الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

السيناريو المخيف لسد النهضة.. كيف نجت مصر من خطر الجفاف في الثمانينات؟

الرئيس نيوز

- مخزون السد العالي أنقذ البلاد طوال الـ10 سنوات.. ومصر استعانت بثلث حصة السودان

- سفير أسبق في إثيوبيا حذر عام 1991: إنذار قوي لمصر كي تأخذ حيطتها مستقبلًا

 

لعل أبرز النقاط الخلافية في مفاوضات "سد النهضة" المتعثرة بين مصر والسودان وإثيوبيا، هي سنوات ملء خزان السد، وإصرار القاهرة على تنفيذ ذلك في فترة أطول مما تريده أديس أبابا، كي لا تتأثر حصتي دولتي المصب بشكل بالغ.

ومن أجل ذلك، تطالب مصر بضرورة تجنب ملء خزان السد في دورة الجفاف التي يمر بها نهر النيل، مدركة مخاطر التعنت الإثيوبي في تجاهل ذلك.

ويجلس المفاوض المصري على طاولة المفاوضات وفي ذهنة تجارب تاريخية سابقة كاد جفاف النيل يهدد الحياة في مصر.


وفي التاريخ المعاصر، تبرز فترة جفاف النيل في الفترة من 1977 إلى 1987 كشاهد قريب على مخاطر السد الإثيوبي.

وفي كتابه المهم "معارك المياه المقبلة في الشرق الأوسط"، دار المستقبل العربي، 1991، يتطرق السفير د. محمود سمير أحمد، الذي عمل سفيرا لمصر لدى إثيوبيا، إلى ما حدث.

يلفت "أحمد" في البداية إلى اتفاقية "الاستغلال الأمثل" بين مصر والسودان حول نهر النيل والموقعة عام 1959، ساعد على تنفيذها بكفاءة ازدياد معدل هطول الأمطار الاستوائية فوق هضبة البحيرات بين سنوان 1961- 1964.

ويقول السفير إن هذه الزيادة أنقذت مصر والسودان من أسوأ مراحل الجفاف الذي أصاب منطقة الساحل في غرب أفريقيا، وشمل السنغال وما حولها ومنطقة إثيوبيا أيضا، آنذاك.

لكن – ولأن النهر مورد طبيعي قد تصاحبه عواقف غير متوقفة - تبع دورة الرخاء هذه وقوع دورة سنوات عجاف ما بين 1977- 1987 نتيجة قلة الأمطار فوق هضبة البحيرات وإثيوبيا.

ويشرح سمير أحمد ما حدث قائلا: "هبط منسوب مياه النيل إلى 72 مليار متر خلال الفترة من 1977 إلى 1984 لكنه تدنى إلى درجة مقلقة من 1984 إلى 1987 فأصبح غيراد النهر السنوي دون معدل 52 مليار متر".

كان الخطر محدقا بدولتي المصب آنذاك، وخصوصا مصر، فماذا حدث؟

يجيب الدبلوماسي السابق أنه لم ينقذ مصر من الجفاف والعطش في تلك الفترة الطويلة سوى مخزون مصر الاستراتيجي من المياه أمام السد العالي.


ليس ذلك فقط، فبالإضافة إلى اعتماد مصر على مخزونها الاحتياطي بسحب كل حصتها السنوية أي 55.5 مليار متر، فإنها سحبت جزءًا من حصة السودان التي لم يكن يتسعملها.

ويوضح أنه رغم تمكن السودان من رفع حصته من المياه من 4.5 مليار متر مكعب سنويا إلى 18.5 مليار متر بموجب اتفاقية المياه مع مصر لسنة 1959 إلا أن كل ما تمكن من استعماله من مخصصاته من المياه بين عام 1980 وعام 1986 كان في المتوسط 12.5 مليار متر سنويا أي ثلثي مخصصاته فقط.

هذا الأمر سمح لمصر باستعمال هذه الكميات لمجابهة سنوات القحط التي وقعت مصادفة خلال هذه السنوات وانتهت بفيضان عام 1988 المرتفع، بعد أن هطلت الأمطار بغزارة في ذلك العام لأول مرة منذ سنة 1977 على هضبة البحيرات.

ويشير الدبلوماسي السابق إلى أن ما ساعد على توفر هذه الكمية السودانية هو سنوات عدم الاستقرار السياسي والمشاكل الاقتصادية المتفاقمة في السودان آنذاك، ما أدى إلى تقليص حجم الاستثمارات السودانية في مشروعات الري المعلقة واهمها تعلية خزان الروصيرص وبناء بعض السدود الأخرى.

ويلفت إلى أن ما منع الكارثة أيضا "عدم تطوير إثيوبيا لمشروعات الري بها"، لكنه ينوه – كما لو أنه يتوقع ما يحدث الآن – إلى أن حقبة الجفاف كانت بمثابة الإنذار أو ناقوس الخطر الذي يحذر مصر وينبهها للحيطة مستقبلا.