الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

‏نبيل فهمي: 4 تحديات تشكل «عاصفة مكتلمة» على أمن مصر القومي

الرئيس نيوز

حدد وزير الخارجية المصري الأسبق، نبيل فهمي، 4 قضايا اعتبرها بمثابة تحديات فارقة تواجه الأمن القومي المصري، وقال إنه لابد من الاشتباك معهم جميعًا، وتقديم حلول ورؤى ناجزة وسريعة، لافتًا في مقال كتبه في موقع "اندبندنت" إلى أن التحديات تأتي من الغرب والشرق، فضلًا عن قضية وجودية تأتي من الجنوب، أما الرابعة فتتعلق باستمرار الانكماش الاقتصادي العالمي ما يلقى بتداعياته على الداخل المصري.
وقال الوزير السابق: "عاصفة متكاملة بكل معاني الكلمة، تفرض قرارات صعبة، وحسابات دقيقة، وعلى مصر مواجهتها جميعا بتوازن دقيق بين الحكمة والحسم".

انكماش وكورونا 

يقول فهمي إن انخفاض معدل نمو الاقتصاد العالمي وانكماش التبادل التجاري، وما لهما من تداعيات اقتصادية على المستثمرين والخدمات المرتبطة بانتقال السلع وتبادلها عبر الأسواق، ‏أو سفر السائحين من بلد لآخر، كل ذلك جاء في وقت كانت فيه مصر في أشد الحاجة لبدء طفرة اقتصادية بعد سنين عجاف اقتصادياً، ‏وبعد اتخاذها إجراءات اقتصادية صعبة على مواطنيها، من أجل خلق أرضية مناسبة للرواج الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بخاصة حول منطقة قناة السويس وإعادة تنشيط أسواق مصر السياحية.

وأضاف أن تفشي فيروس كورونا عاليمًا، فرض على الجميع قيود على الحركة المجتمعية، فكان لها تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي والمصري، ليتحول عام 2020 من بداية مرحلة انطلاق إلى مرحلة جديدة من الانكماش الاقتصادي، واضطرت مصر إلى الاقتراض مرة أخرى من صندوق النقد الدولي ‏مراعاة لظروف الطبقات الأقل ثراءً، فارتفعت المديونية الوطنية مرة أخرى.

وأكد أن الدولة تعمل على تطوير بنيتها ‏الأساسية من طرق واتصالات ومدن، أملاً في ‏طفرة اقتصادية سريعة مع تحسن الظروف في المستقبل القريب، مع بدء المجتمع الدولي استعادة عجلة الحياة الاقتصادية الطبيعية، علما بأن معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة مصرياً حتى  قبل كورونا كانت طموحة وتقدر بـ8 في المئة ‏خلال العام على الأقل لمدة السنوات العشر المقبلة.

مشهد كارثي

أما التحدي الثاني الذي تواجهه مصر يأتي من الجانب الغربي، حيث ليبيا التي يغيب عنها منظومة الدولة الليبية والمؤسسات ‏الوطنية، وانتشار المتطرفين والمرتزقة المنقولين من ساحات أخرى بخاصة من المشرق، في ظل سكون وإغفال دولي وعالمي، ‏فضلاً عن تبني تركيا أردوغان واليمين التركي نزعة وطنية وفلسفة أمن قومي بحرية جديدة حادة وخشنة، تحت مسمى "الوطن الأزرق".

فسر فهمي مشروع "الوطن الأزرق" بالقول إن لتركيا طموحات واسعة في بحر إيجة والبحر الأسود وشرق البحر المتوسط، وتنطلق منه بقوة وبنظرة هجومية في شمال أفريقيا، سعياً للهيمنة على المنطقة، وتهدف في ليبيا إلى خلق المناخ السياسي والظروف الأمنية التي تشكل خطراً مباشراً على مصر، التي تحمّلها مسؤولية إفشال انتشار تيار الإسلام السياسي، فضلاً عن أنها نقطة الارتكاز الرئيس في منظومة الدولة الوطنية بالعالم العربي، التي تشكل عقبة أمام الجهود التركية لإعادة كتابة التاريخ واستعادة الأمجاد القديمة.

وتابع أن الاحداث في ليبيا تشكل خطراً على الأمن القومي المصري بشكل مباشر، مع الامتداد الطويل للحدود ‏الليبية المصرية والمخاطر الجمة من وجود دولة فاشلة في الجوار الجغرافي الغربي، كقاعدة انطلاق لجماعات مارقة ومعاديه لمصر، ‏مدعمه من دول مثل تركيا أو غيرها، وهي عاصفة إن لم يتم التصدي لها سريعاً وبعيداً عن الحدود المصرية تحمل في طياتها مشكلات وأخطار عديدة،‏ تجعل خيار التحرك ‏المبكر على غرار ما يتم مع الأمراض الخبيثة والقاتلة هو السبيل الفعال الوحيد.

