الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

(خاص ) بالأرقام .. “الصفقة”.. إسرائيل تقبض ثمن دعم ترامب

الرئيس نيوز

البيت الأبيض مقابل القدس.. ترامب يرد “الجميل”
“الصفقة”.. إسرائيل تقبض ثمن دعم ترامب
علا سعدي
كرجل أعمال، لا يفهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوى المصالح والحسابات، وهي لغة دفعت به إلى السلطة بعد منافسة شرسة مع المرشح الديمقراطي هيلاري كلينتون، العام الماضي، بعدما نجح الملياردير الشهير في عقد العديد من الصفقات السياسية داخليا وخارجيا، واحدة منها تحقق فيها الجهات القضائية الأمريكية حاليا، بشأن تلقيه دعما روسيا، بينما الثانية تخص دعم “اللوبي الصهيوني” له.
البيت الأبيض مقابل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
لكن، ماذا حصل اللوبي الصهيوني مقابل هذا الدعم؟، ظل السؤال حائرا حتى أعلن ترامب اعتزامه تحويل الوعد الانتخابي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى واقع، بعدما استخدمه كل سابقيه في الانتخابات، وعجزوا عن المضي قدما في تحقيقه، بما يستتبعه ذلك من نقل للسفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهي خطوة لم يجرؤ أي من سابقيه عليها، لأنها تعني بالنسبة لهم تفجير الأوضاع في الشرق الأوسط.
فور إعلان الملياردير الأمريكي دونالد ترامب اعتزامه الترشح في الانتخابات الرئاسية، مع اقتراب نهاية الولاية الثانية لسلفه باراك أوباما، سارع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة إلى إعلان الدعم المطلق له، حسبما عدد من التقارير الصحفية لأشهر المواقع الإلكترونية لليمين الصهيوني المتطرف “0404”، الذي وصف ترامب بأنه جيد لإسرائيل، “لأنه لا يتحدث عن حق إسرائيل بالوجود من أجل الحصول على الصوت اليهودي، وإنما من أعماق قلبه، وهو يدرك جيدا مشكلة الإرهاب، ويدرك أنه ينبغي استخدام القوة ضد العدو العربي”.
وأشار الموقع الصهيوني المتطرف أن اللوبي الداعم لإسرائيل لعب دورًا بارزا في رسم السياسة الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى دوره في تحريك المجتمع الأمريكي من الداخل لتحقيق أهداف تخدم الصهيونية في المقام الأول، وتشجع على استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كما كشف “0404” عن حجم التدخلات الكبيرة للوبي الصهيوني في المجتمع الأمريكي والنظام السياسي، وقدرته على فرض مطالبه في مختلف الأوساط الأمريكية..
ضغوط اللوبي الصهيوني
ويحتل اللوبي الصهيوني قمة الهرم الاجتماعي الأمريكي، ويشكل 34% من قائمة أغنى 475 عائلة أمريكية، ويسيطر على كبرى الشركات الصناعية والتجارية، وجميعها تجد طريقا إلى مراكز صنع القرار السياسي، كما يسلط “اللوبي” الضوء على الكتب والمنشورات، ويمول باستمرار الدراسات والأبحاث، المشارك فيها باحثين أمريكيين مشهورين، تحت إشراف المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي، وتتضمن هذه الأبحاث الكثير من الدراسات والحلول المقدمة إلى وزارة الدفاع والإدارة الأمريكية.
ويتكون العمود الفقري للوبي الصهيوني من شبكة واسعة من المنظمات تزيد على 300 منظمة، و200 اتحاد محلي وصندوق رعاية وجمعية علاقات عامة، وأكثر من 500 محفل ومعبد، وأبرزها جمعية الدعوة اليهودية الموحدة، أكبر التجمعات اليهودية في أمريكا، ومهمتها جمع التبرعات وتنظيم الاحتفالات والمهرجانات، وترتيب اللقاءات مع القادة والزعماء، كما يضم اللوبي الرابطة اليهودية الأمريكية، وهي جمعية ترعاها الحكومة الإسرائيلية، وجمعية بناي بريث، وهي مؤسسة يهودية تتمتع بتنظيم دقيق ومحكم ، وتعمل على اتهام كل من يعارض المصالح الإسرائيلية بمعاداة السامية، والجمعية اليهودية الأمريكية، وتهتم بشئون اليهود في العالم، خاصة مجال إحكام الترابط والتنسيق بينهم.
“إيباك” كلمة السر
