الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عبد الناصر من "الوطية" عام 1970: القواعد الأجنبية تدنس أرض العرب

خريطة ليبيا- جمال
خريطة ليبيا- جمال عبد الناصر

شعب ليبيا هاجم القواعد لمساعدة مصر ضد العدوان الثلاثي.. والضباط رفضوا العمل خلال نكسة 67

بعد 4 أشهر من الثورة الليبية عام 1969، والتي قادها العقيد معمر القذافي، بدأ جلاء القوات الأجنبية عن القواعد التي كانت متواجدة فيها هناك لعقود طويلة، وفق اتفاقيات عسكرية مع أنظمة سابقة.

واحدة من أشهر تلك القواعد هي قاعدة "الوطية" التي حاولت تركيا السيطرة عليها ونشرت بها منظومات للدفاع الجوي، قبل أن تتمكن غارات جوية من تدمير المعدات التركية، ما اُعتبر ضربة موجهة لنظام رجب طيب أردوغان.


القاعدة التي تعتبر ذات إستراتيجية سياسية وعسكرية في ليبيا، بالقرب من طرابلس، عُرفت في الماضي باسم قاعدة "هويلس" الأمريكية، وأنشأتها الولايات المتحدة في عام 1943 بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، إذ كانت روما تسيطر على القاعدة في البداية منذ أواخر العشرينيات.

وبعد قيام ثورة الفاتح، أطلق القذافي على القاعدة اسم "قاعدة عقبة بن نافع".


 ومع الارتباط الشديد بين ما يحدث في ليبيا حاليا وبين مصر التي حددت خطوطها الحمراء مهددة بالتدخل لحماية الأمن القومي المصري والعربي، نستعيد هنا قصة زيارة وخطاب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى القاعدة بمسمها الجديد آنذاك، عقبة بن نافع، قبل 50 سنة.

في 20 يونيو 1970، هبطت طائرة الرئاسة المصرية في القاعدة التي كان يرفرف عليها العلم الليبي بعد سنوات من التواجد الأجنبي، وذلك احتفالا بجلاء القوات الأمريكية والبريطانية من ليبيا.

وفي خطابه أمام الآلاف من الجماهير الليبية في طرابلس يوم 22 يونيو، خطب "عبد الناصر" قائلا: "حينما وصلنا من القاهرة أول أمس إلى بلدكم الحر الثائر رأينا فعلاً هذه البوادر الجديدة وهذه البشائر عندما بدأت طائرتنا فى الهبوط فى مطار عقبة بن نافع، ورأيت - أيها الإخوة - عشرات الألوف من أبناء الشعب الليبى الثائر البطل يفرشون فى القاعدة.. القاعدة الليبية الحرة.. القاعدة التى أعادتها الثورة، ورأيت من الطائرة العلم الليبى بالألوان الثلاث يرفرف على سوارى هذه القاعدة العربية الكريمة".


وأشاد "عبد الناصر" بالعقيد معمر القذافي ورجال الثورة الليبية، قائلا إنهم حققوا ما وعدوا به الشعب الليبى وصمموا على جلاء القواعد الأجنبية من أرض الوطن.

وراح "عبد الناصر" يشرح كيف اُستخدمت هذه القواعد الأجنبية للعدوان على مصر لسنوات طويلة، وكيف تضامن الشعب الليبي مع أشقائه في القاهرة.

قال عبد الناصر: "حينما كنت أنزل فى هذه القاعدة (عقبة بن نافع/ الوطية) كنت أذكر الأيام الخوالى فى سنة ١٩٥٦ حينما تعرضنا للعدوان الثلاثى، وحينما هب الشعب الليبى البطل المناضل، وهاجم القواعد وهو بدون سلاح، كان يعبر هذا الشعب الليبى البطل عن إرادته الحرة.. عن إرادته الثائرة".

وواصل الرئيس الراحل: "حينما نزلت أول أمس فى القاعدة العربية، قاعدة بن نافع، تذكرت سنة ٥٦، تذكرت الذين قتلوا من أبناء الشعب الليبى وهم يهاجمون القواعد التى كانت تهاجمنا منها الطائرات البريطانية، تذكرت الذين جرحوا وتذكرت الذين سجنوا، وقلت إن الشعب الليبى ناضل نضالاً طويلاً وانتصر اليوم فحق له أن يفرح بنصره، وحق له أن يأمل فى المستقبل، وحق له أن يتأكد من أن أهدافه كلها لا بد أن تتحقق".


ولفت "عبد الناصر" إلى أن ثورة الشعب الليبي ضد القواعد الأجنبية على أرضه في 1956، زحزحت موقف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بعض الشيء بأن بدأت المفاوضات حول جلاء قواتهما، ثم فشل الأمر واستمر وجود القواعد.

وشدد جمال عبد الناصر على أن القواعد الإنجليزية والأمريكية كانت تُدنس أرض الوطن، وتستخدم للعدوان ضد الأمة العربية، ولمعاونة إسرائيل ضد العرب وشعب فلسطين.

ثم انتقل إلى ثورة أخرى للشعب الليبي ضد القواعد الأجنبية، وتحديدا في نكسة 1967، قائلا: "حينما تعرضنا للعدوان الإسرائيلى الذى ساندته الولايات المتحدة الأمريكية قام الشعب الليبى البطل بغضبة وثورة ضد القواعد الأجنبية".

وأشار إلى أنه اثناء ذلك فإن وحدات من القوات المسلحة عبرت الحدود المصرية ووصلت إلى مصر محملة بجنود ليبيين، لتضع نفسها تحت خدمة الجيش المصري فيس المعركة.

وأردف الرئيس الراحل: "إن نضال هذا الشعب (الليبي) استمر طويلاً".


واستشهد "عبد الناصر" بخطاب سمعه يوم وصوله إلى ليبيا، من قائد القوات الجوية الليبية في قاعدة عقبة بن نافع (الوطية)، بأن الضباط الليبيين في 5 يونيو 1967 لم يتمكنوا أبداً من أن يسيِّروا أمورهم فى القاعدة الأمريكية - قاعدة "هويلس" - وأنهم اختلفوا مع القوات الأمريكية وصمموا على مراقبة هذه القوات، حتى لا تُستخدم ضد مصر، ولما رفضت الولايات المتحدة ذلك ترك الضباط الليبيون القاعدة وذهبوا إلى مطار طرابلس الدولي.

وخاطب "ناصر" الشعب الليبي مشيدا بتحريره للقواعد، قائلا: "هذا تاريخ كفاحكم، وأنا أشعر بسعادة كبيرة ويشعر معى شعب مصر.. إخوتكم من شعب مصر بهذه السعادة، ونحن نراكم اليوم وقد حققتم الأمل"، مشددا على أن المعركة بالنسبة لمصر وليبيا هي معركة من أجل القومية العربية.