الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

جائحة تتحمل وطأتها النساء.. 11 توصية لتقليل تداعيات كورونا على المرأة

الرئيس نيوز

رصد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة، التداعيات الاقتصادية والاجتماعية  لفيروس كورونا المستجد وتبعاته السلبية الحالية والمستقبلية على النساء العاملات، حيث ستؤدي إلى الدفع بالكثير منهن للعمل بشروط غاية في الصعوبة، جرَّاء الركود الاقتصادي الذي أثر على دخول معظم الأسر، وزيادة النساء المعيلات لأسرهن، وتعرض الأغلبية منهن لفقدان عملهن في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتُخذت من قِبل الدولة للحد من انتشار العدوى بالفيروس. 

ورغم ما كان متوقعاً أن يكون عام 2020 ، حاسماً في تحقيق المساواة والحماية الاجتماعية والاقتصادية للنساء، باتت حتى المكاسب المحدودة التي تحققت في العقود الماضية مُعرضة لخطر الانتكاس،  حيث كشفت جائحة كورونا ما يشوب النُظم الاجتماعية والاقتصادية من مواطن ضعف تزيد بدورها من آثار الجائحة على النساء  في جميع المجالات، من الصحة إلى الاقتصاد إلى ضعف الحماية الاجتماعية، وما ترتب عليها من آثار سلبية مضاعفة، لكون الأغلب منهن  يشغلن وظائف غير آمنة و يعشن في مستويات قريبة من مستوى الفقر.
تزايدت أعداد المُجبرات على العمل بسوق العمل غير المنظم
ومع تزايد الضغط الاقتصادي والاجتماعي المقترن بتقييد التجول وفرض تدابير العزلة، تزايدت أعداد النساء المُجبرات على العمل بسوق العمل غير المنظم، والذي يعصف بحقوق النساء والرجال "معا" لانعدام الحماية التأمينية والصحية والاجتماعية، إلا أن النساء تظل الأكثر تضرراً والحلقة الأضعف في المجتمع فى جميع الأحوال نظراً لأن أنظمة الضمان الصحي والاجتماعي تغطي بخدماتها الفئات العاملة دون سواها، وذلك حتى سن التقاعد، متغاضية عن حمایة الفئات غیر العاملة وتلك التي تجاوزت سن العمل، بينما تعتبر النساء جزءًا كبيراً من هاتین الفئتین. حيث لا يستفيد من هذه الخدمات إلا العاملون في القطاع الاقتصادي الرسمي من دون أن تغطي القطاع الاقتصادي غير الرسمى أو العمل غير مدفوع الأجر داخل الأسرة.

علاوة على ذلك، فإن قطاعات الخدمات التي تهيمن عليها الإناث، مثل الغذاء والضيافة والسياحة، هي من بين القطاعات التي يُتوقع لها أن تتأثر اقتصادياً نتيجة للتدابير المُتخذة لاحتواء الأزمة، لذلك فإنهم أكثر عُرضة للتأثر سلباً، حيث أن حوالي 55٪ من النساء يعملن في قطاع الخدمات، مقارنةً بـ 44٪ من الرجال.

أزمة شديدة لها تباعاتها الاجتماعية والاقتصادية

وخلقت جائحة "كوفيد 19" أزمة شديدة لها تباعاتها الاجتماعية والاقتصادية  تتطلب استجابة سريعة تتناسب مع حجمها وآثارها، ولكن هذه الاستجابة ستضعف إلى حد كبير إذا لم تؤخذ في الحسبان آثارها على النساء خاصةً العاملات، حيث كشفت مجلة «The Lancet» وهي أقدم وأشهر المجلات الطبية في العالم، في نشرتها الدورية الصادرة بتاريخ 14 مارس من العام 2020، أن السياسات والجهود في مجال الصحة العامة لم تكترث حتى الآن إلى تأثير اختلاف النوع الاجتماعي في ظل أزمات تفشي الأمراض، مؤكدةً أن رد الفعل إزاء انتشار فيروس كورونا لا يبدو مختلفًا، وبحسب المجلة نفسها، لم يصدر أي تحليل جذري لأزمة انتشار فيروس كورونا سواءً عن مؤسسات صحية دولية أو حكومات في البلدان المتضررة والبلدان التي تستعد لِما هو قادم لا محالة.

