السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حفرها 100 ألف مصري.. كيف ألهمت ترعة المحمودية "ديليسبس" حفر قناة السويس؟

ترعة المحمودية- فرديناند
ترعة المحمودية- فرديناند ديليسبس

من ترعة ملوثة بالقمامة يحيط بها مشهد عشوائي إلى تحفة فنية.. هكذا يصف كثير من أهالي الإسكندرية تطوير ترعة المحمودية في المدينة، مشيدين بالاهتمام بها.


الترعة التي يبلغ عمرها أكثر من 200 سنة، أقدم من قناة السويس، بدأ تنفيذها في عام 1817، في نفس الموقع القديم لما كان يسمى "الخليج الناصري"، نسبة للناصر محمد بن قلاوون، والخليج الأشرف، نسبة للأشرف برسباي.

في السطور التالية سنتعرض تاريخ الترعة التي ألهمت المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس مشروع قناة السويس.

بحسب موقع "ذاكرة مصر المعاصرة"، التابع لمكتبة الإسكندرية، فإن الترعة كانت من أهم المشروعات الكبرى التي أنجزها محمد علي، نتيجة لازدياد العمران في مدينة الإسكندرية.

يقول الموقع إن حاكم مصر آنذاك "أدرك ضرورة وجود مورد مياه دائم لهذه المشروعات علاوة على قناة ملاحية، ليتمكن من نقل محاصيل مصر العليا والوسطى وتوصيلها إلى ميناء الإسكندرية بدون التعرض لخطر المرور ببوغاز رشيد الذى كثيرًا ما كانت المراكب تغرق به".


اشترك في حفر ترعة المحمودية 100 ألف رجل، كانوا يرحلون في موسم الحصاد، ثم يعودون لاستئناف العمل بعده، إلى أن انتهوا من حفرها في عام 1820، وأطلق عليها "المحمودية" نسبة إلى السلطان العثماني محمود الثاني.

ويشير الموقع إلى أن الترعة "كان لها الدور المهم في نقل البضائع من القاهرة إلى الإسكندرية وري أكثر من 11 ألف فدان على ضفتيها، وكانت سببًا في ازدهار مدينة الإسكندرية وأفول نجم مدينة رشيد وظهور مدينة جديدة هي مدينة المحمودية".


وفي عهد محمد سعيد باشا، كان هناك اهتمام بتطهير الترعة، بعد أن لوحظ أن الطمي المتراكم على مدى السنين كاد أن يطمرها ويفسد استعمالها فلا تصبح صالحة لمرور السفن.

ويلفت الموقع إلى أن سعيد عزم على تطهير الترعة واستشار في ذلك المسيو "موجيل" كبير المهندسين آنذاك، فيما يلزم من العمال لإنجاز هذا العمل.

قدّر "موجيل" ما يجب رفعه من الطمي من قاع الترعة فوجده حوالي 3 ملايين متر مكعب على طول الترعة الذي البالغ 80 كيلومترا.

وفق هذه الحسبة، رأى "موجيل" أن العامل يرفع مترًا ونصف متر في اليوم، وبالتالي فإن العمل يقتضى 67 ألف عامل ينتهون من العمل في غضون شهر واحد.


أمر سعيد المديريات بإرسال هذا العدد من الفلاحين ، فجاءه 115 ألف عامل، توزعوا على طول الترعة ووزعت عليهم الفؤوس بمعدل فأس لكل خمسة من العمال واحد منهم يحفر الأرض بفأسه والثاني يملأ الغلقان من الردم، والثلاثة الآخرون يحملونها إلى جانب الترعة.

وبجانب أعمال التطهير، أمر سعيد بإنشاء طريق زراعي على جانب الترعه عرضه عشرة أمتار، وخلال العمل اهتم بالسهر على صحة العمال فأحضر أطباء يلاحظون حالتهم الصحية طول مدة العمل.

وقبل الموعد المحدد، انتهى العمال من تطهير الترعة وإنشاء الطريق في 22 يومًا، دون أن يموت أحد من العمال على عكس ما حدث عندما أنشئت في عصر محمد علي باشا ولم يزد عدد المرضى الذين أعياهم العمل عن خمسة في الألف، بحسب الموقع.

ويشير الموقع إلى أن نجاح مشروع تطهير ترعة المحمودية بإتقان وجودة، كان من الأمور التي شجعت فرديناند ديليسبس على إغراء محمد سعيد بتسخير آلاف من الفلاحين في حفر قناة السويس.