيرا من المعايير المنطقية والجديرة بالأخذ في الاعتبار.

أول هذه المعايير، أن المواطن هو من اختار نوابه وممثليه، وأن أداء نائبه هو انعكاس مباشر لاختياره، ومن ثم فإن كان المواطن لا يعجبه أداء المجلس، فعليه أولا أن يعيد تقييم اختيارته ويحرص على التوافق عليها بشكل صحيح.

والأكثر من ذلك هو أن المواطن لم يختار المجلس برمته ومن ثم فتقييمه يجب أن يقتصر على أداء نائبه، من خلال الفرز الفردي وليس الجمعي، خاصة وأن هذا المواطن عندما نزل وأدلى بصوته اختار نائبا واحد وليس كل البرلمان ومن ثم فتقييمه لنتيجة اختياره تقتصر على تقييم هذا النائب وليس كل المجلس.

أما فيما يخص الأحزاب والقوائم، فدورها ليس خفيًا وكذلك انحيازاتها، ومسئولية المواطن حاليا هو أن يقيس مدى تعبير هذه الأحزاب وبرامجها عن آماله ومشاكله وإلى أي مدى ينحاز الحزب حقًا للشارع والأسانيد التي يعتمد عليها في اتخاذ أي موقف سياسي أو تقييمي للحكومة، وبناءً عليه يحدد المواطن الحزب أو القائمة التي يجب أن ينحاز إليها في الانتخابات المقبلة.

ولكن العزوف عن المشاركة في الاختيار على سند من التقييم السلبي لأداء المجلس بشكل عام أو النائب بشكل شخصي، سوف يزيد الأمر سوءا -إن سلمنا بالتقييم السلبي للبرلمان- لأن الناخب إذا فضّل هذا الأمر فلن يعمل على إصلاح اختياره وبالتالي سوف يستمر انتخاب النواب بناء على معايير أخرى تزيد أداؤه سوءًا.

الاختيار السيء يتطلب محاولة إصلاح وليس تسليم بالأمر، والفرصة الآن سانحة ومسارها محدد قانونا، ولكن تجاهل الإصلاح أو "القمص" بسبب عدم الرضا عن الاختيار الأول، فالنتيجة السيئة التي أفرزها هذا الاختيار سوف تستمر وبشكل أكثر سوءا.

وبالطبع عندما يشعر المرشح "النائب" أن تقييمه قائم على أدئه بشكل فردي ومدى التزامه بتمثيل منتخبيه والتعبير عن آمالهم وصوتهم، فسوف يطور من أدائه حتى يكون على قدر المسؤولية، خاصة وأنه عندما يتيقن من وجود معايير لتقييمه واختياره فبالطبع سوف يتعامل مع ذلك ويحرص على هذا المعيار في أي توجه أو نشاط يقوم به، حتى ينفي عن نفسه وصف النائب الفاشل.