الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«فوضى شمال سوريا».. الوجود العسكري التركي يعقد المشهد

الرئيس نيوز

ذكرت صحيفة "آسيا تايمز" أن الشمال الغربي من الأراضي السورية أصبح ساحة لاضطرابات متجددة بسبب التدخل العسكري التركي، حيث تعمل أنقرة لدعم وكلائها المحليين، في حين تخضع الحدود السورية مع العراق حصريًا للقوات العسكرية الأمريكية وحلفائها الدوليين.

 وأشار التقرير إلى  أن المنطقة الوحيدة التي لا تلتزم بهذه الانقسامات هي شمال شرق البلاد، من "منبج" في الغرب عبر الحسكة والحدود العراقية في الشرق، مشيرًا لأن اللاعبين المحليين الأساسيين هم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، عملت مع القوات الأمريكية جنبًا إلى جنب، حيث أقامت قواعد ومهبطًا للطائرات كجزء من تدخلها ضد داعش.

 شهد العام الماضي انقلاب هذه الديناميكية رأساً على عقب، إذ كانت الصدامات المباشرة نتيجة طبيعية للتوغل التركي، إلى جانب الإعلان المفاجئ عن انسحاب أمريكي دفع الأكراد السوريين إلى دعوة القوات الحكومية الروسية والسورية، لدخول المنطقة، بينما بقيت القوات الأمريكية، وإن كان ذلك بأعداد أقل، وزاد ظهور شركة نفط أمريكية فجأة، المشهد تعقيدًا.

وفي هذا العام بات هناك تعايشًا متوترًا بين القوات الأمريكية والروسية. حيث كانت هناك حالات عديدة لدوريات أمريكية حاولت تقييد حركة نظرائها الروس، كما أوقفت القوات الأمريكية الدوريات الروسية، مما أدى إلى مواجهات، إذ يبدو أن هناك عدم تطابق واضح في التصميم السياسي والاستثمار العسكري في المنطقة بين واشنطن وموسكو.

ورغم التزام الولايات المتحدة المعلن بحماية السيطرة الكردية على حقول النفط المحلية، فقد تم سحب القوات الأمريكية إلى ربما بضع مئات في المنطقة بأكملها، وفي غضون ذلك، تواصل روسيا تعزيز وجودها واندماجها مع الجهات الفاعلة المحلية: طوّرت القوات الروسية مؤخرًا قاعدتها في مطار القامشلي على الحدود التركية، ودمجت مروحيات هجومية في دورياتها وبدأت في تدريب قوات ميليشيات محلية إضافية.

مواجهات على الأرض
وفي يوليو، نقل الروس أكثر من عشرين دبابة وعربة مصفحة إلى قرية مظلوم، على الجانب الشرقي من نهر الفرات على بعد كيلومترين من موقع القوات الأمريكية.
كل هذا يحدث على خلفية عدد متزايد من الاغتيالات والتفجيرات والهجمات الأخرى من قبل خلايا محلية مختلفة تحت الأرض، ليس أقلها تنظيم داعش الإرهابي النشط منذ استعادة القوات الحكومية للمراكز الحضرية في الصحراء السورية الشرقية في عام 2017، حيث يداهم بانتظام القوات الموالية للحكومة وينصب كمائن للدوريات في محافظتي دير الزور وحماة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك انتشار متزايد للخلايا التي أنشأتها وتديرها المخابرات العسكرية السورية، وهي خلايا قد تكون مرتبطة بقتل العديد من شيوخ العشائر المهمين في المنطقة. ومما زاد من الفوضى، اندلعت عدة مواجهات دامية بين الميليشيات المدعومة من روسيا والتشكيلات الموالية لدمشق في محافظة دير الزور.

لواء القدس 
أفادت وسائل إعلام محلية، عن قيام لواء القدس، وهو وحدة على صلة وثيقة بالجيش الروسي، بطرد عناصر ميليشيات موالية لدمشق من حقول النفط شرقي بلدة البوكمال، ما أسفر عن اشتباكات وقتل. وبالتالي، من المدهش للغاية أن الشركات الأمريكية أصبحت الآن أكثر استثمارًا في شمال شرق سوريا أكثر من أي وقت مضى، في وقت أصبحت فيه السيطرة الأمريكية على المنطقة أضعف من أي وقت في السنوات القليلة الماضية.

يبدو أن الكشف عن أن شركة دلتا كريسنت للطاقة الأمريكية قد توصلت إلى صفقة بقيمة 150 مليون دولار مع الحكومة الإقليمية التي يقودها الأكراد لبناء مصفاة وإجراء أنشطة التنقيب في ثلاثة حقول نفط محلية تتعارض بشكل مباشر مع الانسحاب المستمر للقوات الأمريكية ومع استمرار انسحابها.

يمكن أن تكون مثل هذه الصفقة استفزازية بشكل خاص بالنظر إلى ما حدث قبل عامين ونصف، عندما شن مرتزقة هجومًا شاملاً لمدة أربع ساعات على مواقع أمريكية شرق الفرات، في حين تم سحب معظم المرتزقة من المنطقة منذ ذلك الحين، فإن الجيش الروسي النظامي أصبح أكثر رسوخًا من أي وقت مضى، وأدانت موسكو ودمشق وطهران جميعًا صفقة النفط. إن احتمالية أن يتم تنفيذ أحكامها، التي ستستغرق سنوات للوفاء بها، دون وقوع حوادث منخفضة للغاية.

تركيا وروسيا
ويتفاقم عدم التوافق المتزايد بين الأصول الأمريكية والروسية في المنطقة من خلال الطموحات المتوسعة على ما يبدو للشركات الأمريكية لاستغلال احتياطيات النفط في المنطقة، حتى في الوقت الذي تبدو فيه الإرادة السياسية للولايات المتحدة موضع تساؤل وتراجع الوجود العسكري الأمريكي، من المحتمل أن يؤدي تعزيز الأصول العسكرية الأمريكية على الأرض إلى عكس ذلك، لكن هناك القليل من المؤشرات على أن موسكو تفكر في تقليص تواجدها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع الراهن غير مستدام، وسيضطر طرف أو آخر، سواء موسكو أو واشنطن، إلى إجراءات تؤدي لمواجهة متفاقمة في شمال شرق سوريا.