الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. شهاب دغيم يكتب: حكومة كفاءات تونس بين غضب الغنوشي ورضا الشعب

الرئيس نيوز

قبل أيام من إعلان هشام المشيشي عن الحكومة التونسية خرجت أحزاب عديدة منها حركة النهضة والتيار معلنة رفضها التصويت على حكومة "المشيشي" التي تعتبرها حكومة الرئيس، وسط خوف الأحزاب من استحواذ الرئيس قيس سعيد على سلطات أوسع مما يخوله له الدستور.

وفشل حزب النهضة في تشكيل حكومة "الجملي" والتوتر المتواصل مع الحزب الدستوري من جهة وبعض الأوساط المقربة لقرطاج جعلها اليوم في أكثر من حرج سياسي، بعض القيادات على غرار "السيد الفرجاني" أو "سمير ديلو" لوحوا بإمكانية العودة إلى الصفر أي الذهاب إلى خيار حل المجلس والدعوة لانتخابات تشريعية، فقد صرح رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي أن الحركة مع تشكيل حكومة سياسية منتخبة، وضد تشكيل حكومة من التكنوقراط، وفي الوقت ذاته تعهد بالعمل على تغيير النظام الانتخابي لتحقيق الاستقرار السياسي، وهي  دعوة اعتبرها البعض سقف المناورة السياسية.

 دعوة الغنوشي المتعلقة بنظام العتابات الانتخابية تذهب بالبلاد قدماً في تغيير النظام الانتخابي في البلاد في خطوة لمنح استقرار أكبر للوضع السياسي في البلاد في ظل تواتر الحكومات.

الاستقرار الذي يبحث عنه الغنوشي هو الوصول إلى كتلتين أو ثلاث كتل برلمانية في تصور انتخابي سيقضي على التشتت ظاهرياً لكنه سيخنق الديمقراطية، لأنه سيقضي على التلون النيابي ويخرج عدة أحزاب من المشهد نهائياً، فالعتبة التي يريدها الغنوشي ستقضي نهائياً على اليسار والوسط وفلول التقدمية وستطحن المستقلين ليصبح البرلمان حكراً على الأحزاب الكبرى أو التي تملك تمويلات.

وقد أكد الغنوشي في لقاء مباشر بأنصار حركته بالمضي قدماً في تغيير النظام الانتخابي في البلاد في خطوة لمنح استقرار أكبر للوضع السياسي في البلاد في ظل تواتر الحكومات، لكن هل تذهب الحركة إلى عدم التصويت على الحكومة؟.

هذا أمر مستبعد لأن التوجه العام للحركة ولحلفائها اليوم هو التوجه للبرلمان لاتمام المحكمة الدستورية في ظل صراع غير معلن مع الرئيس وتغيير القانون الانتخابي الشرط الوحيد لعودة الديمقراطية البرلمانية التي أسس لها دستور 2014. خوف النهضة من استفراد الرئيس بالسلطتين خاصة في ظل حكومة هو مهندسها وهو من اختار لها الشخصية المناسبة جعلها تلوح بالتهديد بعدم التصويت على الحكومة.

في الحقيقة حتى التيار الديمقراطي الذي كان شريكاً في حكومة الرئيس الأولى المستقيلة صرح في بيان رسمي عدم استعداده للتصويت الحكومة. لا أعتقد شخصياً أن الأحزاب سترفض التصويت كلها مرغمة اليوم أو مكرهة على منح الثقة لحكومة الأمل الأخير.

تونس التي تعاني عدم استقرار سياسي بتسع حكومات منذ ما أطلق عليه بالربيع العربي تواجه اليوم تحديات اجتماعية واقتصادية في مشهد سياسي متشرذم ومنقسم ونظام انتخابي لا يمنح لأحد أغبية شبه مطلقة للحكم.

الذي يقلق النهضة وبعض الأحزاب اليوم هو شعبية الرئيس ومشروعه السياسي الذي لا يعتبر الأحزاب جوهر العملية السياسية في شكلها العميق ويريد العودة إلى الاتصال المباشر  بالشعب وتشريك المواطن مباشرة في العملية السياسية.. صراع حول الديمقراطية المباشرة وديمقراطية الأحزاب قد يذهب بالبلاد إلى أزمة سياسية ودستورية عميقة.

في الانتظار تبقى تطلعات المواطن إلى الكرامة والشغل وأبسط الحاجيات الضرورية.