الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

قبل رفع المسودة النهائية.. هل تحمل مفاوضات سد النهضة مفاجآت جديدة؟

الرئيس نيوز


تختتم اجتماعات اللجنة الفنية المصغرة المكونة من عضو فني وعضو قانوني من كل دوله من الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، الجمعة القادمة، بعد الإنتهاء من مناقشة المسودة الأولية والتى تتضمن تجميع مقترحات الدول فى مستند واحد يحدد نقاط الخلاف والتوافق، مع تخصيص بعد غد الأربعاء، للقاء ثنائي للخبراء والمراقبين مع كل دولة علي حدة، حيث سبق ووافقت الأطراف الثلاث علي مواصلة التفاوض علي المسودة المدمجة، ابتداء من الجمعة 21 أغسطس الجارى، وحتى الجمعة المقبلة؛ ليختتم التداول برفع المسودة النهائية لرئيس الإتحاد الإفريقي .

يأتى ذلك بناء على مخرجات القمة الإفريقية المصغرة، والتى عُقدت يوم 21 يوليو 2020 بشأن سد النهضة، والاجتماع السداسى لوزراء الخارجية والرى من الدول الثلاث (مصر – السودان – إثيوبيا)، الذى عقد يوم 16 أغسطس 2020، واجتماع  الجمعة الماضي.

وفي السايق نفسه، أكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، أن المفاوضات الجارية بين مصر والسودان وأثيوبيا، تشهد توافق مصرى سودانى على ضرورة أن تكون اتفاقية ملزمة للتشغيل وملء السد، وضرورة وجود بند حازم لفض المنازعات، وأنه لا  مكان للحصحصة فى هذه الاتفاقية، مشيرًا لأن الموقف المعلن لإثيوبيا أنها لا تقبل اتفاقية ملزمة لملء وتشغيل سد النهضة، ولكن موقفها أمام الاتحاد الإفريقى والعالم أنها ترحب بالتفاوض.

وأضاف أن إثيوبيا لن تتنازل عن الشريك السودانى السابق بسهولة، وأن  الفترة القادمة قد تشهد عديد من المحاولات الأثيوبية لاستمالة السودان بأى وسيلة لتحقيق أهدافها غير الشرعية من سد النهضة، خاصة وأن الهدف مما يجرى من استمالة أثيوبيا للسودان هو محاولتها تجنب أن يتم اتهامها بأنها هى السبب فى عدم نجاح المفاوضات.

مفاجآت المفاوضات الحالية 
وأوضح وزير الرى الأسبق، إن السودان يحاول أخذ  مسافة واحدة من مصر وإثيوبيا، لإيجاد حلول وسط التعنت الإثيوبي، مثل بند فض المنازعات بدلا من اللجوء للقضاء الدولى، إذ تقترح السودان "وسيط ملزم" يكون حكمه واجبًا للتنفيذ من الأطراف الثلاثة، وتبقى مشكلة اختيار الوسيط والتوافق حوله، ثم ضمان حياده والتزامه بالقانون الدولى، لافتًا إلى أن الاطار الجارى للمفاوضات، هو متعدد المحاور وقد يشمل العديد من المفاجأت، وتتطلب حذر وحرص، ليس اثناء المفاوضات فقط، فضلًا عن الانتباه لما يحدث حولنا من الأصدقاء والأعداء في المنطقة، ومن المهم أن تكون ردود أفعالك جاهزة ومدروسة.

السودان تسعى لتجنب النزاع العسكرى 

وأوضح علام، إن السيناريو  القائم للمفاوضات حاليا يتطلب تحديد إطار حركى مرن لفريق التفاوض وأن يكون متفقا عليه مسبقا، مع انعقاد دائم للجنة العليا لمياه النيل؛ لاتخاذ القرارات الفنية والسياسية اللازمة وفى التوقيت المطلوب، كما أن الأمر ليس بالسهولة التى يتصورها البعض، مشيرًا إلى أن كل دولة من الدول الثلاث لها مطالب محددة من المفاوضات الحالية، فالسودان تسعى للحفاظ على منشأتها المائية من مخاطر سد النهضة، و الحفاظ على حصتها المائية، بالإضافة إلى الاستفادة من كهرباء سد النهضة، وكذلك تنظيمه لتصرفات النيل الأزرق فى زيادة الزراعات الموسمية، و الحفاظ على علاقات متوازنة مع مصر وأثيوبيا، و تجنب نشوء نزاع عسكرى بين مصر وأثيوبيا لوجودها فى المنتصف.


