الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«ضياع القدس» لم يوحّد العرب.. الخلافات سهّلت المهمة

الرئيس نيوز

في العام 1981، أعلنت واشنطن نيتها نقل سفارتها من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة، وقالت إن دولا غربية أخرى ستحذو حذوها، فجاء الردّ من الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، والعاهل السعودي وقتها، الملك خالد بن العزيز، سريعاً وحاسماً وواضعاً الأمور في نصابها.
وقتها طار الرئيس العراقي الراحل إلى الرياض، وعقد اجتماعا عاجلا مع الملك خالد، في مطار الرياض، وأخرجا معا بياناً مشتركا كتبه صدام حسين بخط يده.
ونص البيان الذي بثّه التلفزيون الرسمي السعودي وقتها، على أن الرياض وبغداد ستقطعان العلاقات الدبلوماسية فوراً مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس المحتلّة، وستوقفان إمدادات النفط فوراً لتلك الدول، وستلغيان كل العقود المبرمة معها، وستطردان كل رعاياها العاملين في المجال النفطي بكلا البلدين.
ونص البيان أيضا على تجميد كل العقود الاقتصادية مع تلك الدول، وسحب كل الأموال السعودية والعراقية المودعة في بنوكها.
وفور إذاعة البيان، حجزت الرياض وبغداد بواخر كانت محملة بالنفط في الموانئ وفي عرض البحار كانت متوجهة إلى دول أوربية، وهو ما أجبر هذه الدول على إرجاء قرارها حتى اليوم.
هذا الموقف السعودي العراقي يؤكد أن لدى العرب خيارات كثيرة لمواجهة قرار ترامب، وخاصة فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، غير أن هذه الخيارات بحاجة لإرادة سياسية تبدو غير متوفّرة في الوقت الحالي.
إلا أن حالة من التمزق العربى انعكست على قوة رد الفعل العربى على قرار بخطورة تهويد القدس بشكل كامل ، لم ينتج عنه حتى الان سوى تصريحات استنكارية، وتراشق معلن وغير معلن بين الدول العربية وقاداتها.
على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها القاهرة، وانغماسها فى عملية كاملة من الإصلاح الاقتصادى تجبرها على قرارات جراحية صعبة يتحملها قطاعات واسعة من الشعب، وتدفعها للاعتماد على قرضين من الصنوق والبنك الدولى، وما تحرص عليه من علاقات استراتيجية مع الإدارة الامريكية فى إطار حرب ضد الإرهاب تدور رحاها على محاورها الاستراتيجية ، تمسكت القاهرة بموقفها الرسمى من رفض قرار ترامب واعتباره خرقا لقرارات الشرعية الدولية وعقد السيسى قمة ثنائة ونظيره الفلسطيني محمود عباس، بحثا خلالها سبل التعامل مع القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسبل التعامل مع الأزمة بما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته الوطنية وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وسبق قرار القمة الثلاثية اتصالات أجراها السيسي مع عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إذ تلقى الملك الأردني، جرى خلاله بحث التطورات المتعلقة بالقدس، في أعقاب القرار الأميركي.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر تستنكر القرار الأمريكي الأحادي المخالف للشرعية الدولية، ولا تعتبره منشئأً لأية آثار قانونية أو سياسية، مؤكدا أن القدس أرض تحت الاحتلال، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وتابع الرئيس خلال كلمته أمام القمة الإسلامية الطارئة حول القدس في اسطنبول والتي ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية سامح شكري- أن هذه حقيقة تاريخية وقانونية، تدعمها قرارات صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يمكن أن تتغير هذه الحقيقة إلا بإنهاء واقع الاحتلال.  وليس من حق أي طرف، مهما كان، أن يتصور أن بإمكانه القفز على القانون الدولي والحقوق التاريخية، ليضفي الشرعية على إغتصاب الأرض والحق.
وشدد الرئيس على أن أي تغيير لوضعية القدس، مكافأة للاحتلال وإزهاق لحق تاريخي وقانوني للشعب الفلسطيني يجعل من كل حديث عن السلام، أو عن نظام دولي يلتزم بالكرامة وحقوق الإنسان، لا طائل من ورائه.
وأضاف الرئيس أن قضية القدس، هي قضية الحق والعدل في مواجهة سياسات القوة وإقرار الأمر الواقع ومكافأة المحتل. لذلك تحديدًا، كان الإصطفاف العربي والإسلامي والدولي غير المسبوق، رفضًا لأي محاولة للمساس بوضعية هذه المدينة العزيزة علينا جميعًا، أو بحق الشعب الفلسطيني الأصيل، وغير القابل للتصرف، في أن يقرر مصيره ويحقق الاستقلال في دولته وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعت مصر إلى عقد جلسة طارئة بمجلس الأمن، وأعربت مصر على لسان مندوبها الدائم في الأمم المتحدة السفير عمرو أبو العطا عن استنكارها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، معتبرة ذلك مخالفة لقواعد الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وقال أبو العطا إنه “من المهم استذكار آخر قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن، والتي لم يتخط عمرها العام الواحد، وهو القرار 2334 الذى أكد عدم اعتراف المجلس بأي تغير في خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشريف، إلا من خلال التفاوض بين الأطراف”.
وأضاف أنه “انطلاقاً من ذلك، فإن مصر تعرب عن استنكارها لقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارتها إليها، وتعلن رفضها لأي أثار مترتبة على ذلك”.
مؤكداً أن “اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفاً للشرعية الدولية وبالتالي، فإنها قرارات غير ذات أثر على الوضع القانوني لمدينة القدس كونها مدينة واقعة تحت الاحتلال ولا يجوز قانوناً القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة”.

