الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل كان المصريون القدماء يلقون بـ"فتاة عذراء" في نهر النيل؟

الرئيس نيوز

- إلباس التماسيح ملابس ملونة لتزيين النهر.. ورمي عجل أبيض وثلاث إوزات في المياه

من فرط تقديس المصريين القدماء لنهر النيل، كان هناك احتفال مخصص عندما يأتي فيضان النهر فيهب الحياة للبشر والأرض.

كان عيد النيل السنوي يأخذ شكل الفريضة الدينية بالنسبة للفراعنة، إذ يحترم الناس المناسبة للغاية، وتقام المهرجانات وتُعلق الزينات، ويهنئ الجميع بعضهم بعضا.

إلى جانب هذا، كان المصريون القدماء يقدمون للنيل بعض القرابين تعبيرا منهم عن امتنانهم للنهر الذي عاد بالمياه في موعده السنوي، راجين إياه ألا يخلف موعده هذا أبدا.

ومن بين كل هذا، شاعت أسطورة تقول إنهم كانوا يقدمون للنهر العظيم فتاة عذراء جميلة في عيد الفيضان، وهو ما جسدته سبيل المثال السينما في فيلم "عروس النيل" 1963، فهل كان هذا حقيقيا؟


إجابة هذا السؤال نجدها في كتاب "النيل عند الفراعنة والعرب"، لمؤلفه أنطوان زكري، الذي يشير إلى نص أنشودة للنيل في الموروثات الفرعونية تقول: "أيها الفيضان المبارك، قُدمت لك القرابين والذبائح، وأعدت لك النار الطاهرة، وذُبحت لك الطيور، واُقتنصت لتحيتك الغزلان من الجبال، وأُعدت لك النار الطاهرة، وقُدم لك البخور والنعم السماوية والعجول والثيران، فتقبلها هدية شكر واعتراف بفضلك".

وينقل "زكري" عن المؤرخ القديم "بلين" أن المصريين، ضمن احتفالاتهم بالفيضان "كانوا يقدمون الغذاء للتماسيح ويلبسونها بعض الثياب في وقت الفيضان ويلقونها في النيل فتبدو ألوان الثياب الناصعة في منظر بهيج يروق الناظرين".

ويؤكد المؤلف أنهم كانوا يلقون في النيل بـ"عجل أبيض وثلاث إوزات وهدايا ثمينة"، مبررا ذلك بأنه نوع من "التفاؤل بأن يكون الفيضان سخيا على مجموع الخلائق يجود بأهم ما تشتاقه النفوس".


في المقابل ينفي أنطوان زكري أسطورة التضحية بفتاة عذراء وإلقائها في المياه إرضاء للنيل، ويشدد على أنه لم يعثر على نص مصري يؤيد ما نُسب إلى قدماء المصريين عن تقديمهم ذبيحة بشرية في حفلة فيضان، أو لأجل أن يجود النيل على البلاد بفيضه السنوي.

ويرجح "زكري" أن هذه الخرافة سببها قصة رواها المؤرخ اليوناني "بلوتارك"، مفادها أن ملك مصر "أجيبتبوس" قدم ابنته قربانا للنيل ليخفف غضب الآلهة، وأنه بعد أن فقد ابنته ألقى بنفسه في النيل.

ويلفت "زكري" إلى أن ما يؤيد عدم صحة هذه الأسطورة ما عُرف عن المصريين القدماء من "رقة الشعور وسمو العواطف حتى مع الحيوانات العجم"، مضيفا بناءً على ذلك: "بالأولى تشمئز سجيتهم عن إلقاء فلذة أكبادهم في مجرى المياه المتلاطم الأمواجم، التي لا تبقي شيئا من إرهاق النفاس واختطاف الأرواح من أجسادها".


وينوه إلى نقطة مهمة وهي أن النيل في تصور المصريين القدماء كإله عظيم لم يكن لينخدع بهذه الجريمة على افتراض أنها كانت تحدث.

ويقدم المؤلف دليلا آخر على كذب الأسطورة، قائلا إن لفظة "ربيت" المشار إليها في بردية "هريس" على أنها تعني عروس النيل، تشير في الأساس إلى علم على أحد أشكال النيل المؤنثة، وليس علما على عروس كانت تُلقى في النيل كما زعم بعض المؤرخين.