الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: الحكومة الأبوية والسلوك الشعبي

الرئيس نيوز

تحتاج أي حكومة في الدنيا لإجراءات وتدابير لمواجهة أي أزمة تواجهها فما بالنا بأزمة هيكلية ومفصلية مثل أزمة  كورونا، والتي ضربت بالاستقرار الإقليمي والدولي معا، وعلى مستويات عدة اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا، وهو الأمر الذي يستمر لبعض الوقت حتى مع افتراض التوصل لعلاج حاسم، وبالتالي فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات في دول العالم بأكمله كانت تقريبا واحدة من فرض إجراءات الحظر إلى تبني سياسات حمائية وتدخلية وتقديم تسهيلات مالية واقتصادية، واتمام إجراءات تتعلق بحماية مواطنيها، وفي مصر قامت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بتبني إجراءات متعددة، وشملت كل القطاعات الرسمية وغير الرسمية.

وكان مخطط الحكومة مثلما تم في أغلب دول العالم التقليل من الإصابات بالفيروس، ومواجهته عبر إجراءات حقيقية فعالة ثبت جدواها، ولم تقصر الحكومة في اتخاذ إجراءات فعلية ثبت نجاحها في الفترة الأولى من فرض الحظر، ومع ضغط مواقع التواصل الاجتماعي، ومطالبات عديدة من جهات مختلفة بتقليل ساعات الحظر قبل شهر رمضان تم وبصورة استهدفت بالأساس تسهيل تحرك المواطنين في الشهر الفضيل، وهو الأمر الذي لم يتفهمه البعض خاصة في المناطق العشوائية والشعبية حيث لم يلتزم البعض بما طرح  من توجيهات  وتعليمات، ولم يطبق الحظر بالصورة التي جرت في الأردن ودول أخرى وأنهت تمدد الفيروس بصورة لافتة، وأصبحت نموذجا حقيقيا للنجاح في إدارة الإزمة ومع تتالي الحالات بصورة لافتة وتصاعد الضغط بهدف فتح الاقتصاد وإعادة التشغيل، وهو هدف طيب ومنشود مصريا ودوليا، فإن الأمر سيتطلب مزيدا من الالتزام من قبل المواطن بالأساس سواء في الاستماع والانصات لتعليمات الحكومة والجهات المتخصصة بدلا من انتقادها خاصة وأن المشكلة لدي البعض تتمثل في استمرار غلق النوادي والمصايف والتجمعات وغيرها، وليس العمل على المرور بالأزمة خاصة أن دول العالم ستستعد خلال الفترة المقبلة لفتح الاقتصاد تدريجيا برغم التوقع بوجود مخاوف من ردة جديدة للوباء، وهو ما بدأ يظهر في عودة بعض الحالات في ألمانيا والصين وتزايد المصابين في الولايات المتحدة، وهو ما ينذر باستمرار الوباء في ظل الفشل في التوصل لعلاج حقيقي قد يأخذ مدة طويلة في التجريب والإعداد ثم الإتاحة للعلاج للدول بصرف النظر عن الإعلانات الألمانية واليابانية والأمريكية والإسرائيلية بقرب التوصل إلى حل.

وبالتالي فإن الكرة في ملعب الدول حتى الآن في العمل الوقائي والاحترازي للحد من انتشار الفيروس، ومنع تمدده بصورة كبيرة وهو ما تعمل به الحكومة المصرية في الوقت الراهن، وتتبني إجراءات حقيقية ومباشرة تحتاج إلى التزام حقيقي من قبل المواطن للعمل بها، وإلا فإن البدائل صفرية حيث يتصاعد انتشار الفيروس بصورة كبيرة، كما يظهر من دخول مناطق ومحافظات جديدة على خريطة الاستهداف جراء عدم الالتزام الشعبي، وافتقاد الثقافة الشعبية في المواجهة واعتبار الإجراءات الحكومية مجرد إجراءات لمعاقبة الشعب، وهو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة وضرورة توجيه المواطن بأن مثل هذه الإجراءات هدفها الرئيسي حياة المواطن والصالح العام، وليس تقييد الحركة أو فرض الالتزامات العامة، حيث لا توجد حكومة في الدنيا تنطلق فقط من فكر أبوي للحفاظ على حياة مواطنيها، وهو ما يتطلب فعليا مراجعة ردود الفعل جراء ما يجي، وبالتالي فإن الحكومة وفي حال عدم التزام المواطن فعليها تبني إجراءات أكثر فعالية، وليس فقط التنويه عن الفتح التدريجي للقطاعات للعمل مع تحميل المواطن جراء ما يتعرض له خاصة وأن التحميل على الحكومة في كل موقف غير مطلوب، وغير موجود لدي المواطنين في الخارج حيث لم تقصر الحكومة في مواقفها وأدارت الازمة مهنية، وبرؤية استباقية وفعالة، وساهمت بكفاءة كبيرة في حل العديد من المشكلات التي صاحبت الأزمة منذ بدايتها، وهو ما يتطلب الإشادة بكل قراراتها ودعمها وليس انتقادها كما جري في أزمة العائدين من الخارج.

إن دعم المواطن للحكومة يتطلب الانصات لقراراتها ومواقفها من أجل أن نعبر هذه المرحلة الصعبة التي نواجهها وتواجهها دول العالم من حولنا لا أن نقف مترصدين الحكومة ونطالبها برفع حالة الحظر والنزول للشارع والذهاب للمولات. هناك إجراءات عديدة يجب القيام والالتزام بها، وإلا فان نمط علاقاتنا مع الدول ستتغير وأعني الالتزام بإجراءاته السلامة الدولية، ودخول وخروج المواطنين والرعايا وفقا لما ستقرره دول العالم استنادا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية. هل وصلت الرسالة؟ نتمنى والأساس وجوهر عمل الحكومة هو الحفاظ على صحة المواطن أولا وأخيرا.