الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أحدهم صرخ في وجه الملك.. كواليس مثيرة للساعات الأولى من ثورة يوليو

الرئيس نيوز

علي ماهر يحتد على "فاروق" في الهاتف: "جاي لك يا مولانا!".. ومحمد نجيب لمسئول أمريكي: "لا تقلق"

في القاهرة، كان "الضباط الأحرار" سيطروا على مركز القيادة، وفرضوا تأمينات مشددة على المنشآت الحيوية، ووضعوا قواتهم على مداخل طرق العاصمة.. قامت حركة الجيش لتصحيح الأوضاع.

هذا هو المشهد الأول الكبير لثورة 23 يوليو 1952، لكن الصورة الكبيرة كانت تحمل الكثير من التفاصيل المثيرة، وخصوصا في الإسكندرية التي كان فيها الملك فاروق.

فعلى الجانب الآخر، كانت البلاط الملكي في قصر المنتزة ثم رأس التين في حالة ارتباك، الاتصالات جارية، والتكهنات كثيرة، والمواقف المثيرة حاضرة أيضا.



في كتاب "فتحي رضوان يروي أسرار حكومة يوليو"، يروي مؤلفه ضياء الدين بيبرس، كيف أن "رضوان" الذي كان من أوائل الخبرات السياسية التي استعان بها الضباط، اطلع على كثير من تلك الكواليس.

ففي صباح 26 يوليو، وهو اليوم الذي تخلى فيه الملك عن العرش، ذهب "رضوان" إلى مقر رئاسة الوزراء بالإسكندرية، وهناك التقى محمد ماهر، مدير مكتب رئيس الحكومة علي باشا ماهر.

وحكى محمد ماهر لفتحي رضوان بعض الأسرار التي اطلع عليها، كاشفا أن الملك فاروق فرّ من قصر المنتزة إلى قصر رأس التين في جنح الليل بعد أن أحس بحصار الجيش حوله.



ويبدو أن "فاروق" تصور أنه سيجد في قصر رأس التين أمانا لم يجده في المنتزة، ولا سيما أن لقصر "التين" مرفأ ترسو عنده البواخر الملكية كالمحروسة وفخر البحار.

ومن كواليس ما حدث كذلك، أن الملك فاروق "راح يطارد علي ماهر بالتليفون في جناحه في فندق سان استيفانو لدرجة أن علي ماهر كاد ينكفئ على وجهه وهو يهرول تجاه التليفون بعد أن فاجأه رنينه وهو يلبس البنطلون!".

ويروي مدير مكتب رئيس الوزراء أن علي ماهر فقد طاقته التقليدية على خفوت الصوت في حضرة الملوك، وصاح فجأة في وجه الملك على الهاتف، بلهجة تنم عن نفاذ الصبر: "يا مولانا أنا جاي لك.. أنا جاي لك يا مولانا!".


وأضاف محمد ماهر أن الملك فاروق حاول الاتصال بالسفيرين البريطاني والأمريكي بعد علمه بحركة الضباط الأحرار، لكنه لم يصل إلا ببعض الموظفين الكبار في السفارتين.

بعد ذلك، اتصل السفير الأمريكي بعلي ماهر، رئيس الوزراء، وطلب منه بإلحاح اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الملك وضمان سلامته.

ومن كواليس ما حدث كذلك، أن السفير الأول للسفارة الأمريكية "سباركس"، دخل وهو في حالة اضطراب حجرة مدير مكتب رئيس الوزراء، فوجد اللواء محمد نجيب على باب غرفة رئيس الوزراء، ليطمئنه بكلمتين اثنتين: "لا تقلق!".

كانت أحداث اليوم تتسارع، وتوصلت المناقشات والاقتراحات ما بين مجلس قيادة الثورة ورئاسة الوزراء ومجلس الدولة إلى نص وثيقة تنازل فاروق على العرش.

وفي المساء، بحلول الساعة السادسة، كان علي ماهر، وسليمان حافظ وكيل مجلس الدولة في موقف استثنائي، عندما طلبا من الملك التوقيع على وثيقة التنازل.


ونقل فتحي رضوان عن علي ماهر باشا مشاعره في تلك اللحظة كالتالي: "كان الأمر شاقا عليّ أنا بالذات، فقد كنت أنا الذي اتخذت إجراءات المناداة به ملكا، ثم عملت على تخفيض سن الرشد المقررة دستوريا له، بأن سعيد حتى اُحتسب عمره بالتقويم الهجري وليس التقويم الميلادي، وبذلك تسلم عرشه قبل مبكرا خمسة شهور ونصف".

ويسجل "ماهر" شهادة صغيرة مهمة عن عصر فاروق فيواصل قائلا: "لكني على كل حال غير آسف إذ أبلغه هذا القرار لأنه استعصى على الإصلاح ورفض نصائحي وأبعدني عنه تماما!".