الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

إيهاب سمرة: الدولة خلقت الأصول الاقتصادية من العدم.. والدولار سينهار بعد كورونا (حوار)

الرئيس نيوز

اقتصادنا صمد أمام الجائحة بسبب الإصلاح.. والسياحة "صاحب ندل" يهرب وقت الأزمات

الأمل بالزرارعة وأطالب الدولة بدعمها مع الصادرات فهما قاطرة النمو

النظام الحالي أنهى تبديد مبارك للثروة الوطنية.. والمليون ونصف فدان والمزارع السمكية والحيوانية ستنقل مصر اقتصاديا

شهدنا مرحلة "إقطاع عقاري" ما أضعف السيولة المحلية.. والدولة تُغير ثقافتنا بتصدير العقار

مصر مؤهلة لتحقيق النمو الأعلى بالشرق الأوسط.. والبورصة لا تعبر عن الاقتصاد

أتوقع انهيار أسعار العقارات.. ولن نشهد خفضا كبيرا في أسعار الفائدة و"أفراد وهيئات تعيش من عوائد الودائع"

السياحة لن تتحسن قبل 10 سنوات.. واليوان والين فقط سيبقيان من عملات السحب العالمية

بادرة أمل جديدة قد تنجو بالبشرية والاقتصاد من كورونا، فعلى مدار يومين تناقلت وكالات الأنباء أخبارا عن علاجات مختلفة للقضاء على الفيروس لتنتشل العالم من الهوة التي سقط بها عقب تفشي الجائحة، وبدأت تلوح في الأفق بوادر عودة الحياة للاقتصاد، وربما أوشكنا، من كحل آخر، على فكرة التعايش مع الفيروس لحين اكتشاف العلاج.

"الرئيس نيوز" حملت تساؤلات الناس إلى اقتصاديين، في الحلقة الأولى أجاب محسن عادل، نائب رئيس جمعية الاستثمار والتمويل، رئيس هيئة الاستثمار السابق، مبشرا بفرصة ذهبية لاقتصاد المصري، وفي الحلقة الثانية أكد د. فخري الفقي نائب الرئيس التنفيذي لصندوق النقد الدولي سابقا، ما ذهب إليه "عادل"، من فرص كبيرة أمام اقتصادنا، مفندا أسباب اللجوء إلى الاقتراض مجددا، بينما اليوم يعرض إيهاب سمرة الخبير الاقتصادي رؤيته عن كشف الأزمة للقطاعات الاقتصادية الأولى برعاية الدولة، وكيف كان لبرنامج الإصلاح الصعب دورا بارزا في تقديم الفرص خلال الجائحة، فإلى نص الحوار:

كيف ترى وضع الاقتصاد المصري في الوقت الحالي؟

الاقتصاد المصري مر بـ4 مراحل قبل حدوث أزمة كورونا مكنته بالفعل من رسم الصورة الحالية والطريق خلال الفترة المقبلة، فالاقتصاد منذ عام 2014 بدأ صياغة وضع جديد ينهي سنوات ما بعد 2011 ، أول مرحلة هي خلق الأصول، فالدولة بدأت في وضع خطة للمشروعات القومية بمعنى بدء مشروع العاصمة الإدارية لترتفع قيمة تلك الأراضي من صفر إلى مليارات الجنيهات، وكذلك أرض الجلالة، وبذلك تحولت الدولة من عصر مبارك الذي عمد إلى تبديد الأصول ببيع شركات الدولة بأثمان بخسة إلى مرحلة خلق أصول من العدم، أما المرحلة الثانية التي مثلت نقطة تحول كبيرة في من خلال رفع التصنيفات الائتمانية لمصر، وإعادة نظر العالم للقاهرة كاقتصاد قادم، وهي لحظة اكتتاب شهادات قناة السويس، حيث اجتذبت خلال 8 أيام 64 مليار جنيه، وهنا بدأت "فيتش" و"موديز" وغيرها من مؤسسات التصنيف الائتماني، تعيد تصنيفها لمصر بعد الحدث بأسبوع تقريبا.

