الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: الرئيس السيسي ورسائله الاستراتيجية لمن يهمه الأمر

الرئيس نيوز

يظل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقيادته السياسية والعسكرية لمصر واحداً من أهم القادة العسكريين والسياسيين في تاريخ مصر المعاصر، والذين يمتلكون الرؤية الاستشرافية الحقيقية والتي تستشرف الخطر وتتعامل معه برؤية استباقية محكمة ومنضبطة والتي حمت مصر في أصعب لحظات مرت بها سواء في مرحلة حكم الجماعة الإرهابية، وفي أعقابها إلى اليوم حيث تواجه مصر تحديات ومخاطر تهدد أمنها القومي، وتسعى إلى هز استقرارها، وهو ما تواجهه مصر السيسي في الوقت الراهن والمحتمل.

ولعل ما جري في خطاب الرئيس السيسي في قاعدة محمد نجيب منذ أيام ما يشير إلي هذا، فالرئيس السيسي ابن مصر العظيم الذي يتحدث من منطق الدول المصرية القوية والقادرة لذا فإنه يحمل الرسائل الاستراتيجية والأمنية والسياسية في آن واحد، ولم يسقط من تقديراته كل الخيارات والسيناريوهات وفي الوقت الذي يدعو فيه للحل السياسي، لكنه في نفس الوقت يستعد للمواجهة العسكرية خاصة أن الجانب التركي يطور أدواته ويسعى لفرض استراتيجية الأمر الواقع، وهو ما ترفضه مصر خاصة أن الوجود التركي الراهن سيهدد الأمن القومي العربي، وليس المصري فقط خاصة، وأن الدور التركي يتمدد من سوريا إلى العراق، ومن العراق إلى ليبيا مروراً بجنوب الساحل والصحراء.

إذن الاشكالية الرئيسية في التعامل مع الخطر التركي تتطلب موقفا مصرياً وعربياً بدأته القاهرة بالإعلان عن المبادرة المصرية (إعلان القاهرة) أولاً من خلال بنود محددة ومنها إلى طرح الرؤية الأشمل في خطاب سياسي واستراتيجي بارز وضع فيه النقاط على الحروف برؤية أكثر شمولاً، وهو ما يعني أن مصر قادرة على مواجهة الجانب التركي، لكنها لا تريد الدخول في مواجهة وإنما هي تؤمن حدودها وتضبط كافة محاور الخطر من أي اتجاه في الشمال الشرقي وفي الجنوب، وفي الغرب، وهو ما يؤكد قدرة الردع المصرية الكبيرة في هذا الإطار خاصة أن قواتها المسلحة وجيشها العظيم قادر على هذا الأمر حيث تضعه التقديرات الدولية (لجلوبال فاير وراند وسيسبري) في موقع متقدم وكبير للغاية وهو ما يدفع القوي الإقليمية والدولية للتحسب له وبل ووضعه في موقع متقدم في الإقليم بأكمله .

ستواجه مصر خيارات مهمة في الفترة المقبلة، ومن الواجب أن تحظى كل التحركات الراهنة للدولة المصرية بالدعم والمساندة من كافة قطاعات الرأي العام خاصة أن مصر تواجه تحديات غير مسبوقة ومهمة، وسيكون لها تداعيات على أمن الإقليم بأكمله في ظل ما يجري على اعتبار أن ليبيا جزء من كل يجب التعامل معه برؤية أكثر استقراراُ وأماناُ لمصر وللرأي العام المصري.

وبالتالي فإن رؤية الرئيس السيسي الكبيرة والاستشرافية تدع لنقل رسائل لمكانة مصر خاصة أن لمصر تقييماتها لأمن الإقليم وهو ما سيكون في الفترة المقبلة مطروحا في التعامل مع إثيوبيا حيث صراع الأمن المائي لمصر خاصة، وأننا لا يمكن أن نوقف عند مسار واحد ومحدد بل يجب أن نمتد إلى تأمين مصالحتنا الاقتصادية والاستراتيجية في شرق المتوسط، ومصر تقترب من التوقيع على رسم حدودها البحرية مع اليونان وهو ما سيكون مقدمة لحسابات استراتيجية، وسياسية كاملة ستشمل دول منتدي غاز المتوسط ، والتي تؤدي دوراً مهما في إعادة هيكلة الأمن الاقتصادي بالكامل في الشرق الأوسط،  ومن ثم فإن مصر ليس أمامها سوي التحرك الاستباقي والمباشر لتأمين حدودها ومصالحها ورسم استراتيجية الحضور، والتمركز بل والانتشار والعمل مجدداً من اتجاهات مستقبلية حقيقية ليس في ليبيا فقط بل في كل الإقليمي وفي ظل مخاطر التمدد التركي، أو غيره من منابع الأخطر التي تهدد أمن الإقليم بأكمله، وهو ما تتحسب له مصر، وتضع سيناريوهات في مواجهة كل ما هو قادم من تحديات حقيقية يتطلب التعامل معها في الفترة المقبلة انطلاقاَ من حسابات مصرية خالصة.