ورغم أن الحقيقة الأكيدة هي أن هذا الوباء يحمل معه تحديات كبيرة للنساء، ومعه تزيد المخاطر التي يواجهونها يوميًا، فهناك حقائق متعددة  تثبت أن انعكاسات انتشار فيروس كورونا في نحو 175 دولة حتى الآن، أشد على النساء من الرجال، ولعل أكثرها وضوحًا هي وجودهن فى  الخطوط الأمامية في مكافحة انتشار الفيروس، إذ تمثل النساء 70% من مقدمي الخدمات الصحية في 104 دولة، أغلبهن في قطاع "التمريض" بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية (WHO) ، مما يمثل خطورة أكبر عليهن حيث تزيد احتمالية إصابة أطقم التمريض بالفيروس عن غيرهم، نظرًا لاختلاطهم بالمرضى لفترات أطول، وهو ما رأيناه بالفعل الآن في مصر، حيث أكثر الاصابات للنساء جاءت من الأطقم الطبية (طبيبات، ممرضات، فنيين صحيين، عاملين بالادارة).
أكثر الاصابات للنساء جاءت من الأطقم الطبية
الجدير بالذكر أن بيانات منظمة الصحة العالمية، تكشف أيضًا أن العاملات في هذا القطاع يتقاضين أجورًا أقل من نظرائهن الرجال بنسبة تصل إلى 11 %. هذا وعلى صعيد آخر ما تقوم به النساء من عمل غير مدفوع الأجر ولا يُعترف به من قِبل المجتمع رغم أهميته على الإطلاق حيث  تجد النساء أنفسهن الآن أمام مزيد من الأعباء غير المدفوعة في ضوء الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتخذها الحكومة، إذ أنهن مَن يتحملن مسئولية 75% من العمل المنزلي وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر حول العالم، وذلك وفقًا لبيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN WOMEN).
  
كما أكدت ذلك أيضاً، أرقام منظمة العمل الدولية (ILO) على العبء الذي ينوء به كاهل النساء، إذ تكشف أن نحو 76.2% من إجمالي ساعات أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر هي من نصيبهن، أي ما يقترب من ثلاثة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال يؤدون الأعمال نفسها، ولذلك فإن تعليق الدراسة في المدارس يعني وقوع النساء تحت ضغط نفسي وجسدي أكبر، لأنهن المسئولات بشكل رئيسى عن الأطفال وشئونهم. 

وإذا كان الهدف من الحجر الصحي هو تقليل احتمالية العدوى وانتقال الفيروس، فإن النساء لا يمكنهن الاستفادة الكاملة من هذا الحجر، إذ أن الثقافة المجتمعية ما فتئت تضع مهمة  شراء احتياجات المنزل على أعتاقهن، وبحسب دراسة بحثية صادرة في العام 2019، فإن نسبة النساء اللاتي يتحملن هذه المسئولية تصل إلى 80% في بعض البلدان، ومِن ثَم تزيد إمكانية اختلاطهن بحاملي الفيروس، رغم ذلك  لم يلق صدى لدى الحكومات التي ما برحت مُصرّة على الفصل بين النوع الاجتماعي والقضايا الصحية، وتتجاهل إدماج قضايا  الجندر في شتى المناحي.
 فيروس كورونا سيقع وطأته على النساء
وتأكيداً لذلك ما جاء به إعلان منظمة الصحة العالمية، أن فيروس كورونا المستجد سيقع وطأته على النساء  إذ يتحملن الآثار الاقتصادية والاجتماعية بنسب مضاعفة مقارنة بالرجال، كما توقعت منظمة المرأة العربية، أن جائحة فيروس كورونا ستؤدي إلى زيادة  نسب النساء المعيلات لأسرهن، كذلك  ستؤدى  إلى القضاء على "عاملات المهن  المهمشة" من  العاملات باليومية  في إطار الإجراءات الاحترازية المُتخذة ضد الوباء وهي في الغالب أعمال رغم بساطتها تُعيل أسراً بأكملها (كعاملات المنازل/ عاملات الزراعة / البائعات الجائلات).

ويتوجب الإشارة إلى نسب النساء العاملات فى مصر وتوزيعها بين  18.1 % من النساء  المعيلات  لأسرهم و أن 40.9 % من إجمالى العمالة غير الزراعية للإناث يعملون في وظائف غير رسمية و 33.9 % من عمالة الاناث في أعمال هشة  و 6.7 % يعملن في قطاع الصناعات و 36.4 % من الاناث يعملن في الزراعة و 56.8 % يعملن في القطاع الخدمي.

إضافةً إلى حوالي 42.4% من الأطباء البشريين و 91.9 % من طاقم التمريض يعملن في وزارة الصحة  و 73.1 % من طاقم التمريض في المستشفيات والمرافق العلاجية في القطاع الخاص (وفقا لما جاء باحصاءات الجهاز المركزى للإحصاء وتقرير المجلس القومى للمرأة).

