الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بخطوتين على الأرض.. كيف تسعى أمريكا وفرنسا لتطويق تركيا في شرق المتوسط؟

الرئيس نيوز

بينما تبدو محاولة أمريكية قطع الطريق على سياسات أردوغان، التي تكرس فعليًا شطر جزيرة قبرص المطلة على شرق المتوسط، إلى شمالية وأخرى جنوبية؛ رفعت واشنطن جزئياً ولمدة عام واحد الحظر الذي تفرضه منذ أكثر من ثلاثين عاما على بيع قبرص معدات عسكرية "غير قاتلة"، الأمر الذي أثار غضب نظام أردوغان، إذ اعتبر الخطوة انتهاكًا للقانون الدولي.

الخطوة الأمريكية تزامنت مع تصعيد فرنسا لخطواتها الخشنة ضد ممارسات تركيا في شرق المتوسط، إذ أبحرت أكبر قطعة بحرية في الأسطول الفرنسي (حاملة طائرات شارل ديجول) إلى شرق المتوسط، محملة بطائرات رفال ومعدات عسكرية متطورة، ما يعني أن أمريكا من جهة وفرنسا من جهة أخرى، بدأتا في اتخاذ خطوات فعلية على الأرض للجم أطماع أردوغان في شرق المتوسط.

خدمات دفاعية     
الخارجية الأميركية قالت في بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء أمس، إن وزير الخارجية مايك بومبيو أبلغ رئيس الجمهورية القبرصية، نيكوس أناستاسيادس، قراره رفع القيود على تصدير وإعادة تصدير وإعادة نقل مواد دفاعية غير قاتلة وخدمات دفاعية، وأن القرار مؤقت للسنة المالية 2021.

وجدد بومبيو دعم بلاده لحل شامل لإعادة توحيد الجزيرة في إطار اتحاد فدرالي، وأنه خلال يوليو الماضي أعلن تعزيز التعاون الدفاعي مع قبرص بشكل تمويل للتدريب العسكري.

الباحثة في الشؤون التركية، أميرة الشريف، قالت لـ"الرئيس نيوز": "من المؤكد أن الرد التركي على الخطوة الأمريكية، سيكون بالمثل وأنها ستبرم هي الأخرى اتفاقيات تسليح وتدريب عسكري مع المسؤولين في الشطر الشمالي لقبرص والذي تطلق عليه أنقرة جمهورية قبرص التركية. أما فيما يتعلق بخطوة فرنسا فهي مهمة للردع وليس للصدام أو استفزاز تركيا، فباريس فعليًا لا تريد الدخول في حرب في تلك المنطقة، لكنها تريد ردع أردوغان".

لفتت الشريف إلى أن أردوغان فعليًا يعرقل جميع مباحثات السلام بين شطري جزيرة قبرص؛ لكونه يرى أن مصلحة بلاده في استمرار الانفصال؛ لضمان توسيع مساحة تركيا في البحر المتوسط، حيث الاحتياطات الهائلة من الغاز والنفط، وأنه لو أقبل على إبرام اتفاقيات تسليح وتعاون عسكري ستزداد الأزمة تعقيدًا، لانه سيرى أن خطوته جاءت ردًا على القرار الأمريكي.

أكدت الشريف أن أزمة جزيرة قبرص معقدة، ولابد من أن يلعب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دورًا أكثر فاعلية في الأزمة، وقالت: "أردوغان يدرك مدى احتياج الاتحاد الأوروبي لجغرافية تركيا لذلك يلعب على ابتزاز الحلف، لتحقيق أكبر مكاسب له".

ورجحت الشريف أن تكون خطوة أمريكا تجاه قبرص، جزء من سياسة الضغط على تركيا، في إطار استمرار أنقرة في إثارة القلاقل في شرق البحر المتوسط، بالتعدي على حقوق اليونان.

كانت أمريكا فرضت حظرًا على توريد الأسلحة للجزيرة العام 1987؛ للتشجيع على إعادة توحيد الجزيرة التي تحتل تركيا شمالها منذ الغزو في 1974، لكن بحسب تقارير أمريكية فقد تبين أن هذا الإجراء غير مجد وان تركيا مستمرة في تكريس انفصال الجزيرة بدعمها الشطر الشمال من الجزيرة.

تلويح تركي
بدوره، أشاد السناتور الديموقراطي، بوب مينينديز، بالاعتراف بأهمية العلاقة مع قبرص كشريك استراتيجي موثوق. وقال في بيان إنه من مصلحتنا رفع هذه القيود القديمة على الأسلحة والمعمول بها منذ عقود، وتعميق علاقتنا بالأمن.
لكن وزارة الخارجية التركية دانت بشدة الرفع الجزئي للحظر ودعت واشنطن إلى التراجع عن هذا القرار، وزعمت أنه سيكون له انعكاسات سلبية على الجهود الرامية إلى إيجاد حل للمسألة القبرصية.
لوحت الوزارة في بيان من أنه إذا لم يحدث ذلك، ستتخذ تركيا إجراءات المعاملة بالمثل الضرورية لضمان أمن القبارصة الأتراك.

تصعيد فرنسي
في سياق أخر، قالت تقارير إن حاملة الطائرات الأكبر في الأسطول البحري الفرنسي، شارل ديجول، أبحرت نحو شرق البحر الأبيض المتوسط، مع عدد من الطائرات الحربية والغواصات.

ولفتت تقارير إخبارية، إلى أن السفينة التي تسير بالوقود النووي على متنها أعداد كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية، وهي مزودة أيضا بأنظمة مكافحة الغواصات ورادارات وصواريخ، وأنظمة الحرب الإلكترونية والتهديف.

وكشفت وزيرة الدفاع الفرنسية قبل أيام أن شارل ديجول ستبحر في المتوسط دون تحديد وجهتها، أما الصحف ووسائل الإعلام اليونانية فنشرت أخبارًا تفيد بإصدار الرئيس الفرنسي ماكرون قرارا بإرسال حاملة الطائرات شارل ديجول وعلى متنها عدد من الطائرات المقاتلة الفرنسية من طراز رافال، وأشار الإعلام اليوناني ‏إلى أن العديد من السفن والغواصات اليونانية سترافق حاملة الطائرات الفرنسية خلال تواجدها في شرق المتوسط.
وتشهد العلاقات التركية الفرنسية توترًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد اعتراض البحرية التركية لسفينة حربية فرنسية، والأمر نقل الخلافات إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقررت فرنسا دعم قبرص واليونان في ظل التوترات التي يشهدها البحر المتوسط بسبب التنقيب التركي عن مصادر الطاقة في مناطق تقول اليونان إنها تتبع جرفها القاري.

وخلال الجمعة الماضية، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أنه اتخذ موقفا صارما هذا الصيف، فيما يتعلق بأفعال تركيا في شرق البحر المتوسط بغرض وضع خطوط حمراء، مضيفًا: "عندما يتعلق الأمر بالسيادة في منطقة شرق المتوسط، يجب أن تكون أقوالي متسقة مع الأفعال.. يمكنني أن أبلغكم أن الأتراك لا يدركون ولا يحترمون سوى ذلك.. ما فعلته فرنسا هذا الصيف كان مهما.. إنها سياسة تتعلق بوضع خط أحمر.. لقد طبقتها في سوريا"، وفي أغسطس الماضي دخلت اتفاقية دفاع مشترك بين فرنسا وقبرص حيز التنفيذ.