الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الصراع على سرت | رمانة ميزان ليبيا على خط النار (تحليل)

الرئيس نيوز

ليبيا على صفيح ساخن، بعد التغييرات الميدانية التي شهدتها خلال الأيام الماضية؛ حيث تقدمت ميليشيا "الوفاق" على حساب الجيش الليبي الوطني، وتمكنت من إخراجه من المنطقة الغربية. وتدور المعارك حاليًا على تخوم الحدود الإدارية لمدينة سرت الاستراتيجية.

رغم أهمية المناطق التي فقدها الجيش الليبي خلال الفترة القليلة الماضية، تظل سرت الأهم استراتيجيًا لأطراف الصراع كافة.

خط أحمر للروس

سقوط سرت في يد "ميليشيا الوفاق"، ما يحاول الجيش الوطني الليبي منعه بحشد جميع قواته وإمكانياته العسكرية، يعني نقلة حقيقية في النزاع؛ إذ يعني نقل المعركة من الغرب إلى داخل قواعد الجيش الوطني شرقاً.

وسائل إعلام ليبية، تداولت تصريحات منسوبة للمتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربى عبد المالك المدني التابعة لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا، مفادها أن ضغوط دولية تمارس لعدم اقتحام مدينة سرت، ووقف العملية العسكرية.

قال المدنى فى تصريحاته إن النائب بالمجلس الرئاسي أحمد معيتيق، طلب من غرفة العمليات العسكرية التابعة للوفاق بعدم اقتحام سرت والجفرة، مشيرا إلى تعليمات صدرت بعدم مهاجمة المدينة لأنها خط أحمر، لوجود عدد كبير من الروس فيها.

وفي سياق آخر، قال الجيش الوطني الليبي، إنه شن سلسلة غارات جوية على تجمعات الميليشيات والمرتزقة بمنطقة الهيشة شرق مدينة مصراته.


الوضع على الأرض
يقول الجيش الوطني الليبي، إن سرت آمنة وتخضع لسيطرته، وأنه نجح في إبعاد "ميليشيا الوفاق" إلى مسافة جعلت المدينة آمنة؛ ونفذ طلعات جوية مكثفة، عملت على إرباك القوات المُهاجمة، ودفعتها إلى التراجع.

في تصريحات صحفية أدلى بها عضو شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، محمد العزومي، لأحد المواقع الإخبارية، يقول: "نسيطر بشكل شبه كامل على غرب سرت. وكامل أجواء سرت حتى مشارف مصراتة تحت سيطرت مقاتلات الجيش، بعد تحييد شبه تام للطائرات المسيرة التي كانت تجول في الأجواء، مسببة الكثير من المتاعب لقواتنا". لافتًا إلى أن ميليشيا الوفاق ترتكز حاليًا في منطقة السدادة تحديداً، التي تبعد نحو 50 كيلو متراً، شرق سرت، هرباً من الضربات الجوية.

مدينة استراتيجية 

سرت مدينة ذي ميزات جيوستراتيجية، وتاريخية، واقتصادية في ليبيا، والسيطرة عليها من أحد أطراف الأزمة الليبية، يعد مكسب استراتيجي، فهي تقع في منتصف المسافة تماماً، بين عاصمتي النزاع الليبي بنغازي، وطرابلس، حيث تبعد عن كليهما مسافة 500 كيلو متر، وهي حلقة الوصل بين شرق ليبيا، وغربها، وجنوبها.

أما من ناحية الثروات، تحوي في المنطقة التي تسمى "حوض سرت"، أكبر مخزون غاز مكتشف في ليبيا، وأيضًا مخزونًا لا بأس به من "النفط"، ما يفسر الصراع "الفرنسي الإيطالي" على المنطقة. وتدعم كل دولة منهما طرف من طرفي الأزمة، في محاولة السيطرة على المدينة، وقد سجلت تقارير أن شركتي "إيني وتوتال" يتنافسان في الحصول على حقوق التنقيب عن الغاز في المنطقة. 

تركيا أيضًا لم تخف طمعها في المدينة، إذ صرح أردوغان أمس الثلاثاء، "إن سرت ومحيطها مهمة لوجود آبار النفط، وبعد ذلك ستكون العمليات أكثر سهولة، لكن وجود آبار النفط والغاز يجعل العمليات حساسة".

من الناحية الجيواستراتيجية، فإن سرت تمتلك ميناءً يعد بين الأكبر في ليبيا؛ لكونه يطل على خليج طبيعي واسع، ومطاراً دولياً، وقاعدة جوية عسكرية كبيرة، تكمن أهميتها في موقع المدينة في قلب البلاد تماماً، ما يجعل القاعدة نقطة انطلاق مناسبة للطائرات، في أي اتجاه أرادت المضي إليه في ليبيا.

ميزة أخرى تتمتع بها مدينة سرت الليبية، أنها تعتبر بوابة منطقة الهلال النفطي الليبي – تبعد عن المنطقة نحو 150 كيلومترًا فقط -  الذي يحوي أهم أربعة موانئ نفطية في البلاد، التي تصدر 80 في المئة من النفط الخام، الذي تنتجه ليبيا يومياً، وهذه الموانئ هي "رأس لانوف والبريقة، والسدرة، والزويتينة ".

إعلان القاهرة

مصر طرحت مبادرة لتسوية الصثراع سليما، في مقدمة بنودها وقف إطلاق النار، كان مقررًا أن يبدأ الاثنين الماضي، في السادسة صباحًا، لكن ما تسمى "حكومة الوفاق" التي يقودها فائز السراج، أعلنت رفضها للمبادرة، وكلفت الميليشيا التابعة لها الزحف نحو المدينة. ما دفع الجيش الوطني إلى إعلان استئناف العمليات العسكرية بعدما أعلن قبوله للمبادرة المصرية، ردًا على رفض "الوفاق" مبادرة وقف إطلاق النار.

تتمسك القاهرة، بالحل السياسي للأزمة الليبية، وترفض أشكال التدخل الأجنبي في البلد العربي الشقيق.