أكبر العناصر المكونة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، فهي اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة “إيباك”، وتضم داخلها عدة منظمات، كما تعقد مؤتمرا سنويا بحضور عدد كبير من الشخصيات الأمريكية، وأعضاء الكونجرس، ويستهدف تدريب وإعداد الكوادر، ويركز علي كسب التأييد الأمريكي لإسرائيل، باعتبار أن بقائها يمثل مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة، كما تسعى إلى تقديم المزيد من الدعم المالي لإسرائيل، وتحويل المساعدات والقروض الممنوحة لها إلى هبات، وزيادة مساحة العداء العربية الأمريكية، ودعم السياسات الخارجية الإسرائيلية، ومباركة عملياتها العدائية تجاه العرب، مع توفير الحماية الدولية لها.
ويقدر عدد أعضاء “إيباك” بـ44 ألفاً، بينما يتألّف جهازها الوظّيفي من 80 شخصاً فقط، وتحرص اللجنة على أن يكون موظّفوها على اتصال مباشر مع الإدارة الأمريكية ، ويصدر عنها عدة منشورات، أبرزها تقرير الشرق الأدني الأسبوعي، ويوزع على أعضاء الكونجرس، كما تلعب دورا مهمًا في نظام الانتخابات في الولايات المتحدة، لأن الناخب الأمريكي لا يهتم كثيرًا بقضايا السياسة الخارجية، ولا يفهمها، لهذا تسعى جاهدةً للتأثير علي السلطة، وليس الوصول إليها، وهي تسيطر بالكامل علي الإعلام الأمريكي.
طوال تاريخها، حاربت “إيباك” مشروع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عندما أعلن الفلسطينيون في عام 2011 عن اعتزامهم تقديم التماس إلى الأمم المتحدة لإقامة الدولة، نجحت اللجنة الأمريكية الإسرائيلية في إقناع 446 عضوا في الكونجرس بالمشاركة في رعاية قرارات معارضة للفكرة، ولم يقتصر دور اللجنة على تقديم الدعم السياسي الأمريكي للكيان الصهيوني، وإنما دفعت في نفس الوقت إلى زيادة الدعم المالي السنوي المقدم من واشنطن لتل أبيب.
العناق الدافي: ترامب- نتنياهو
بجانب دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لعبت الصداقة القوية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دورا كبيرا في الإقدام على خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما ظهر في العناق الدافئ بينهما بعد 4 أشهر فقط من دخول ترامب البيت الأبيض، وزيارته إسرائيل، بالإضافة لتعيين الرئيس الأمريكي لصهره “اليهودي المتعصب” جاريد كوشنر، في منصب كبير المستشارين لملف السلام في الشرق الأوسط. وتحت رئاسة ترامب، حصلت إسرائيل على دعم غير مسبوق من جانب الولايات المتحدة، فالرئيس الأمريكي أعلن عن العمل على التنسيق بين المصالح القومية الإسرائيلية ومصالح الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، ومنع إيران من الحصول على السلاح النووي، بالإضافة لتعزيز نسيج العلاقات الاستثنائية بين الجانبين، خلاف ما قام به الرئيس السابق باراك أوباما، صاحب الاتفاق النووي مع طهران، الذي أنهى جزءا كبيرا من الحصار الدولي المفروض عليها لسنوات طويلة، ما اعتبرته تل أبيب تهديدا مباشرا لها، وفقا لصحيفة معاريف العبرية.
البداية: معركة إغلاق مكتب منظمة التحرير
قبل أيام من إعلان الإدارة الأمريكية عن اعتزام ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ما يقضي على مفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، دخلت وزارة الخارجية الأمريكية في أزمة مفاجئة مع السلطة الفلسطينية، بالتهديد بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ما لم تبل رام الله الدخول في مفاوضات سلام جدية مع إسرائيل.
وقتها، بررت “الخارجية” القرار بأن السلطة الفلسطينية خالفت قانونا أمريكيا ينص على أن الفلسطينيين يفقدون الحق في أن تكون لديهم ممثلية في واشنطن، إذا دعموا تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وجاء ذلك بعد توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى المحكمة الجنائية الدولية، لإدانة جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الحرب على غزة في عام 2014.