الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مركز القيادة في "سميراميس".. قصة جيش ليبي قاوم الاحتلال من مصر

إدريس السنوسي وسط
إدريس السنوسي وسط أفراد جيشه

الذخيرة ومعسكر التدريب كان بجوار الأهرمات.. وضم أفراد القبائل اللاجئين إلى مصر من الاحتلال الإيطالي

بحكم الإخوة والجوار، والأمن القومي، فإن مواقف مصر الداعمة للشعب الليبي، والمدافعة عن وحدة ليبيا، البوابة الغربية لمصر، ليست وليدة اليوم، إذ تعود إلى عهود سابقة.

وفي كل الأحيان، كان الليبيون يستندون على قوة مصر بغض النظر عن الظروف الوطنية أو السياسية التي تحكم المشهد.

من ذلك ما قدمته مصر للملك إدريس السنوسي عندما استضافته لسنوات طويلة منذ العشرينيات، حتى عودته إلى بلاده ليصبح أول ملك على ليبيا بعد الاستقلال.

ففي عام 1923، جاء السنوسي إلى مصر بعد أن رفض الاحتلال الإيطالي في ليبيا الاعتراف به أميرا على برقة، في حين بقي المجاهد التاريخي عمر المختار يقود عمليات المقاومة من الميدان.


وفي كتاب "الملك إدريس عاهل ليبيا.. حياته وعصره"، لمؤلفه آ. ف. دي كاندول، يروي الكاتب على لسان السنوسي كيف استطاع قيادة المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي، مستغلا الظروف الدولية، ليعقد تحالفا مع بريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك.

تعود الأحداث إلى الشهور الأولى من اندلاع الحرب العالمية الثانية، فبعدما أعلنت إيطاليا الحرب على بريطانيا في 10 يونيو 1940، اتصل الجنرال ويلسون، قائد القوات البرطانية في مصر، بإدريس السنوسي الذي كان يقيم بمنطقة الحمام في مريوط، طالبا منه "المساعدة في المجهود الحربي ضد الإيطاليين".

دعا السنوسي الزعماء الليبيين ووجهاء القبال التي لجأت إلى مصر من الاحتلال، إلى عقد اجتماع بالقاهرة في شهر أغسطس من ذلك العام، وفيه ناقشوا موقفهم من الحرب التي كانت مندلعة بين معسكري "المحور" الذي يضم إيطاليا وبين "الحلفاء" الذي كان يضم بريطانيا.

يقول السنوسي: "جاء قرار الأغلبية معبرا عن الثقة في الحكومة البريطانية، والاعتراف بي مفوضا عن الليبيين في علاقاتهم مع بريطانيا، والاتفاق على إنشاء جيش ليبي يسمى "القوة العربية الليبية" للقتال إلى جانب القوات البريطانية ضد الإيطاليين".


بناء على ذلك، كما يحكي، أصدرت السنوسي تعليمات فورية بالبدء في تجنيد جيش من بين الليبيين المقيمين بمصر، وأصبح قائد ذلك الجيش ضابط بريطاني برتبة كولونيل (عقيد) يدعى بروميلو.

ويضيف السنوسي أن مركز قيادة الجيش أقيم بفندق سميراميس الشهير في القاهرة، بينما كان مستودع السلاح والذخيرة ومعسكر التدريب يقع عند الكيلو تسعة بجوار الأهرام.

أخذ السنوسي الذي كان يسكن آنذاك في شقة بالدور الأرضي في مبنى من طابقين بشارع حشمت في حي الزمالك، في الإشراف على الجيش الليبي الذي تكون في معظمه من البرقاويين اللاجئين بمصر، وبعضهم كان من الذين فروا بعد اشتراكهم في مقاومة الإيطاليين.

وبحسب السنوسي، لم يلبث ذلك الجيش أن وصل إلى قوة قوامها أربع كتائب قتالية وكتيبة أركان، وكانت وحداته تُرسل إلى خطوط القتال أولا بأول حالما ينتهي تدريبها، ومنها كتيبتان شاركتا في الدفاع عن طبرق سنة 1941.

وبعد ثلاث سنوات، في عام 1944، عاد إدريس السنوسي إلى ليبيا وأصبح أميرا لبرقة، ثم تتالت الجهود السياسية لنيل الاستقلال إلى أن تحقق ذلك في عام 1951 الذي أصبح فيها السنوسي ملكا للملكة الليبية.