الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"نعمل قُرعة".. صراع بين إنجلترا وفرنسا مع محمد علي بسبب زرافتين

محمد علي باشا والي
محمد علي باشا والي مصر

في حين يتحدد الصراع بين القوى العالمية الكبرى في أغلب الأحيان من خلال معارك حربية أو دبلوماسية، فإنه أيضا يأخذ شكلا طريفا في أحيان أخرى.

مثال على ذلك قصة طريفة وغريبة وقعت أحداثها في الربع الأول من القرن التاسع عشر، وفي مصر تحديدا، إبان حكم الوالي محمد علي باشا.

في تلك الفترة، كانت القوة العالمية الكبرى تتأرجح بين بريطانيا وبين فرنسا، فالبلدين لهما من المستعمرات الكثير في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.


ورغم أن مصر آنذاك كانت خاضعة للسيادة العثمانية في إسطنبول، إلا إن حكومتي فرنسا وإنجلترا كانتا تحاولان التغلغل داخل "المحروسة" والسيطرة على عقل واليها الذي كان يناور القوى الأوروبية الكبرى كي يتركوه لتنفيذ مشروعاته السياسية.

ويروي الكاتب جيلبرت سينويه في كتابه "الفرعون الأخير محمد علي"، أنه في عام 1826 أحضر جنود محمد علي زرافتين من السودان، وأرسلوهما فورا إلى الباشا ليكونا من مقتنياته.

لكن برناردينو دورفيتي، قنصل فرنسا في مصر، عندما علم الخبر، رجا محمد علي أن يهديهما إلى ملك بلاده شارل العاشر الذي كان يملك حديقة يهتم بها كثيرا. في المقابل، أسرع قنصل إنجلترا إلى محمد علي وقدم إليه الطلب نفسه، كي يهدي والي مصر الزرافتين إلى بريطانيا.

ويبدو، أن أوروبا في ذلك الوقت لم تكن عرفت هذا النوع من الحيوانات الذي كان يعيش في قارة إفريقيا فقط. 

ويقول المؤلف إن محمد علي وجد نفسه في حرج شديد، لكنه لم يدع مجالا لأي من الرجلين أن يؤثر عليه، فلجأ إلى حيلة ذكية وطريفة في الوقت نفسه، واقترح إجراء قرعة لتحديد مصير الزرافتين.

وهكذا، أجريت القرعة، وذهبت واحدة إلى فرنسا والأخرى إلى إنجلترا، غير أن نائب ملك فرنسا راح يقول إن الزرافة "الفرنسية" أشد صلابة وصرامة من مثيلتها "الإنجليزية" التي كانت مريضة باستمرار ومعرضة لموت سريع.


وسريعا، نُقلت الزرافة التي وقعت من نصيب فرنسا على متن باخرة إلى مرسيليا، وجرى الاحتفاظ بها هناك في انتظار حلول فصل الصيف.

الطريف أيضا، كما يوضح المؤلف، أنه خوفا على الزرافة من التعرض للبرد، تم تصميم رداء لها كان واقيا من المطر بأزرار أمامية، لافتا إلى أنه كان مختوما من جهة بختم محمد علي ومن الجهة الأخرى بختم شارل العاشر.

وعندما حلّ فصل الربيع، قطعت الزرافة المسافة بين مارسيليا وبين العاصمة باريس في شهر تقريبا، بمعدل 27 كليومترا في اليوم الواحد، إلى أن وصلت إلى حديقة الملك، بعد أن كانت قبل أشهر في أدغال إفريقيا.