مرت مصر بمرحلة الإصلاح الصعب على مدار ثلاث سنوات.. كيف ترى تأثير ذلك؟

برنامج الإصلاح الاقتصادي أحد أهم الإنجازات التي تحققت ومهدت الطريق للصمود أمام جائحة كورونا، حيث تخلصت الدولة من الدعم الذي كان يحد حركتها ويذهب لغير المستحقين، والمرحلة الأهم هي التعويم، ووضع العملة في قيمتها العادلة.

ماذا بعد كورونا؟

أزمة كورونا جاءت لتكشف أولويات القطاعات الاقتصادية الرائدة حيث جاءت والاقتصاد تخلص من إرثه القديم وأعباء الإنفاق العام، ما جعل مصر حاليا مؤهلة لتحقيق نمو هو الأعلى في الشرق الأوسط بشهادة المؤسسات الدولية، فجاءت كورونا واقتصادنا محصن من الهزات الكبيرة؛ الاحتياطي النقدي يتجاوز 45 مليار دولار، وعملة معومة، ودعم حقيقي بمعنى أن تكلفة الحياة الحقيقية هي ما تتحمله الدولة فعليا.

ماذا عن السيولة المحلية؟

السيولة المحلية مرتفعة جدا، فميول المواطنين اختلفت، حيث بدأ ينمو معدل الإدخار وبدأت النزعات الاستهلاكية تنخفض تدريجيا، بدليل القلق الشديد والاهتمام البالغ لقرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة، بمعنى أن المواطنين أصبحوا يديرون اقتصادهم الشخصي من إنفاق معقول وإدخار، ونظرتنا للترفية اختلفت بخلاف الفترة المقبلة.

هل تتوقع خفضا جديدا في سعر الفائدة الفترة المقبلة؟

قرار خفض سعر الفائدة صائب بنزول سعر الفائدة 3% دفعة واحدةـ وأتوقع خفضا جديدا خلال الفترة المقبلة، ولكن لن نشهد فائدة منخفضة للغاية بسبب رغبة البنك المركزي في إحداث توازن مجتمعي، حيث أن أفراد بل مؤسسات وهيئات تعتمد في دخلها الأساسي على عائد الودائع، وفي المقابل هناك اتجاه لقروض مخفضة للصناعة وسنشهد قريبا مبادرات تمويل مخفض للقطاعات الإنتاجية.

ما القطاعات الاقتصادية التي من المتوقع أن يُعتمد عليها الفترة المقبلة؟

أزمة كورونا كشفت أهمية الإنتاج الزراعي بصورة كبيرة، من يملك مزرعة حاليا أو إنتاج زراعي قادر على تخطي الأزمة، فالعالم تشبع من الإنتاج الصناعي وزحفت الصناعة خلال سنوات طويلة على اهتمامات الدول، لنجد الموبايلات من كل ماركة وغيرها من المنتجات الصناعية، أما الآن العالم يواجه نقص في المنتجات الغذائية.

برأيك هل القطاع الزراعي في مصر بوضعه الحالي قادر على قيادة النمو؟

بالطبع، قبل سنوات كان الرد سيكون مخزيا، فالدلتا تم تجريفها وانحسرت المساحات المنزرعة، وكنا نستورد أسماك من أوغندا بنصف مليار دولار سنويا أيام مبارك، وكان هناك نقصا في إنتاج اللحوم، حتى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليطلق مشروع المليون ونصف فدان، وتبدأ اختبارات حفر الآبار وتحلية المياه، ثم الاستزراع السمكي وإطلاق مشروع الثروة الحيوانية، تلك المشروعات قادت مصر حاليا لأن نشهد في ظل كورونا أعلى معدل تصدير للحاصلات الزراعية، فمصر الأولى في تصدير البرتقال للعالم، ونقترب من الاكتفاء الذاتي من القمح، وأرى أن الزراعة هى القاطرة والأمل والهدف لمصر لإنعاش الصناعة والصادرات في آن واحد، فمصر ستتحول لدولة إنتاج.

