الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد خفض أنقرة نبرتها العدائية.. فرص التقارب بين مصر وتركيا

الرئيس نيوز

تطورات سريعة شهدها الملف الليبي المتأزم منذ نحو تسع سنوات، فبينما أعلن فرقاء المشهد الليبي وقف شامل للعمليات العسكرية، لوحظ تراجعا في اللهجة العدائية التركية تجاه مصر، وقالت الرئاسة التركية أمس الجمعة إن مصر قادرة على لعب دور بناء في ليبيا، كما قالت ما تسمى حكومة الوفاق على لسان وزير داخليتها فتحي بشاغا إنهم يتطلعون لعلاقات مع مصر. 

ويعادي النظام التركي مصر منذ أنهى الشعب حكم تنظيم الإخوان بعد ثورة 30 يونيو التي أيدتها جميع مؤسسات الدولة. 
وسعى أردوغان إلي ضمان موطئ قدم له في خاصرة مصر الغربية؛ فأبرم اتفاقيتين غير قانونيتين مع السراج أحدهما للتعاون العسكري وأخرى لترسيم الحدود البحرية بين الدولتبن. 

وقال مراقبون إن الهدف من الاتفاقيتين ضمان تواجد دائم لتركيا في ليبيا عبر الدعم العسكري المتمثل في إمداد الوفاق بجيوش من المرتزقة والعتاد العسكري، وكذلك الاستيلاء على ثروات ليبيا من غاز المتوسط من جهة، ومن وضع يدها على النفط من جهة أخرى. 

مزاعم تركية

ومؤخرا زعمت تركيا وجود قنوات اتصال مع مصر إلا أن القاهرة نفت ذلك، لكن مراقبين أكدوا وقت ذاك أنه من الطبيعي أن يكون هناك اتصالات بين بلدين متداخلين في قضايا مشتركة، فأمريكا أنشأت غرفة اتصال مع روسيا لتبادل المعلومات حول العمليات في سوريا لمنع الاشتباك بينهما، والحال كذلك بين تركيا وروسيا. فليس غريبا وجود اتصالات بين غريمين لمنع التلاحم.

وخلال الأسبوع المنصرم، زعم الرئيس التركي رجب أردوغان، وجود تواصل بين الاستخبارات التركية ونظيرتها المصرية، إلا أنه لم يكشف طبيعة تلك الاتصالات ولا مواضيعها.

تصريح أردوغان أثار دهشة وسائل الإعلام التركية وقتها، والتي اعتبرت أنه تصريح يأتي بالتزامن مع نبرة خشنة من التصريحات العدائية ضد النظام المصري. 

وقالت صحيفة "حرييت" المقربة من النظام التركي إن الرئيس أردوغان، قدم تصريحا مثيرا للدهشة، الجمعة الماضية كشف فيه عن المحادثات بين أنقرة والقاهرة بواسطة وكالات الاستخبارات، وقال فيه إن جهاز استخباراتنا يواصل حاليا لقاءاته مع جهاز استخباراتهم (في إشارة إلى مصر).

وتابع: "لا شك أن نظرة الشعب التركي تجاه الشعب المصري مختلفة". وذكرت "حرييت"، أنه بهذه الطريق عرف الشعب التركي، أن هناك حوارات بين أنقرة والقاهرة على صعيد شرق المتوسط وقضايا أخرى.

