السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

موقف سياسي حاسم للرسول قبل مشاركة "الأنصار" في غزوة بدر

الرئيس نيوز

عندما آن أوان قتال النبي محمد لقريش في "غزوة بدر"، سنة 2 هجرية، والتي نحتفل بذكراها اليوم، لم يكن من المفروض على الأنصار في المدينة – بحسب المعاهدات – المشاركة في القتال، لكن النبي أراد أن يحسم موقفهم قبل ملاقاة أعدائه.

في كتابه "السياسة الإسلامية في عهد النبوة"، يشرح العالم الأزهري الراحل عبد المتعال الصعيدي، كيف أدار النبي محمد الترتيب للمعركة سياسية، ليوحد الجبهة الداخلية قبل القتال.

يلفت الصعيدي النظر في البداية إلى أنه بحسب معاهدة العقبة التي تم توقيعها بين المهاجرين والأنصار لم يكن على الطرف الأخير المشاركة في أي معركة مع النبي ضد قريش، إذ كانت المعاهدة دفاعية بين الطرفين، لا تقتضي خروج مسلمي المدينة في الغزوات.

موقف الأنصار من قريش

لذلك، أراد النبي أن يعرف موقف الأنصار من قريش هذه المرة، فرغم أنهم خرجوا معه في التصدي لقافلة قريش القادمة من الشام وعلى رأسها أبو سفيان، فإنه أراد أن يكون الأمر واضحا للجميع طالما اقتضت الظروف مواجهة مسلحة مباشرة.

يقول الصعيدي إن النبي رغب في أن يسجل على الأنصار الرضا بذلك التحول الذي أحدثوه، "حتى يصدقوا في القتال، ولا تحدثهم أنفسهم أثناءه بالرجوع عنه، لأنه غير واجب عليهم، ولم يأخذوا على أنفسهم عهدا بالمشاركة فيه".

ويعلق عبد المتعال الصعيدي على ذلك قائلا إن هذه "سياسة حكيمة حازمة، لأن الصراحة في هذه الأمور تؤدي إلى النجاح، وتقضي على عوامل الشك والتردد".

جمع النبي المهاجرين والأنصار ليستشيرهم في قتال قريش، ويعرف رأي الأنصار خصوصا في ذلك القتال، لأنهم خرجوا بالفعل على المعاهدة الدفاعية التي بينهم وبين المهاجرين، ولكن دلالة الفعل لا تكفي في أمر المعاهدات، بل لا بد من قول صريح ينسخ تلك المعاهدة، ويسجل على الأنصار ما أقدموا عليه من مشاركتهم المهاجرين في الهجوم على قريش.

 الأنصار يقتدون ببطولة المهاجرين

يسرد الصعيدي ما حدث في الاجتماع قائلا: "قام أبو بكر من المهاجرين فقال وأحسن، وقام عمر بن الخطاب فقال وأحسن... لكن النبي كان يريد الأنصار فتوجه إليهم وقال لهم: أشيروا علي أيها الناس".

في تلك اللحظة، كما يصف الصعيدي، كان الأنصار قد أخذوا بتلك البطولة العظيمة التي ظهرت من المهاجرين، فقام سعد بن معاذ سيد الأوس والأنصار جميعا, وكانت منزلته فيهم كمنزلة أبي بكر الصديق في المهاجرين.

كان سعد بن معاذ قد فهم مقصد النبي، فقال له: "والله لكأنك تريدنا يا رسول الله"، فقال الرسول محمد: "أجل"، فرد سعد: "قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصَبْر في الحرب، صِدْق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله".

ويعقب عبد المتعال الصعيدي قائلا: "سُرّ النبي بقول سعد وقال: سيروا وأبشروا، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين والله لكاني الآن أنظر إلى مصارع القوم".