ومن المتوقع أن يؤثر فيروس كورونا المستجد على مختلف هذه القطاعات بما في ذلك القطاع الصحى من المستشفيات والمرافق العلاجية في القطاع الخاص. وهو ما يعرضهن لخطر أكبر، كون أن  معظمهن أمهات  يقع عليهن مسئولية  رعاية أفراد أسرهن و تحمل  ضغط  العمل. 

 سياسات الدولة ما زالت لا تستجيب  بالقدر الكافى لحماية العاملات

رغم ذلك نرى أن سياسات الدولة ما زالت لا تستجيب  بالقدر الكافى لحماية  هؤلاء العاملات  سواء فى قطاع الصحة أو باقى قطاعات العمل خاصةً القطاع غير الرسمي، وهو ما أظهرته قررات البنك المركزي، عندما صدر قرارًا بتأجيل الاستحقاقات الائتمانية لمدة (6 أشهر) تلقائيًا للأفراد والشركات، مع اشتراط عدم فرض عمولات أو عوائد تأخير للاستفادة من التأجيل، ورغم تصريح وزيرة التجارة والصناعة، أن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التابع للوزارة يُعد بمساندة المشاريع الصغيرة أمام التحدي الذي تمثله الآثار المتوقعة لفيروس كورونا، إلا أنه بعد صدور قرار المركزي في 22 مارس، رفضت شركات تمويل المشاريع متناهية الصغر والتى تمتلكلها 90% من النساء مساواة أصحاب تلك المشاريع مع باقي المشاريع التي تستفيد من التأجيل المقرر.

وفي هذا الإطار ما نفتقده الآن أمام  هذه الجائحة هو القدرة على الاستجابة من مؤسسات الدولة  لسياسات سريعة وأخرى بعيدة المدى تستبق الكوارث والتحديات.
التوصيات والمقترحات الخاصة بمشاكل النساء العاملات
وبناءً على ذلك يطرح المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بعض التوصيات والمقترحات الخاصة بمشاكل النساء العاملات قبل وبعد جائحة كورونا داعياً لإجراء حوار مجتمعى فاعل يشارك فيه النقابات العمالية ومؤسسات الدولة المعنية وأصحاب الأعمال والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وهي:

• توفير أدوات وقاية وبيئة عمل آمنة  للأطقم  الطبية وللعاملات  اللاتى  يضطررن إل مزاولة عملهن  بالمستشفيات نظراً لحاجة المجتمع الشديدة  لهن لمواجهة الأزمة. 

• تعديل مشروع قانون العمل المعروض على مجلس النواب بما يكفل الحماية القانونية  للعاملات بالقطاع غير الرسمي وتحديد آليات وضوابط فاعلة  لحمايتهن اجتماعياً واقتصادياً.

• المطالبة بضرورة تعديل مشروع قانون العمل بما يكفل عدم استبعاد عاملات المنازل من نطاق سريانه وحماية حقوقهن في شأن الأجور وساعات العمل والإجازات.. كذلك شمولهن بالمظلة التأمينية.

• إعطاء الأولوية فيما يمكن تقديمه من دعم للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التى تعملن بها نسب من النساء كبيرة.

• تفعيل برامج الدعم المتواجدة بالفعل فيما يتعلق بجميع جوانب خدمات الرعاية الصحية وبرامج الحماية الاجتماعية.

• ادماج النساء في مجالات صنع واتخاذ القرار يمكن أن يحسن آليات مراقبة  الوقاية الصحية للأطقم الطبية وللعاملات فى المصانع والشركات. 

• تدشين آليات جديدة لدعم العاملات اللاتي تأثرت سُبل عيشهن أو شهدوا انخفاض دخولهن. 

• متابعة جميع السياسات والإجراءات الصادرة التي تستجيب لاحتياجات  النساء العاملات  في ضوء الجهود المبذولة للحد من انتشاء فيروس كورونا. 

• تصميم أداة سهلة الاستخدام كمرجع لجميع السياسات الصادرة المتعلقة بالمرأة والتي يمكن استخدامها من قبل متخذي القرار من أجل رؤية أكثر شمولاً. 

• إدماج النساء والمنظمات النسائية في صميم تدابير الاستجابة لجائحة "كوفيد 19".

•  تحويل أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر المجحفة إلى اقتصاد رعاية جديد شامل للجميع ويعمل لصالح الجميع.