الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تفاصيل الدور الروسي في الأزمة الليبية.. وإجبار أردوغان للتخلى عن بعض أحلامه

الرئيس نيوز

منذ تدخل مصر بشكل مياشر لحل الأزمة الليبية من خلال مبادرة "إعلان القاهرة"، تخرج تصريحات الجانب التركي لتناقض بعضها، بما يؤكد افتقاد  أردوغان للبصيرة السياسية، إذ رجح موقع المونيتور الأمريكي أن يكون لسياسته الراهنة فيما يتعلق بالشأن الليبي خطر كبير بسبب سوء التقدير يؤدي إلى مواجهة عسكرية خطيرة مع مصر.

وبحسب أحد الخبراء الأربعة الذين تحدثوا في ندوة "الكفاح من أجل ليبيا" التي نظمتها مؤسسة فكرية مقرها الإمارات العربية المتحدة، الأسبوع الماضي، كان هذا هو الموضوع الذي استرعى الكثير من الاهتمام، وقد عُقدت الندوة عبر الإنترنت في نفس يوم الإعلان عن بيان تركي روسي مشترك حول ليبيا، والذي يعتبره البعض صفعة لسياسة أنقرة في ليبيا.

حرب التصريحات 

بعد يومين فقط من تفويض البرلمان المصري بالتدخل العسكري في ليبيا، كانت هناك تكهنات بأن ميليشيات حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا كانت على وشك شن هجوم ضد الجيش الوطني الليبي للسيطرة على كنز النفط الليبي أي سرت وقاعدة الجفرة الجوية. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن أن الموقعين الاستراتيجيين قبل شهر "خط أحمر" لمصر. تبرز سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كبوابة للمناطق الليبية الغنية بالنفط الواقعة بين طرابلس وبنغازي.

بالنسبة لتركيا، التي برزت في البداية على أنها "مغير قواعد اللعبة" في الصراع الليبي بدعمها القوي لحكومة فايز السراج، حيث أعلنت أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى تسيطر حكومة السراج على سرت والجفرة، بحسب ما أوضحه وزير الخارجية التركي أوغلو، الذي قال إن إعلان وقف إطلاق النار ليس في صالح حكومة فايز السراج، ولكن على الرغم من احتمال حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين تركيا ومصر، فإن هناك تقييمات لا يريد أي طرف حدوثها.

تدخل روسيا

بعد 10 أيام فقط من تصريح أوغلو، تدخلت روسيا، إذ استخرجت موسكو تعهدًا تركيًا بـ "تهيئة الظروف لوقف إطلاق نار دائم ومستدام" في ليبيا، في 22 يوليو الجاري، حسبما أعلن البيان المشترك بعد سلسلة من الاجتماعات الوزارية بين أنقرة وموسكو، بعد أن بدأت "المشاورات رفيعة المستوى" خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاسطنبول في 9 يناير "لتهدئة الوضع على الأرض وتمهيد الطريق لعملية سياسية في ليبيا".

وكشفت تركيا وروسيا أنهما اتفقتا على "مواصلة الجهود المشتركة، بما في ذلك تشجيع الأطراف الليبية، بهدف تهيئة الظروف لوقف إطلاق نار دائم ومستدام" و"تسهيل تقدم الحوار السياسي الداخلي الليبي تماشيا مع نتائج مؤتمر برلين، الذي عقد في سبتمبر 2019 بمشاركة القوى الكبرى.

التزمت تركيا، بناءً على طلب روسي، بالامتناع عن خوض حرب ضد سرت والجفرة. أيضا، يمكن تفسير الإشارة إلى "الحوار السياسي داخل ليبيا" على أنها تركيا، وإن كان ضمنيا، أصبحت اقرب لقبول الجيش الوطني الليبي كطرف في عملية السلام، بالنظر إلى أن الزعيم الليبي كان حاضرا أيضا في مؤتمر برلين.

الخط الأحمر 

النقطة التي تم التوصل إليها بين تركيا وروسيا ليست بأي حال من الأحوال انتصاراً دبلوماسياً لأردوغان. بل على العكس، إنه صيانة للخط الأحمر الذي حدده السيسي. والأكثر إثارة للاهتمام هو ملاحظة أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف جاءت بعد ساعة فقط من الإعلان عن البيان التركي الروسي المشترك، الذي نص على أن "الوضع في ليبيا الذي نتعامل معه الآن متجذر في عدوان الناتو الذي تم في عام 2011 في انتهاك جسيم لقرار مجلس الأمن الدولي. ولا يمكن للاعبين الخارجيين، وخاصة أولئك من خارج المنطقة، أن يهتموا بالشعب الليبي بشكل أقل". 

ونقل عن لافروف قوله على حساب تويتر الرسمي لبعثة الأمم المتحدة الروسية:" كان حريصا بما يكفي لعدم ذكر اسم تركيا كعضو في الناتو من خارج المنطقة.. وعلى عكس العديد من اللاعبين الخارجيين الآخرين، لم تحاول روسيا أبدًا وضع أي رهان على اي طرف ليبي.. لقد عملنا دائمًا مع جميع القوى السياسية في ليبيا، وكان لهم زيارة موسكو في أوقات مختلفة، ونواصل الاتصال بهم الآن".
 ذكر "لافروف" في تغريدة أخرى: "تعمل موسكو مع المشير خليفة حفتر أيضًا، ولا استعداد لديها للتخلي عنه طرف ليبي أصيل.. ويجب على جيران ليبيا، بما في ذلك الجزائر وتونس ومصر، أن يلعبوا الدور الأكثر أهمية، لأن هذا يتعلق باستقرار بلد جار لهم مباشرة. ويعتمد أمن الجزائر وجيران ليبيا الآخرين على مدى نجاح حل المشاكل". 

لم يقتصر الدور الروسي على إضفاء الشرعية على مشاركة مصر في حل الأزمة الليبية فحسب، بل نجحت أيضًا في ضمان انضمام تركيا إلى المسار الدبلوماسي، وبالتالي، يبدو أنه تم تجنب الحرب التركية المصرية، ويعد تفسير المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين لرويترز في أعقاب البيان التركي الروسي المشترك قائلاً: "لكي يكون وقف إطلاق النار مستداما، يجب إخلاء الجفرة وسرت من قبل قوات الجيش الوطني الليبي"، ليس أكثر من حفظ لماء الوجه.