الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"استمتعوا فقد أخضعت الأتراك".. عندما هزم الجيش المصري العثمانيين في ساعتين

إبراهيم باشا- معركة
إبراهيم باشا- معركة نصيب- أردوغان

- 45 ألف قتيل في صفوف العدو.. 8 آلاف أسير.. و100 مدفع غنيمة حرب تركها العثمانيون

- سليمان باشا للقادة المصريين صباح المعركة: "سنشرب القهوة في خيامهم بعد 3 ساعات"

- إبراهيم باشا لمحمد علي "أعلنوا الخبر السار على العامة".. ثم طارد العدو في موقع آخر

هل يعيد التاريخ نفسه الفعل كما يُقال؟ ربما، لكن المؤكد أنه يتجسد في المرة الثانية بصورة قد تحمل جوهر التجربة الأولى، لكن الظروف والتفاصيل تأخذ سيناريو آخر.

مثال حي على ذلك توافق ذكرى واحدة من المعارك المشهودة بين الجيش المصري والجيش التركي قبل أقل من قرنين، مع التصدي المصري لأطماع حفيد العثمانيين، رجب طيب أردوغان، على مقربة من الحدود الغربية، في ليبيا.

ففي مثل هذا اليوم، 24 يونيو، عام 1839، تواجه الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا، نجل محمد علي حاكم مصر، مع الجيش التركي بقيادة حافظ باشا عثمان، في معركة "نسيب" أو "نزيب" الشهيرة.

كتاب "الفرعون الأخير محمد علي"، للمؤرخ الفرنسي جيلبرت سينويه، يرسم صورة واضحة بأسلوب بديع، لما جرى في المعركة التي أصبحت محفوظة في سجلات التاريخ العسكري.

في البداية، يشير المؤلف إلى أنه من حيث القوات النظامية للجيشين، فإن الأعداد كانت متكافئة، غير أن الأتراك كان لهم الغلبة العددية في النهاية بفضل استعانتهم بآلاف الجنود غير النظاميين.

عندما طلع صباح ذلك اليوم، وقف سليمان باشا الفرنساوي، رئيس أركان الجيش المصري، قائلا لقادة الألوية: "أيها السادة، سنلتقي بعد ثلاث ساعات في خيمة حافظ باشا، ونشرب القهوة بها!"، في إشارة إلى ثقته في إنهاء المعركة سريعا.

بدأ القتال بين الجيشين، لكن الأمر لم يطل لثلاث ساعات، إذ انتهت المعركة في ساعتين فقط، وكان المشهد مجيدا لقوات إبراهيم باشا التي سيطرت تماما على الأمور.


ويسجل "سينويه" أن الجيش التركي فرّ أمام قوات الجيش المصري، وعند نهاية القتال ترك أزيد من مائة مدفع في ساحة المعركة.

وبالنسبة للخسائر في الأرواح، فإن الأرقام هنا ليست واحدة، وإن كانت قوات إبراهيم باشا هي الأقل خسائر في النهاية، إذ يشير متوسط التقديرات إلى مقتل 45 ألف جندي عثماني، و8 آلاف وخمسمائة أسير.

أما في الجانب المصري، فكان العدد غير مؤكد، إذ أن قنصل ساردينيا في حلب قال إن هناك 350 قتيلا و800 جريح فقط، بينما يرى القبطان "بوتي"، الضابط الفرنسي الذي كان ملحق بهيئة أركان الجيش التركي، أنه كان هناك 3 آلاف قتيل في صفوف إبراهيم باشا.

هدأ غبار المعركة تمامًا، وبدا الجميع في حاجة إلى احتفال يليق بما حققوه، خصوصا قادة الجيش الذين كانوا ملآنين بشعور عارم من الحماسة.

يروي جيلبرت سينويه: "عند الساعة المتفق عليها، والتي حددها سليمان باشا، تقدم الجنرالات المصريون متأثرين بلباسهم غير المنتظم، لكن بوجوه مشرقة. كانوا أبطال ذلك اليوم.. واستقبلهم إبراهيم معلنا لجنرالاته: أيها السادة، أستقبلكم في خيمة سليمان"، في إشارة إلى سيطرة القائد المصري على مقر العدو المهزوم.


في المساء، بعد أن أخذت النشوة بالانتصار حقها في الاحتفال، جلس "إبراهيم" في المساء وأمامه طاولة مكتب سليمان باشا، قائد الأتراك المنهزم.

وراح "إبراهيم" يكتب إلي أبيه محمد علي نصا: "أعلمكم أني هاجمت في نصيب، وفي أقل من ساعتين، أخذت من العدو مدفعيته وذخيرة الحرب، وأُخضع الجيش التركي تماما، ولم أتوقف إلا في قونية. من أجلكم يا أبي، استمتعوا لسبعة أيام، ثم أعلنوا هذا الخبر السار للعامة".

كانت الحماسة تملكت من إبراهيم باشا الذي لم يكن يهدأ له بال ككقائد عسكري حتى يستثمر النصر بنصر آخر، فبعد 48 ساعة فقط من معركة نصيب، غادر القائد على رأس ثلاثة ألوية، سالكا طريق بيريدجيك، جنوب شرق تركيا، رفقة سرية من الخيالة وبطاريتي مدفع.

ومرة أخرى، و"مع ظهور القوات المصرية، يغادر الأتراك المكان، مخلفين وراءهم خمسا وثلاثين قطعة من العيار الكبير".