أستاذ علوم سياسية: معركة سد النهضة الحقيقية لم تبدأ بعد
أكد الدكتور حمدى عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد فى الإمارات العربية المتحدة، إن المسار التفاوضي الخاص بسد النهضة لا يزال على حاله "محلك سر"، حيث أعلن وزير الخارجية سامح شكري أنه أمر مؤسف عدم التوصل إلى اتفاق. استمرت المفاوضات 11 يوما وبمشاركة 11 مراقبا وبرعاية الاتحاد الأفريقي، حيث من المفترض أن يتم تقديم تقرير اليوم لرؤساء الدول الثلاثة ورئاسة الاتحاد الأفريقي.
وأكد، أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد حتى لو توصلنا لاتفاق خاص بسد النهضة ، لأن المعركة الحقيقية تتمثل في تنظيم واستغلال مياه حوض النيل ومفاوضات عنتيبي وإشكالية بناء سدود أخرى. علينا تطوير وتوظيف أدوات جديدة للدفاع عن رواية مصرية عصرية تأخذ بعين الاعتبار تغير موازين القوى من حولنا.
وأوضح أنه لا يمكن استخدام نفس الأدوات التي استخدمتها الحكومات المصرية في الخمسينيات والستينيات زمن حركات التحرر الوطني ،حيث كان العطاء المصري يصل إلى أكرا وكينشاسا في الغرب وأديس أبابا ودار السلام في الشرق وهراري في الجنوب، ولابد من تبني خطاب اعلامي وسياسي جديد يعيد الروح لحركة مصر وتفاعلاتها في محيطها الأفريقي. ثمة قوى وأطراف دولية أخرى فاعلة تسعى لكسب الهيمنة والنفوذ. ولا ننسي أننا في مرحلة حرب باردة جديدة وإن تغيرت أطرافها وأهدافها المختلفة.
وأفاد بإنه لا يمكن تصور معضلة التفاوض مسألة فنية حيث أنها سياسية بامتياز ، حيث ترغب أثيوبيا في استخدام السد مثل الحنفية الكبيرة، لكي تتحكم بها إذا لزم الأمر، ولذلك يتجاوز الأمر إنتاج الكهرباء وتنظيم الفيضان وهو ما يجعلها مصممة على طرح مسألة تقسيم المياه .
وأشار إلى أن أثيوبيا تحاول إقامة سدود أخرى على النيل الأزرق ولذلك تحاول الدفع بدول حوض النيل الأخرى وطرح اتفاقية عنتيبي.وهنا يمكن فهم إصرار إثيوبيا إحالة ملف مياه نهر النيل للاتحاد الإفريقي، كما تحاول أثيوبيا بشتى السبل استقطاب السودان ولاسيما انه يرغب في الاستفادة من كهرباء سد النهضة وفي هذه الحالة يتم عزل مصر. لاحظ دايما أن الدعاية الاثيوبية موجهة بالأساس تجاه مصر.
وأشار إلى أن إثيوبيا تحاول إظهار أزمة مصر في كونها مشكلة إدارة وترشيد استخدام المياه، وان الحل يكمن في البحث عن مصادر بديلة مثل تحلية المياه ولا بأس من شراء المخزون الأثيوبي خلف سد النهضة، كما استغلت النخبة الحاكمة الاثيوبيين في دول المهجر ولاسيما في الولايات المتحدة حيث توجد جالية ضخمة ، وقد تم توظيف تدخل ترامب في الملف التفاوضي لسد النهضة من أجل كسب التعاطف مع الاثيوبيين ولاسيما في صفوف النخب الأكاديمية الأمريكية والأمريكان من أصول أفريقية كما حدث مع مجموعة البلاك كوكس.
ولفت إلى إنه فى ضوء المعطيات السابقة يصبح سؤال ما العمل ولاسيما على المدى البعيد، ولذا فإنه طبعا على المدى القصير يمكن العودة مرة أخرى لمجلس الأمن باعتبارها قضية تهدد السلم والأمن الأفريقي ولايزال مشروع القرار المصري موجودا، وحتى في ظل الملء الأول الأحادي 4.9 مليار متر مكعب لن يؤثر على مصر، وفي هذه الحالة يتم اتخاذ خطوات تصعيدية لإظهار عدم مشروعية السد والتصرفات الأحادية الأثيوبية.
كما ستحاول إثيوبيا من جهة أخرى اجتذاب السودان وخاصة في ظل التوجهات السائدة منذ حكم الكيزان تجاه مصر.
