الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أكاذيب أردوغان وأجداده في ليبيا (4): الأتراك يفرضون الضرائب ويتركون الأهالي فريسة للكوليرا

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

"إن نصرة أحفاد أجدادنا في شمال إفريقيا تأتي على رأس مهامنا".. هكذا زعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات أمام برلمان بلاده، في شهر يناير الماضي، مطلقا أكاذيب جديدة اعتاد عليها هو وأجداده العثمانيون.

ويبدو أن "وهم السلطنة" يتخلط عند أردوغان بالحقائق، إذ يحاول ليّ عنق التاريخ وما قاسته الشعوب بسبب أجداده، في محاولة لخدمة أطماعه الجديدة حاليا.


تصريح اردوغان قبل أشهر كان تميهدا لما يفعله حاليا في ليبيا التي أشاع فيها المرتزقة والميليشيات، للسيطرة على حقوق النفط والاستئثار بعقود "التنمية"، ولإرباك مصر من خلال جارتها الغربية.

في السطور التالية، نواصل تفنيد مزاعم أردوغان عن تاريخ أجداده الأتراك في ليبيا قبل أكثر من 5 قرون، لنكشف أن ما حدث لم يكن "فتحا إسلاميا" كما يدعي، وإنما احتلال عثماني عسكري لـ"طرابلس" كما كانت ليبيا تسمى في ذلك العصر. وسنعتمد هنا على كتاب "تاريخ ليبيا.. من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع القرن العشرين"، للمؤرخ الروسي نيكولاي ايليتش بروشين، وترجمة الدكتور عماد حاتم.

اقرأ أيضا: أكاذيب أردوغان وأجداده مع ليبيا (1): أسطورة استنجاد وفد طرابلسي بسليم الأول

وصلنا الآن إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث الاحتلال العثماني لـ"طرابلس الغرب"، أي ليبيا، لا يكاد يهنأ بشهر من الهدوء، بسبب الطابع المقاوم في نفوس أهالي البلاد.

يقول المؤلف أن السخط المتفاقم من السلطة التريكية بدأ يظهر في مدن الجزء الساحلي من طرابلس الغرب وقراها وبين البدو والرُحّل، بسبب ضريبة مجحفة فرضها الباب العالي، أي الخليفة العثماني في إسطنبول، على بعض مقاطعاته، وكانت سارية أيضا على ليبيا.


ويضيف أن الاضطرابات زادت أكثر بسبب وباء الكوليرا الذي ظهر في ليبيا سنة 1850، وأدى إلى مغادرة الكثيرين من سكان طرابلس والمناطق المحيطة بها البلاد بحثا عن النجاة، فقصدوا مصر وتونس والجزائر ومالطا.

ويلفت المؤلف إلى أن السلطات التركية لم تتخذ أية إجراءات تجاه هذه الكارثة الصحية، فبلغت الوفيات خلال ثلاثة أشهر فقط في طرابلس وحدها 800 شخص، وتلقص عدد سكان المدينة إلى 5 آلاف نسمة.

اقرأ أيضا: أكاذيب أردوغان وأجداده مع ليبيا (2): سلب ونهب وتهجير.. وثورات مستمرة ضد الأتراك

هذا الأمر زاد من سخط السكان على السلطات التركية المحتلة، وبدأت الدعوات إلى الاستعداد لاستئناف الصراع المسلح ضد العثمانيين.

وبسبب الاضطرابات الممتالية، اعتاد الخليفة العثماني على تغيير ولاته على ليبيا كثيرا، ووسط تأزم الوضع، أرسل مصطفى نوري باشا بدلا من أحمد عزت باشا.

ويروي المؤلف أن الوالي الجديد بدأ نشاطه بإصدار أوامره بإلقاء القبض على كل من تجرأ وأرسل شكاوى إلى اسطنبول، وشن حملة الاعتقالات تواكبت مع القلاقل التي سببها امتناع سكان المنشية والساحل عن دفع الضريبة.


كل هذا ساعد على تنامي السخط بين الجماهير الشعبية وازدادت المشاعر المعادية للأتراك بصورة حادة في مرحلة دخول تركيا الحرب ضد روسيا والتي رآها الأهالي فرصة لإعلان الاستقلال، فدخلت البلاد مرحلة ثورة على الاحتلال التركي بقيادة غومة بن خليفة، الذي كان عاد في تونس.

اقرأ أيضا: أكاذيب أردوغان وأجداده مع ليبيا (3): كيف ساعد محمد علي الليبيين على مقاومة الأتراك؟

عاد "غومة" إلى ليبيا بعد فترة من هربه من الأسر، فاستقبله الأهالي بحماس شديد، وجاء إليه المؤيديون من كل مكان، فتمكن من تشكيل جيش من الثوار.

دارت بين الثوار الليبيين والقوات التركية معارك عديدة، تراوحت فيها الغلبة للطرفين، لكن قوات "غومة" تقدم إلى طرابلس وبدا أنه قريبا من السيطرة عليها، ما دعا الباب العالي إلى تغيير الوالي التركي مرة أخرى، واستعاد السيطرة على المدينة.


في تلك الأثناء كانت قوات "غومة" أنهكها التعب ووباء الكوليرا، وتناقص عددهم، فذهب بعدد منهم إلى تونس لاجئا، لكن الخيالة التركية توصلوا إلى مكانه وتمكنوا منه في النهاية وقتلوه بعد معركة أظهرت بسالة الثوار ضد ضغيان المحتل التركي.