الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

45 دقيقة مشي لشراء الفاكهة.. يوميات سعد زغلول في منفى جبل طارق

سعد زغلول زعيم ثورة
سعد زغلول زعيم ثورة 1919

- تخلى عن الطربوش لتجنب نظرات السكان.. شٌفي من السُكر.. وبكى عند وصول "صفية"

في ديسمبر 1921، قررت سلطات الاحتلال البريطاني نفي الزعيم سعد زغلول مرة أخرى، وحددوا له هذه المرة جبل طارق، التي كانت تابعة آنذاك للتاج البريطاني.

كانت الرحلة طويلة، وذات محطات متعددة"، فخرج "سعد" من القاهرة إلى السويس، ومنها استقل باخرة إلى عدن باليمن والتي مكث فيها لفترة، ثم إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، قبل أن يرسلوه إلى جبل طارق في النهاية، والتي وصلها في سبتمبر 1922.

وبرغم صعوبة المنفى الذي يعد في النهاية بمثابة سجن مفتوح، فإنه في هذه المرة الأخيرة، كانت القيود المفروضة على سعد أقل وطأة.


 يوميات زعيم الأمة في المنفى


وفي كتابه المهم "سعد في حياته الخاصة"، يكشف الصحفي البارز في الثلاثينيات كريم ثابت، يوميات زعيم الأمة في ذلك المنفى.

وينقل المؤلف عن محمود أفندي عبد الله، الذي كان مرافقا لسعد زغلول في منفاه بجل طارق، أن الزعيم الراحل كان له مطلق الحرية في الذهاب والإياب شريطة ألا يتعدى الأرض الإنجليزية، مضيفا أن سلطات الاحتلال أخذت عليه "قسما بعدم محاولة ترك جبل طارق دون تصريح منهم له بذلك".

مع ذلك، لم يكن الوضع هناك في المنفى يسيرا على الباشا، إذ أنه كان خاضعا لرقابة من رجال البوليس الملكي. ويشرح "عبد الله" قائلا إنهم كانوا يسيرون وراء معاليه أينما سار، كاشفين له عن شخصيتهم، الأمر الذي ضايق "سعد" فأبدى للمستر كوكلان رئيس البوليس عدم ارتياحه لذلك، فقرر الأخير أن تكون المراقبة مستترة.

وعن حياة سعد زغلول اليومية هناك، يروي أن الباشا كان كثيرا ما يذهب إلى السوق على قدميه، وهو مكان يبعد عن المنزل مدة 45 دقيقة مشي، وذلك ليشتري بعض الصحف وقليل من الفاكهة.

ويتابع: "كان في كل صباح يتنزه في حديقة المنزل نحو 20 دقيقة قبل الفطور فيسير مسافة ميل ونصف ميل ثم يعود إلى قراءة المجلات والجرائد الإنجليزية"، وخصوصا ما يخص مصر منها.

خلع الطربوش وارتدى برنيطة

ويشير مرافق "سعد" في جبل طارق أن أهل المكان كانوا عندما يمر الزعيم أمامهم يشيرون إليه بالبنان ويتهامسون باسمه.

ومن جولاته الكثيرة في الشارع، لاحظ سعد زغلول أن الطربوش الذي يرتديه فوق رأسه، وهو من الزي الرسمي للمصريين آنذاك، كان يستلفت انتباه سكان جبل طارق، فقرر شراء قبعة كان يلبسها كلما خرج للتنزه.

وعن كيفية تواصله مع المصريين في أرض الوطن، يروي محمود أفندي عبد الله أن المراسلات من سعد زغلول وإليه كانت حرة لا رقابة عليها، مضيفا: "كنا نتلقى كل يوم وابلا من الرسائل التليغرافية كما كان يأتينا البريد بكثير من الرسائل البريدية كل عشرة أيام تقريبا من مصر وكل أسبوع من أوروبا".

استدعاء صفية

وفيما يخص الحالة الصحية لـ"سعد"، يكشف أنها كانت في تقدم مستمر منذ وصوله إلى جبل طارق، حتى أنه شُفي من مرض البول السُكري "السُكر"، ففرح وسارع لتبشير زوجته صفية زغلول تليغرافيا.

في المقابل، ورغم هذا التحسن، كان "سعد" يشعر بوحدة شديدة، فكتب إلى زوجته أن تحضر إليه، فوصلت في 16 نوفمبر 1922، ورافقها شقيقه سعيد بك زغلول، والسيدة فهيمة هانم ثابت التي جاءت بصفة ممرضة لـ"صفية"، بالإضافة إلى خادم وخادمة.

ويكشف "عبد الله" أفندي أن سعد زغلول استقبل زوجته بالميناء، وعندما رآها لم يتمالك نفسه فأجهشا بالبكاء، حتى تأثر كل من حولهما، وبعد أشهر عاد الزعيم إلى مصر في مارس 1923.