الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الحقوق التاريخية" محفوظة.. كيف تعاملت دساتير مصر مع نهر النيل؟

الرئيس نيوز

اسم النهر ورد في دساتير ما بعد ثورة يناير 9 مرات.. ووثيقة 2014 ألزمت الدولة بـ"اتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى"

بتفسير بسيط للمقولة التاريخية الشهيرة "مصر هبة النيل"، فإن النهر هو الذي وهب الحياة لأرض "المحروسة"، وحرس استمرار الوجود في هذه الأرض التي تضرب جذورها في التاريخ لآلاف السنوات.

العلاقة الاستثنائية بين النهر وبين الشعب الذي يقيم على ضفافه، جعلت من "النيل" شيئا لا يمكن تصور المساس به، لأنه إذا حدث ذلك فإنه يصبح مساسا بمصير شعب كامل بنى الحياة هنا منذ فجر التاريخ.


ومع تأزم المفاوضات بشأن سد النهضة الذي بنته إثيوبيا، وهي دولة المنبع، على نهر النيل، ما يمثل خطرا على الحصة التاريخية لمصر في المياه، فإن الدولة – مع اعترافها بحق أديس أبابا في التنمية - شددت على أن النيل بالنسبة لمصر مسألة "حياة أو موت".

ومن منظور موازٍ، نستعرض في السطور التالية موقف دساتير مصر طوال تاريخها الحديث من سد النيل، وكيف تحدثت عنه، ما هي الالتزامات الدستورية تجاه الدولة تجاه "شريان الحياة" للمصريين.

في البداية، هناك 9 دساتير في تاريخ مصر، عملت الدولة على أساسها طوال أكثر من 140 سنة، منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، إلى الربع الأول من القرن الواحد والعشرين.

وبالترتيب التاريخي فإن الدساتير المصرية وُضعت في السنوات التالية: في البداية1879، 1882، 1923، 1930، 1956، 1964 (المؤقت)، 1971. 2012، 2014.

وبقراءة لنصوص جميع هذه الدساتير، يتبين بداية أنه من بين 9 دساتير عاشت مصر تحت مظلتها، فإن اثنين فقط هما من تطرقا لنهر النيل صراحة، في تطور ربما يعود إلى استجد من أمور.

وبخلاف دستور 2012 ودستور 2014، فإن كل الدساتير السابقة عليهما لم يرد بها ذكر للنهر، الأمر الذي لا يبدو تجاهلا بقدر ما يبدو أن الثوابت التي لا تتغير مثل "النهر الخالد" لا تُذكر لأنها شيء بديهي.


بخلاف ذلك، فبمراجعة بسيطة لتطورات العلاقة بين بين دول حوض النيل، وتحديدا الخلافات، فإن الأزمة المحتدمة حاليا، وهي سد النهضة، لم تظهر للجميع إلا في عام 2010، عندما شرعت أديس أبابا في المشروع.

وفي دستور 2012، الذي وضع بعد عام من قيام ثورة يناير، وكانت أزمة سد النهضة قد ظهرت على السطح، نص في ديباجته، في إطار مقدمته عن تاريخ مصر، على أنها أقامت "أعرق دولة على ضفاف النيل الخالد".


وبعد هذه المقدمة، وفي المبدأ العاشر من الديباجة، تحدث ذلك الدستور عن ارتباط مصر معتبرا أن "الوحدة أمل الأمة العربية؛ نداء تاريخ ودعوة مستقبل وضرورة مصير، يعضدها التكامل والتآخى مع دول حوض النيل والعالم الإسلامى الامتداد الطبيعى لعبقرية موقع مصر ومكانها على خريطة الكون".

وفي نص المادة الأولى من دستور 2012، وعند الحديث عن تعريف لجمهورية مصر العربية ذكر أن الشعب

المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، و"يعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية" وبامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنساني.

أما النص الصريح في ذلك الدستور فكان في المادة 19، والتي نصت على أن "نهر النيل وموارد المياه ثروة وطنية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وتنميتها، ومنع الاعتداء عليها".

وبعد سقوط هذا الدستور، بعد ثورة 30 يناير، جاء دستور 2014 ليشدد أكثر على حقوق مصر في مياه النيل، ويتكفل بحمايتها.


ففي السطور الأولى من الديباجة، قال الدستور إن "مصر هبة النيل للمصريين"، مضيفا في سياق الحديث عن الحضارة المصرية أن مصر "رأس أفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها: النيل".

وتغزل دستور 2014 في العلاقة بين الشعب المصري وبين نهره الخالد، مستكملا في ديباجته: "فى مطلع التاريخ، لاح فجر الضمير الإنسانى وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام فاتحدت إرادتهم الخيرة، وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياة المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة، وتطلعت قلوبهم إلى السماء قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاثة".

وبالنسبة للمادة الأولى، فإن أكد مجددا على أن مصر جزء من الأمة العربية تعمل على تكاملها ووحدتها، وأيضا جزء من العالم الإسلامي، ولم ينس أن يؤكد أن مصر "تنتمي إلى القارة الإفريقية".

وفي إلزام دستوري مشدد، نصت المادة 44 بوضوح على أنه "تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به".

وبعد أن أكد الدستور هذه النقطة المصيرية، أكد أيضا التزام الدولة بـ"ترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أوتلويثها... واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى".

وإيمانا بأن النيل هو حياة كل مواطن وحق من حقوقه البديهية، ذكرت المادة بوضوح أن "حق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول".

وبإحصائية سريعة، نلاحظ أن كلمة "النيل" ذُكرت في دستور 2014 المعمول به حاليا 5 مرات، فيما وردت الإشارة إلى قارة إفريقيا 3 مرات.