الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

خبراء يضعون استراتيجية "إعلام الحرب": تدفق فوري للأخبار وتفنيد الشائعات وعدم الحشد والتهييج

الرئيس نيوز

تواجه مصر تحديات ومخاطر جمة تفرض نفسها على الساحة الإعلامية، أبرزها التعنت الإثيوبي في أزمة سد النهضة، وإصرار تركيا على دعم المليشيات ونشر الفوضى في ليبيا، وهو ما يجعل الدولة تتحرك بكامل مؤسساتها لمواجهة هذه المخاطر والتغلب على هذه التحديات.

ويعد الإعلام أحد أبرز أسلحة الدولة الناعمة في مواجهةالتحديات لتوجيه الرسائل اللازمة للمواطنين ، "الرئيس نيوز" تحدث مع عدد من خبراء الإعلام والمتخصصين لوضع استراتيجية إعلامية واضحة في مرحلة اعتبرها الجميع "إعلام حرب".

في البداية قال الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامي،إن معالجة أخبار الحروب والعمليات العسكرية في جميع الدول سواء متقدمة أو نامية تخضع للكثير من المعايير المهنية والقيود التي لا تتسامح فيها الدول مع الأخطاء، خاصة أن هذه الأخطاء في أحيان كثيرة لها تأثيرات ضارة بسبب أنماط المعالجة الخاطئة والمضللة والمهيجة، وبالتالي لا يمكن لأي دولة أن تنخرط في صراعات ذات طابع عسكري دون إرساء استراتيجية واضحة للمعالجة الإعلامية.

 وأضاف في تصريح لـ"الرئيس نيوز" أن هذه الاستراتيجية يجب أن تتضمن ركائز معينة منها إبقاء المواطنين مطلعين على كافة التطورات الجارية بشكل دقيق وفوري، ومواجهة الأخبار المضللة والشائعات التي ترد ضمن أخبار الحرب النفسية للدول المعادية وأطراف الصراع، ويأتي عبر إجلاء الحقائق والرد على المغالطات بشكل فوري، لأن ترك الخبر المضلل ساعة واحدة دون رد وتوضيح يحوله إلى حقيقة ومن الصعب التعامل معاه بعد ذلك.

 وأوضح أنه يجب حظر نشر الأخبار التى تكشف تحركات غير معلنة بشكل رسمي، بما قد يؤثر على سلامة القوات المسلحة الوطنية، وهذا أمر دستوري وقانوني وليس تقيد لحرية الإعلام، ويجب أن يكون هناك حماية للعمليات والتحركات غير المعلنة بشكل رسمي حتى لا تتحول إلى عملية إخبار بأسرار عسكرية، ويجب عدم التورط في أنماط المعالجة التعبوية والتحشيدية والتهيجية، لأن هذا الأمر يأخذ الجمهور إلى مواقف يمكن ان تزعزع سلامة الجبهة الداخلية، ويأتي ذلك عبر التركيز على النقل الموضوعي وسنده المعلوماتي دون الحث التعبوي والتهيجي.

 

استضافة مصادر ذات صلة بالموضوع

وأشار ياسر عبدالعزيز إلى أنه بشأن التحليلات ومواد الرأى، يجب أن تكون متوازنة لأن لها دور كبير في إجلاء الغموض وتوضيح الحقائق للمشاهدين، وقال: "في ظل اهتمام قطاعات عديدة من المصادر للإدلاء بأرائها فى الأمور المتعلقة بالأعمال ذات الطبيعة العسكرية، يجب على الأطقم الإعلامية والتحريرية توخي الحذر فى اختيار المصادر، ويجب أن تكون المصادر جديرة بالمعرفة، ولديها قدر من المعلومات والفهم لطبيعة الأمر وتطوراته، والابتعاد عن المصادر غير ذات الصلة وذات النزاعات السياسية المهيجة والتعبوية".

 

استخدام الانفوجراف والجرافيك لتوصيل المعلومة للجمهور

وأكد عبدالعزيز، أن معالجة التطورات العسكرية يجب أن تكون مؤيدة ومدعمة بالوثائق والمعلومات ومواد الإبراز مثل (الخرائط والجرافيك والفيديو جراف والانفوجراف) وكل مواد الإبراز، وكما نطلق عيها المواد التوضيحية لأن هذا يعزز فهم الجمهور للأوضاع.

وكشف الخبير الإعلامي أن كل الدول فى العالم لديها نوعان من الضوابط، بعضها دائم وبعضها مستجد فى حالات محددة، مؤكدا أهمية وجود تواصل مستمر، خصوصا فيما يتعلق بالتفرقة بين المعلومات المصنفة وغير المصنفة.

وقال: "هناك نوعان من الأكواد والمدونات وكود تابع للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بخصوص معالجة العمليات العسكرية وهذا لتنظيم المعالجة فى العمليات الارهابية والعسكرية، وهذه أكواد دائمة، لكن فى أتون العمليات يجب على الجهاز المعني بالتواصل في الدولة أن يكون على تواصل دائم وخصوصا فى التفرقة بين المعلومات المصنفة سرية وغير المصنفة، لأن التواصل يعزز الفهم ويمنع وقوع الأخطاء، وكلما استطاعت إدارة التواصل فى توصيل التدفق المستمر للأخبار والفوري كلما قلت فرص ارتكاب أخطاء.

