الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

من طالبة بمدرسة فرنسية لعاملة في جراج.. الوجه الآخر لرجاء الجداوي

الفنانة الراحلة رجاء
الفنانة الراحلة رجاء الجداوي

عُرفت بأناقتها وبثقافتها الأجنبية منذ صغرها، فهي ابنة المدارس الأجنبية، وعارضة الأزياء الشهيرة، ورمز "الإتيكيت" والذوق الراقي.

رغم ذلك، فإن في حياة الفنانة رجاء الجداوي محطات صعبة وآراء مهمة، تكشف لنا عن الوجه الآخر لهذه الراحلة التي توفيت اليوم، بعد أسابيع من إصابتها بفيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19".

في السطور التالية نستعرض ذلك، اعتمادا على ما حكته "رجاء" في برنامج "المشهد"، على قناة "سي بي سي"، في ديسمبر 2016.


انتقلت "رجاء" وهي طفلة صغيرة من الإسماعيلية، حيث كانت تعيش مع والدتها، إلى القاهرة لتسكن مع خالتها، الفنانة والراقصة الشهيرة آنذاك تحية كاريوكا.

اهتمت "تحية" بابنة أختها، وألحقتها بمدرسة فرنسية داخلية، كما عينت لها مربية إيطالية، وانغمست الصغيرة في هذا المجتمع لدرجة أنها كانت تتحدث اللغة العربية بصعوبها، من كثرة تأثرها بالتعليم الأجنبي، دراسة ومعيشة.

وبشكل مفاجئ، تعرضت والدة "رجاء" لأزمة مالية شديدة، فكان من الضروري أن على الابنة أن تساعد أمها. من هنا أخبرت خالتها "تحية" بأنها ستتركها وتعود إلى الإسماعيلة من جديد.

غضبت "تحية" من "رجاء"، لأنها كانت ترى فيها "الجزء الحلو في حياتها الذي تريد أن تحقق ما لم تحققه هي"، لكن "رجاء" عادت إلى الإسماعيلية، مع ما سيترتب على ذلك من الانقطاع عن المدرسة الفرنسية التي قطعت فيها شوطا كبيرا وكانت ترتيبها المركز السادس، ما سيؤهلها إلى الحصول على منحة إلى فرنسا.


"كان لازم أشتغل وأساعد أمي"، تقول "رجاء"، مضيفة أنها في ذلك الوقت لم تكن تعرف ماذا يمكن أن تعمل: "كنت حتى بتكلم عربي وحش، اللغة الفرنسية كانت مسيطرة عليا".

ذهبت "رجاء" إلى شخص كان صديقا لخالتها تحية كاريوكا، تطلب منه عملا. "تقدري تشتغلي إيه؟"، رد: "مش عارفة"، فعرض عليها أن تعمل في شركة أتوبيسات كان يملكها في القاهرة.

كان العمل كالتالي: "هناك جراج في حدايث القبة، هتروحي تقعدي هناك، والكمسري اللي يجيب 12 جنيه هتديله ريال، 20 قرش، بس كده".

وافقت، وسألته: "هتديني فلوس"، أجاب: "أيوة طبعا"، ألحّت: "فلوس كتير"، قال: "11 جنيه و70 قرش، والمواصلات الداخلية ليكي على الشركة". تقول رجاء الجداوي عن راتبها: "كانوا حلوين قوي في الزمن ده".


في تلك الفترة ذات الضيق المادي، كانت "رجاء" تملك جزمة "قطيفة" تعرضت لقطع، ولم يكن لديها من المال الكافي لتشتري واحدة أخرى، كانت هذه "رفاهيات" بالنسبة لها آنذاك.

تحكي: "رغم إن الجزمة وقتها كانت بتتباع في شارع فؤاد بـ99 قرش، مكنتش أقدر أشتريها، فكنت بربط الجزمة برجلي وأعمل نفسي بعرج".

هذا التحول من فتاة تتعلم في مدرسة فرنسية، وتحظى بمربية أيطالية، إلى العمل في "جراج" كان من الممكن أن يسبب لها "خلل نفسي رهيب"، لكن ما حدث كان العكس: "بقى عندي توازن نفسي.. من عند ربنا. وتقبلت الموضوع جدا واشتغلت".


كانت رجاء الجداوي تكرر دائما أنها لا تفهم في السياسة ولا تحب أن تتحدث فيها، لكنها كانت ترى أن السياسة بالنسبة لها "هي أن يعيش الإنسان بكرامته".

لكن الفنانة الراحلة كان لديها حلم كبير تمنت أن تراه يتحقق. تقول: "بحلم بوطن عربي مترابط، ملوش حدود، ملوش تأشيرات دخول، قضاياه واحدة، أهدافه واحدة، عُملته واحدة، ومشاكله واحدة".

ما كان يضايق "رجاء" من خلال كلامها كان "الشائعات التي تؤثر على علاقة العرب ببعضهم البعض. تكمل وصف حلمها قائلة: "كل ما كان الوطن العربي متماسك كل ما كان سد منيع قدام أي حد. ما نتأثرش بالشائعات، ده اللي مطلوب، الشائعات بتدمر علاقاتنا ببعضها، وللأسف بنلاقي ناس تصدق. نفسي نصدق بعض إحنا، ونسمو فوق الشائعات، وندور ع المصدر، وربنا إدانا العقل نقدر نشوف الصح والغلط".