الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

جمال حمدان يجيب: لماذا تتمتع ليبيا بأهمية استراتيجية؟

خريطة ليبيا- جمال
خريطة ليبيا- جمال حمدان

مساحة شاسعة، تطل على البحر الأبيض المتوسط، تواجه أهم دول القارة الأوروبية، وفي الخلف تستطيع أن تنفذ منها إلى القارة السمراء.. هكذا تتربع ليبيا في بقعة مهمة في الوطن العربي وإفريقيا، ممثلة بذلك موقعا ثمينا على كل الاتجاهات.

وفي قلب الأزمة الإقليمية الحالية المتصلة بليبيا، يبدو السؤال مُلحا: لماذا تتمتع ليبيا بأهمية استراتيجية من قبل حتى اكتشاف البترول؟


في كتابه "الجماهيرية العربية الليبية.. دراسة في الجغرافيا السياسية"، مكتبة "مدبولي"، 1996، يجيب الجغرافي الراحل د. جمال حمدان عن السؤال، في معرض حديثه عن تجربة الاستعمار التي تعرضت لها ليبيا في النصف الأول من القرن العشرين على يد إيطاليا الفاشية.

يقول "حمدان" في البداية إن الموقع الجغرافي لليبيا يقدمها كنموذج مثالي للاستعمار الاستراتيجي. ويشرح: "هي لا تتوسط ساحل البحر المتوسط الجنوبي في مواجهة إيطاليا فحسب، لكنها كذلك تقع بين قوسي الاستعمار البريطناي في شمال شرق إفريقيا والفرنسي في شمالها الغربي. وهي بذلك خشبة قفز من القاعدة الأم، وموطئ قدم على اليابس الإفريقي، ورأس حربة داخل محيط الاستعمار القديم".


ويشير جمال حمدان إلى أنه في عهد الفاشية اتسعت أحلام إيطاليا إلى إمبراطورية عظيمة "أفريقية" أو "إسلامية"، تبدأ من تونس وليبيا فلا تنتهي إلا في الصومال واليمن، وبذلك يبتلع جسمها كل الاستعمار البريطاني في حوض النيل، سواء مصر والسودان، إلى جانب القرن الإفريقي، كما يرتكز هيكلها على البحرين المتوسط والأحمر.

وفق هذا المنظور، يؤكد "حمدان" على أن ليبيا كانت بالنسبة لإيطاليا عتبة أو مفتاح الإمبراطورية المأمولة، لافتا إلى أن ما حدث كان بمثابة استعمار استراتيجي في الدرجة الأولى، استعمار مواقع وقواعد عسكرية وموقعا جغرافيا لا موضعا عمرانيا.


لكنه يؤكد أن مشروع الإمبراطورية الإيطالية الخيالي كان يمت إلى منطق الماضي أكثر منه إلى حقائق الحاضر والعصر، إذ تبدد المشروع برمته بصورة ساخرة حقا أثناء الحرب الثانية، لكنه يستدرك أن "هذه التجربة أثبتت على الأقل قيمة ليبيا البالغة كموقع استراتيجي دقيق وكموقعة حربية هامة".