محاولات مصرية للحفاظ على الحصة المائية

تابع وزير الموارد المائية والرى الأسبق، إن مصر تسعى إلى الحفاظ على حصتها المائية، و الحفاظ على الحد الأدنى من فوائد السد العالى فى مكافحة الجفاف وتوليد الكهرباء، و عدم التعرض لنقص مائى مؤثر فى سنوات الجفاف، و تجنب تكرار إقامة مثل هذه السدود الضخمة فى المستقبل، بينما تريد إثيوبيا وآخرين، التحكم فى مياه النيل الأزرق وبما يحقق النمو الأثيوبى على حساب مصر وإستقرارها وحياة شعبها، و تصدير أكبر قدر من كهرباء سد النهضة لمصر بالذات ومنها لأخرين لتحقيق أكبر عائد مالى لسد النهضة ومايتبعه من سدود، و إعادة تقسيم مياه النيل لتقوم دول المنبع ببيعها الى دولتى المصب.

ومن جانبه، أكد الدكتور هانى رسلان، خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ" الرئيس نيوز"، غموض مسألة دمج مسودات الاتفاقيات، وهو غموض غير بناء وغير قابل للتطبيق، خاصة أن  إثيوبيا لا ترغب فى أى اتفاق من شأنه أن يلزمها بكيفية التصرف فى المياه المحتجزة خلف السد، لأن هدفها الأساسى من السد ليس التنمية وتوليد الطاقة، وإنما الهيمنة المائية على النيل الأزرق والحصول على حصة من المياه.

إثيوبيا تسعى للهيمنة على النيل الازرق
في السياق نفسه، قال الدكتور أحمد المفتى، خبير الموارد المائية السودانية وعضو اللجنة الفنية سابقا، أن إثيوبيا سوف تأخذ حصتها من المياه من دون إبرام اتفاق مع السودان ومصر، مشيرًا إلى أن  أخطر تطور في مفاوضات سد النهضة، هو مطالبة إثيوبيا بحصة من مياه النيل ولكنها قدمت تلك المطالبة باحتراف ومهنية واستراتيجية تؤمن لها حصولها علي تلك الحصة، حتى إذا رفض ذلك السودان ومصر.

وأكد المفتى، إن الإستراتيجية التي اتبعتها إثيوبيا، تمثلت فى إعلانها منذ البداية، أن السد لإنتاج الكهرباء فقط، علي الرغم من أن كثيرا من الخبراء أوضحوا أنه لا يمكن بناء سد بذلك الحجم، لإنتاج 6000 ميجاوات فقط من الكهرباء، لكن  صرحت إثيوبيا بذلك حتي لا يعترض السودان ومصر ابتداء علي التشييد وذلك ما تحقق لها .

وأوضح أن إثيوبيا لم تطالب بحصة من المياه إلا بعد أن شارف تشييد السد علي الانتهاء، وأصبح بمقدورها حجز حصتها من المياه عنوة واقتدارا، وذلك دون حاجة إلى إبرام اتفاق مع السودان ومصر، ولذلك فإنه لن يضير إثيوبيا أن يستمر التفاوض إلي الأبد، خاصة وأنه يظهرها أمام العالم بأنها دولة متعاونة، وفي ذات الوقت تكبل يد مجلس الأمن  فلا يستطيع أن يتدخل، كما أظهرت إثيوبيا قدرتها علي حجز حصتها من المياه  بتنفيذ الملء الأول بإرادتها المنفردة، علي الرغم من مناشدات مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي والسودان ومصر.