حالة التوتر السعودى الأردنى تسبق قرار ترامب الكارثى حول القدس، حيث بدأت بوادر التوتر بين المملكتين مع ظهور نوايا  السعودية منافسة الأدرن فى ملف الوصاية على المقدسات فى القدس المحتلة ، منذ قضية تركيب الكاميرات والبوابات بمدخل الأقصى والتدخل السعودى من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز الأمر الذى أقلق الأردن.
ويأتى تراجع المساعدات الاقتصادية السعودية للأردن كأحد أوراق الضغط على عمان لعدم التوافق فى الرؤى حول قضايا المنطقة.
واشتعلت حرب كلامية بين السفير السعودي ونواب أردنيين على خلفية بيان أصدرته سفارة الرياض طالبت فيه الرعايا السعوديين بالابتعاد عن المسيرات التي خرجت في مدن أردنية تنديدا بالقرار الأمريكي، وانتقد السفير الهجوم الذي تعرضت له المملكة ورموزها، مشيرا إلى أن هذا الأمر اشترك به نواب من البرلمان الأردني واعتبر ذلك أمرا مؤسف.واعتبر أن توجيه الشتائم لرموز المملكة ‘أمرا ناقصا’ وتوعد من يتعدى حدوده أيا كان.

اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن المعلومات التي تتردد حول اتفاق سعودي أمريكي بشأن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لاسرائيل، وإقامة علاقات بين الرياض والدولة العبرية “بلا معنى”.
وقال الجبير في مقابلة مع صحيفة (لوموند) الفرنسية إن موقف بلاده من القدس وعملية السلام “لم يتغير”.
وأكد الجبير أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل “يقوض جهود السلام” و”يقدم مبررات لدعاة التطرف”.
وأعرب الوزير عن ثقته بأن تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطييني “يجب أن يكون تفاوضيا على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية التي تشمل حل دولتين” إسرائيلية وفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ورغم أنه لا يزال يعتبر الولايات المتحدة مفاوضا أمينا، لكن الجبير أكد أنها لا يجب أن تتخذ قرارات أحادية.
وقال إن “الولايات المتحدة قوة عظمى ولديها روابط قوية بإسرائيل والدول العربية. إنها دولة يمكنها أن تلعب دورا أكثر من مهم نحو المضي قدما في عملية السلام. الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يمكنهما ممارسة دور أكبر، ولكن ليس حاسما بشكل كبير”.
أعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري  تحفظه على قرار الجامعة العربية بشأن إعلان الرئيس دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وطالب وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع طارئ في القاهرة، الرئيس الأميركي بإلغاء قراره، وأكدوا العمل على استصدار قرار من مجلس الأمن بشأن القضية ذاتها.
وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إن قرارات الجامعة العربية “لم تصل لمستوى صياغة موقف مسؤول وحقيقي”، مضيفا أن بلاده اقترحت اتخاذ “إجراءات دبلوماسية”
وعلى النقيض من الموقف العراقى الصريح والواضح باتجاه القدس ، فإن حالة من الصمت الرسمي الكردى إزاء القضية أثار تساؤلات حول حقيقة الموقف الكردى خاصة فى ضوء ما حصل عليه من تأيد كطلق من إسرئيل فى استفتاء الانفصال.
وتبقى الكويت حائرة بين دول المقاطعة العربية الأربع السعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى، بينما تتمسك الكويت بدور الوساطة وحمامة السلام يصر الجانب الأخر على تجاهل أى فاعليات تجمعه بقطر وحضر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامى والتى غاب عنها قادة الدول الأربع.
ودعا مرزوق الغانم رئيس البرلمان إلى ضرورة أن يتوجه البرلمانيون العرب إلى الدوائر البرلمانية القارية والدولية وعلى رأسها الاتحاد البرلماني الدولي معتمدين على لغة الحوار الانساني لشرح عدالة قضية الشعب الفلسطيني.
وأضاف “صحيح أنه يجب الضغط والتحرك باتجاه واشنطن التي اعترفت بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني فهذا مهم لكن ماذا عن تحركنا الواجب إزاء برلمانات أكثر من 170 دولة عضوة في الأمم المتحدة وفي الاتحاد البرلماني الدولي”.
ودعا الغانم إلى “ضمان ألا تتحول الاجتماعات العربية حول القدس إلى حلقة مفرغة من جلد الذات ونصب البكائيات، وفتح محاكمات منفعلة لمن قصر ولمن تقاعس ولمن تراجع ولمن تناسى القضية المركزية وهي قضية فلسطين”، حسب وصفه.
و أشار إلى ورقة العمل التي تقدم بها الوفد الكويتي للاجتماع الطارئ والتي تضمنت العديد من النقاط والاقتراحات العملية التي تتعلق بحشد التأييد البرلماني الدولي نصرة لقضية الشعب الفلسطيني وقضية القدس.