دور بناء لمصر في ليبيا

وفيما يعتبر تراجعا في النبرة العدائية ضد مصر، أكدت الرئاسة التركية آمس الجمعة أن أنقرة لا تريد الدخول في مواجهة مع أية دولة على الأراضي الليبية، معربة عن اعتقادها بإمكانية أن تلعب مصر دورا بناء في ليبيا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن "إن أنقرة متأكدة من إمكانية تحقيق حل سياسي في ليبيا، وإنها لا تفضل الحل العسكري في أية بقعة من ذلك البلد، ورحبت بإعلان البرلمان الليبي وحكومة الوفاق، وقف إطلاق النار فى كل الأراضى الليبية".
مؤشر آخر على تراجع تلك النبرة، فبينما كانت ما تسمى حكومة الوفاق المدعومة تركيا لا تكف عن كيل الاتهامات لمصر، قال وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا، مساء أمس الجمعة، إن "الوفاق" تتطلع لتطوير التعاون مع أمريكا وأوروبا وتركيا ومصر وقطر والأمم المتحدة.
وأوضح باشاغا، في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" أن "اتفاق وقف إطلاق النار برعاية ودعم الدول الشقيقة والصديقة مكسب وطني يستحق الإشادة".
وفي وقت سابق اليوم، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، تعليمات لجميع القوات العسكرية التابعة له بالوقف الفوري لجميع العمليات القتالية في كل الأراضي الليبية. كما أكد المجلس دعوته إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، خلال شهر مارس المقبل، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتم الاتفاق عليها بين الليبيين.

كما أكد رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، أن "وقف إطلاق النار يقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية أجنبية، وينتهي بإخراج المرتزقة، وتفكيك الميليشيات، ليتحقق استرجاع السيادة الوطنية الكاملة".

ملفات خلافية 

وبينما اتخذت مصر خطوات إصلاحية على مستوى جميع الأصعدة عقب ثورة ٣٠ يونيو، انتهجت تركيا سياسات عدائية ضد مصر، ما دفع القاهرة إلى سحب السفير المصري من أنقرة وإعلان السفير التركي شخص غير مرغوب في وجوده. 
ومنذ ذلك الوقت وتدعم تركيا تنظيم الإخوان، وتأوي عناصره الهاربة من أحكام قضائية نتيجة تورطهم في عمليات عنف، كما سمحت لتلك العناصر الهاربة فتح منصات إعلامية للهجوم على مصر وجيشها، وتشكيك المواطنين في خطوات قيادتها، وفي جدوى المشاريع التي تنفذها. 

الباحث في الشأن التركي، أشرف سالم، قال "للرئيس نيوز": "في أمور السياسة جميع الأمور واردة، وكل طرف يسعى لتحقيق أقصى مكاسب، لكن ما بين مصر وتركيا حاليا ليس خلافا في وجهات النظر تجاه قضية بعينها، لكنه خلاف قائم على رغبة أنقرة إحياء تنظيم الإخوان مجددا وضخ الدماء في شراينه، وهو الأمر الذي بات يرفضه المصريون بعد اكتشاف مدى ضلوع الجماعة في عمليات ارهابية". 
تابع: "لا أتوقع قبول تركيا رفع يديها عن دعم الإخوان؛ لكون التنظيم هو أداة النظام التركي في الانتشار والهيمنة، لكن من الممكن أن تقبل بأن تتحكم في كف بعض الألسنة المحرضة على مصر، من دون تسليمها إلى مصر للمحاكمة".  وقال سالم إن النظام التركي لا يمكنه الاستمرار كثيرا في سياسة العداء للجميع لكن إذا ما فكر في التراجع سيكون عليه جهد كبير في معالجة الشروخ التي أحدثتها سياسات أردوغان. 
لفت سالم إلى أن أردوغان بحاجة إلى كسر عزلته وأنه بحاجة إلى الترسيم في المتوسط حتى يتمكن من التنقيب عن الغاز، وأن ذلك لن يتم إلا بالتقارب وتحسين الأجواء مع الاخرين. وقال: "تركيا تحتل شمال وشمال شرق سوريا، وتنتهك سيادة العراق، وترسل جيوش من جامعات الارهاب والمرتزقة إلى ليبيا، وتحرض على استمرار الانفصال بين شطري جزيرة قبرص، وتعادي أرمينيا على حساب أذربيجان، ولمعالجة تلك القضايا، تركيا بحاجة إلى جهد كبير".