الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد قضية «آيا صوفيا»: أردوغان يسعى لفرض تركيا العثمانية.. وتعزيز الشعبية بديلًا للخسائر العسكرية المتتالية

الرئيس نيوز

«كيف يمكن التعامل مع دولة جارة لدى قيادتها طموحات توسعية؟» أثارت صحيفة كاثمريني اليونانية هذا السؤال مشيرة إلى أهمية «قراءة» الموقف الراهن بشكل صحيح، إذ  تعتبر تركيا اليوم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان نفسها «دولة مركزية»، وقوة إقليمية أو حتى دولية، فلديها عضوية في مجموعة العشرين، إضافة لأن حجمها يسمح بالحفاظ على العلاقات «التبادلية» الانتهازية، والتنسيق أو الاشتباك مع روسيا، واستغلال الناتو بشكل فعال وإن كان غير عادل، كما زعمت حتى وقت قريب تمتعها برأس المال الأخلاقي من خلال توفير المأوى لأكثر من 3.5 مليون لاجئ ومنعهم من العبور إلى أوروبا. في مقابل هذه الخدمة، طلبت المال، والوصول السهل إلى السوق الأوروبية وحركة أسهل للمواطنين الأتراك.

وأضافت الصحيفة أن تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد يشكل نقطة تحول وفي نفس الوقت تتويج لغطرسة أردوغان، في إشارة لأن الرئيس التركي يفضل تحويل تركيا إلى منارة عالمية للإسلام السني بدلاً من الحفاظ على مظهر الدولة العلمانية ذات التوجه الغربي، ويشعر بضغط من الوضع الراهن واقتراب انتهاء معاهدة لوزان؛ ساعيًا لفرض تركيا العثمانية الجديدة، لافتة لأنه إذا كان الوباء هو المعجل للتكامل المالي للاتحاد الأوروبي، فإن التحدي التركي والفراغ الناجم عن غياب الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب يعجلان بضرورة الحشد لسياسة خارجية أوروبية أكثر ديناميكية، مدفوعة الآن ليس فقط بباريس ولكن أيضًا ببرلين.

ضعف الجبهة الداخلية في تركيا

وأوضح التقرير أن هناك حدود واضحة للمدى الذي يمكن أن يصل إليه الاتحاد الأوروبي، اعتمادًا على المادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي تشير بشكل رئيسي إلى البعثات العسكرية المشتركة خارج الاتحاد الأوروبي في الفقرة الأخيرة 7 التي تنص على «تطبيق مبدأ المساعدات(بند الدفاع المتبادل)، في حالة وقوع هجوم مسلح على دولة عضو»؛ إذ تبقى العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية الأداة الرئيسية لأوروبا، وتعد فرنسا هي القوة العسكرية الوحيدة الموثوق بها في تطبيق هذا البند ومن ثم يجب تعزيز التعاون بين مجموعة أساسية من الدول حول فرنسا وألمانيا، حيث تطمح اليونان إلى المشاركة فيها، ومع ذلك، يستغرق هذا الجهد الكثير من الوقت.

واعتبرت الصحيفة القرار بشأن آيا صوفيا نتاجًا للتحول إلى عهد العثمانيين الجدد بقدر كونه نتيجة طبيعية للضعف الداخلي الحاد لحكم أردوغان حصد من قراره تعزيز الشعبية المحلية، للتعويض عن تراجع أسهمه في استطلاعات الرأي بسبب الخسائر العسكرية والأزمة الاقتصادية الحادة، لافتة لأن كونه محاصراً قد يجعل منه شخصًا أكثر خطورة.

وتساءلت الصحيفة: «كيف يمكن التفاعل المجدي مع نظام يقوم بعمليات عسكرية في الداخل والخارج، في سوريا والعراق وليبيا؟ بل ويتدخل بقوة في دعم القوى التخريبية في دول عربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؟»، موضحة أن جوهر رد الفعل، يكمن في التحصين الدفاعي.

اقرأ ايضا


وبالنسبة لليونان فإن استعداد قواتها المسلحة، والردع، يعد تعظيم تكلفة المواجهة على اقتصاد الجار صاحب الرأس الساخن، مع ضبط النفس، إذ تشير الصحيفة إلى أنه من غير المنطقي أن ترد على جار يقذف نحوك برميل بارود بأن تقذف عليه زهور القرنفل، إذ تعول اليونان على ما تبقى من الشرعية والالتزام بالقانون الدولي، ما يعني الاستعداد للمناقشة مع تركيا، ولكن ليس تحت التهديد.

تخلي الاتحاد الأوروبي عن قيمه 

في السياق نفسه تؤكد الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي تخلى عن قيمه من خلال السماح لأردوغان بالجنون دون عقاب، إذ  ينتهك كل مواد  حقوق الإنسان في بلده، ويزعزع استقرار البلدان الأخرى بينما يستغل نقاط ضعفها ومواردها من أجل تعزيز أجندته، بينما تقنع القوى الغربية نفسها بأن تركيا لا تزال «حليفًا» لا غنى عنه، وأن تجاوزات أردوغان والإعسار الأخلاقي هي الثمن الذي هم على استعداد لدفعه، في تبني واضح لقناعة أنه في حقبة ما بعد أردوغان، ستصبح تركيا لاعبا بناء وقوة ذات أهمية جيواستراتيجية، وهو ما يفوق سلوك أردوغان الفظيع العابر، ومن أجل فهم جدية تجاوزات أردوغان الخارجية والانتهاكات الأخلاقية، يكفي رسم تخطيطي موجز لكشف حجم إجرامه، الأمر الذي يثير السؤال المحير: لماذا تستمر القوى الغربية في الانغماس مع مثل هذا الديكتاتور المستبد؟

جرائم أردوغان 

بحلول عام 2023، تأتي الذكرى السنوية المائة لجمهورية تركيا، إذ يطمح أردوغان لممارسة نفوذ مماثل لما كانت تتمتع به الإمبراطورية العثمانية في ذروتها، ما يفسر نزواته المحلية والدولية، كما يواصل ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في تركيا باستخدام الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016 كذريعة لإسكات وسائل الإعلام، حيث سجن أكثر من 150 صحفيًا، وسجن حوالي 80000 يشتبه في انتمائهم إلى حركة جولن، وسرح 150000 ضابطًا عسكريًا وموظفًا حكوميًا، وشارك في عملية منهجية للتطهير العرقي ضد الأقليات في تركيا وشمال سوريا، ويضطهد بشكل منهجي الأكراد، ويواصل حربًا استمرت 50 عامًا ضد حزب العمال الكردستاني؛ الذي يعتبره منظمة إرهابية، ويرفض استئناف المفاوضات مع الأكراد وإنهاء المذبحة التي أودت بحياة حوالي 40000 شخص.