وعن القائمين على وسائل الإعلام، قال ياسر عبدالعزيز:"يجب من خلال تواصلهم مع الإدارة المسئولة عن الملف الحرص على اختيار المصادر الدقيقة ويجب أن تكون لديها صلة حقيقية بالملف وخبرة ومعرفة ومعلومات بقدر كافي وإحاطة، والبعد عن الحث التعبوي والتهيجي، لأن ذلك لا يخدم الدول فى أوقات الحروب، وما يخدم هو معالجة إعلامية دقيقة وجارية وموضوعية، الهدف منها إبقاء الجمهور على قدر كبير من الفهم والمعرفة لطبيعة الأمور".

 

تحميس المواطنين بالأغاني والأفلام الوطنية

وأضاف: "هل الدولة في حاجة لتجييش العواطف والتعبئة !، بالطبع تحتاج الدولة لهذا في ظل الظروف المحيطة، لكن الخطورة أن يجري هذا التجييش عبر التغطية الإخبارية لأن التعبئة ليس مجالها التغطية الإخبارية، ولكن التعبئة مجالها الأدوات الدعائية مثل (البروموهات والأغاني والأفلام الوطنية والموسيقى الحماسية)، ولا يجب أن نقاتل بالأخبار لأن الدول التي تحارب بالأخبار تخسر دائما، وهذا لا يعني أن نحرم الدولة من تجييش العواطف والمشاعر والتضامن والتحميس وتهيئة الحالة المعنوية للجمهور، لمواجهة وتقبل تكاليف الحرب ودعم القوات النظامية.

وتابع: "لا يجب أن نجري فى مجال الأخبار، لأن اللجوء له سيفقدها فاعليتها وتأثيرها، وسيلجأ الجمهور للإعلام المعادي كما حدث في حرب 1967 عندما لجأ الناس لراديو لندن وراديو الاحتلال الإسرائيلي، وهذه كارثة كبيرة أن يفقد إعلامك مصداقيته وقت الحرب، خاصة أن هناك معادل حاليا وهي قنوات الجزيرة القطرية والقنوات الإخوانية والتركية التي تبث من الخارج، ولذلك يجب أن يبقى المجال الإخباري موضوعي وقائم على الإحاطة والتبليغ والإفهام، وألا يتحول لدعائي، خاصة أن الأزمات المحيطة وطريقة الدولة المصرية لمواجهتها عليها إجماع شعبي".

 

فيما قال الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، إن إعلام الحرب يتطلب إجراءات خاصة واستثنائية، والعبرة ليست بما يقول لكن كيفية توصيل الرسالة.

اختيار الإعلاميين القادرين على البحث والمعرفة

وأضاف أن الإعداد الجيد مهم ويجب التركيز على جمع المعلومات والمعرفة واختيار إعلاميين يجيدون الإعداد والبحث والتواصل والمعرفة، وامتلاك المصداقية والقدرة على المحاورة والتحليل الدقيق للأحداث.

وأشار إلى أنه لا يجب في إعلام الحرب أن يخرج الإعلامي ليتحدث منفردا لمدة ساعة على الهواء في تفاصيل وأمور لا يعرفها، ويجب أن يترك المساحة للخبراء والمتخصصين للحديث وتوعية المشاهدين وتحليل الأمور بشكل صحيح دون مزايدة وتهويل، مؤكدا أن المحتوى الإخباري يجب أن يكون دقيق وسريع ومكثف ويعتمد على معلومات حقيقية ومصادر قوية، إضافة إلى فتح مجال للتواصل مع الخارج عن طريق إعلامنا، والاستعانة بالأجيال التي لديها لغة ومعرفة بالخارج لتوصيل رسالتنا لهم.

وتابع عبدالعزيز : "يجب أن يكون هناك مواجهة وهذا مبدأ الرئيس السيسي الثابت فى كل الأزمات، فالرجل يؤمن أن زمن عدم المواجهة والتأجيل انتهى بلا رجعه، ويجب أن يقول الإعلام الحقائق كاملة للناس دون تجميل حتى يعرفوا أننا نمر بمخاطر ويتحملوا أي أعباء بهدف دعم دولتهم، وهذا يأتي عن طريق المعرفة بالأمور والتفاصيل من خلال إعلام قادر على تقديم المعلومات والتحليلات الصحيحة".

 توصيل الرسالة المباشرة للرئيس والبعد عن التخمينات

وطالب سامي عبدالعزيز في حديثه لـ"الرئيس نيوز" أن يدرك الإعلام المسئولية ويسعى لتوصيل رسائل الرئيس المباشرة والواضحة جدا بشأن التدخل في ليبيا، مؤكدا أن الرئيس لم يترك مساحة للتخمينات وتحدث عن هذا الأمر بصدق وقوة ووضوح تام، فمصر لم تتدخل في ليبيا طمعا في شيء ولا تستهدف احتلالها، ويجب على العالم دعم موقف مصر وحقها فى حماية أمنها القومي والحدودي، والقبائل والشعب الليبي يدعمون مصر ويطالبون بتدخلها لحمايتهم من البلطجة التركية، وكل القبائل الليبية تتضامن مع مصر وتدعم موقفها، إضافة إلى الدول العربية الشقيقة، كل هذه الأمور يجب أن تصل للمواطنين عن طريق الإعلام من خلال خطاب قوي مباشر صريح يتوافق مع خطاب الرئيس السيسي.

وقال عبدالعزيز إنه بالنسبة لأزمة سد النهضة فإن الرئيس تعامل معها بحكمة واتزان وبعيداً عن الشعارات الرنانة لكسب شعبية مزيفة على حساب مستقبل أمة.

وطالب سامي عبدالعزيز الإعلام بألا ينجرف ويتعجل الأمور، قائلا: "مادام للسفينة ربان يعرف ربه، ويدرك قدر وطنه وحياة شعبه فنسانده بالحكمة والاتزان، خاصة الشباب عبر السوشيال ميديا بكل اللغات فى كل الاتجاهات".