أوضح فهمي أنه لابد من تكثيف الجهد السياسي الدولي ليشمل روسيا وأوروبا وأميركا، بحيث تواصل مصر اتصالاتها مع تلك الأطراف الرئيسة، ومع الدول الدائمة في مجلس الأمن، أو في جهد مشترك مع ألمانيا أو حتى تنضم إليها الجزائر دولة الجوار الليبي والرئيس القادم لقمة الدول العربية.

وأشار إلى أن تلك الجهود الدبلوماسية لابد من أن يتمخض عنها (وقف إطلاق للنار في المواقع الحالية - تصوير المواقع من الأقمار الصناعية للدول العظمى كمرجعية لمجلس الأمن الأممي - تشكيل مجموعة مراقبين دوليين ومن الدول المجاورة لتأمين الحدود والسواحل والمطارات والموانئ لمنع تهريب السلاح والمرتزقة - ترتيب مفاوضات للأطراف الليبية وفقاً لخلاصات قمة برلين وإعلان القاهرة).

وعن التحرك الدبلوماسي والسياسي، أوضح "فهمي" أنه قد يفوت الفرصة على الأطراف المارقة وغير المسؤولة في الساحة الليبية، التي من المؤكد أنها سوف تستغل التوتر الجيوبوليتيكي، وتسعى لاستثماره لصالحها، مما سيفرض خيار العمل العسكري بكل مخاطره وحساباته الدقيقة كخيار أوحد، حفاظاً على الأمن القومي المصري".

القضية الفلسطينية

قال فهمي أن غياب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يجعل هناك تهديدًا قويًا قادمًا لمصر من الناحية الشرقية، وقال: "غياب حل القضية سيزرع الإحباط واليأس، ويولد سلسلة جديدة من العنف المتبادل الفلسطيني الإسرائيلي، تدفع ثمنها شعوب المنطقة لعقود طويلة مقبلة، بخاصة الفلسطينيين وفي الدول المجاورة لفلسطين وإسرائيل، وعلى رأسها الأردن ومصر وسوريا ولبنان، لذا أدعو لاجتماع قمة مصغر لمصر والأردن بحضور الرئيس الفلسطيني بالإضافة إلى من يرى الحضور من أعضاء جامعة الدول العربية لبحث ثلاث قضايا محددة".
وحدد فهمي القضايا الثلاثة: (إجراء تقييم صريح وموضوعي لجدوى التمسك بالسعي لتحقيق حل الدولتين، أو وضع أسس جديدة للتحرك العربي حفاظاً على حق المواطن الفلسطيني في سياق الدولة الواحدة الفلسطينية الإسرائيلية، وإذا رأوا مواصلة السعي لحل الدولتين وضعوا خطة تحرك لمواجهة الجهود الإسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية وهدم أسس عملية السلام - بحث سبل إعادة الترويج لمبادرة السلام العربية لتكون أساس مفاوضات السلام إذا ما تم استئنافها - تنشيط جهود المصالحة الفلسطينية دعماً للموقف التفاوضي الفلسطيني).

سد النهضة

وعن العاصفة الرابعة، وهي المعضلة الخاصة بمفاوضات سد النهضة الأثيوبي، في ظل تعنت أديس أبابا ليس فقط إزاء طرق حل الجوانب الفنية، أو حتى حول معدلات مرور المياه عبر السد، وإنما تقع أساساً حول تمسك إثيوبيا بأن تكون لها اليد العليا والوحيدة على النيل، لذا تتمسك بأن يترك الاتفاق الذي يتم التفاوض حولة حق التفسير والتعديل حسب الظروف لإثيوبيا وحدها، بخاصة بالنسبة لمعدلات تدفق المياه عبر السد، مما يخلق سابقة أولى في إدارة الأنهار عابره الحدود بأن يكون لدولة واحدة القرار السيادي والمستقل، ‏وغرض إثيوبيا في ذلك يتجاوز سد النهضة ويرتبط بمشروعات لبناء سدود أخرى.
قال وزير الخارجية الأسبق: "سبق لي أن اقترحت آلية متدرجة لإدارة السد، وأخرى لحل المنازعات من خلال إنشاء آلية تحكيم ثابتة تحسم في الاختلافات بشكل سريع وملزم، سعياً للتوصل إلى حلول توافقية من خلال التفاوض السياسي، إلا أنه من متابعة المواقف والتحركات الأخيرة أجد من الصعب الاطمئنان إلى أننا في الطريق إلى انفراجه.. ولا أخفي قلقي من أن سياسة فرض الأمر الواقع الإثيوبية ما زالت هي الحاكمة لتحركها، وآمل أن تثبت الأحداث خطأ تقديراتي، لأنه في غياب حلول ترضي الجميع ‏من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة توتراً وتصعيداً بين مصر وإثيوبيا على مستويات عدة، ‏ويكون لها تداعيات واسعة وبالغة الخطورة على المدى الطويل، في ظل حساسية هذه المشكلة بالنسبة لمصر، التي تعتبرها قضية وجودية لمستقبل البلاد واحتياجات مواطنيها".