السياحة كأحد روافد النقد الأجنبي.. كيف ترى مستقبلها في ظل الجائحة؟

أفضل دائما أن أطلق على قطاع السياحة – رغم اهميته البالغة- لقب "الصاحب الندل"، الذي يتمتع بكل المواصفات الجيدة إلا أنه عند الأزمة أول من يغادر، ولا يُقَوّم اقتصادا أو يسهم في حل، بل يتحول إلى عبء ضخم على خزانة الدولة بسبب صعوبة سداد الالتزامات ومطالبات دعم العمالة، لذا العالم سيتخلى عن اقتصاد الخدمات الذي لا يمثل قيمة حقيقية في أى هزة، ومنذ أيام مبارك تم خلق صناعة الترفيه والسياحة كأحد أدوات الاقتصاد لكن في الأزمات يظل الترفيه أولوية متأخرة لدى الشعوب.

ألا يمكن أن تتعافي السياحة وتدر دخلا يسهم في دعم الاحتياطي؟

في ظل كورونا لا ننتظر تعافي السياحة العالمية قبل 10 سنوات.

ماذا عن توقعات التضخم؟

التضخم في مصر من أدنى المستويات العالمية حتى أزمة كورونا لم تشهد ارتفاعا في الأسعار بسبب وفرة المعروض، ولم تقم الدولة بإجراءات صعبة تجاه الشركات، ما يعني أن مصر نجحت خلال الفترة من 2017 إلى 2019 في وضع أسس الاقتصاد الإنتاجي، فهناك إنتاج يحتاج إلى تنمية.

القطاع العقاري تأثر جدا بعد كورونا.. كيف ترى مستقبل هذا القطاع الحيوي؟

مصر شهدت مرحلة إقطاع عقارى بمعنى الكلمة خلال الفترة الماضية، حيث كان الأفراد يكتنزون مدخراتهم في العقارات لإغلاقها لسنوات طويلة أو استلامها خلال سنوات، ما كان يضعف من قوة السيولة المحلية لأنها مكتنزة في أصل لا يمكن الاستفادة منه حاليا، بدلا من أن يضع تلك الاستثمارات في مشروع إنتاجي يدر عائد عليه، وقبل الأزمة الحالية وصلنا لـ14مليون شقة مغلقة، وعندما حدثت أزمة كورونا تراجعت الميول الشرائية للعقار في مصر بسبب تراجع القوة الشرائية، ما سنشهد معه تراجعا أكبر في أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، بسبب تراجع الإيجارات ووفرة المعروض.

لكن أليس القطاع العقاري أو الإنشاءات قاطرة نمو جيدة؟

بالفعل لا أحد ينكر أهمية القطاع لكن الفكرة كانت في الأصول الراكدة، ما تقوم به الدولة حاليا هو تغيير الثقافة بشأن القطاع، حيث كنا قد بدأنا مرحلة تصدير العقار من خلال إقامة أبراج العاصمة الإدارية والعلمين وغيرها لاستقطاب المليارات التي كانت تذهب لشراء وحدات في دبي والدول الخليجية، كما يسمح للشركات العقارية بتسويق تلك المنتجات في الخارج.

كيف ترى الفرص من الأزمة الحالية؟

الأهم في المرحلة الحالية؛ الزراعة والاهتمام بالحاصلات الزراعية ثم الصناعة وتوطين الصناعة الوطنية واستغلال الفرصة لتوطين المنتج المحلي وتعميق صناعته محليا، إن الأزمة الحالية ستخلق فرصة ذهبية لن تعوض لرجال الأعمال المصريين، حيث أن عدد كبير من المصانع  الإيطالية والعالمية يتم عرضها حاليا بثمن بخس لا يتجاوز ثمن 3 أو 4 شحنات استيرادية فقط، فأحد المستوردين المعروفين عرض عليه شراء مصنع إيطالي حاليا بسعر مليون دولار فقط بما في ذلك معمل أبحاثه، وهذا الثمن منخفض جدا، فهناك فرصة في نقل عدد كبير من المصانع العالمية يقوم رجال الأعمال بشرائها والسيطرة على أسواقها في الدول ونقل التكنولوجيا لمصر.

ماذا عن البورصة؟

البورصة لا تمثل الاقتصاد المصري، فلا أتاثر بأرباحها ولا تعبر أزماتها عن وضع الاقتصاد إلا إذا قمنا بتغيير كافة القوانين الحاكمة لها.

كيف ترى حديث البعض عن وضع الدولار خلال الفترة المقبلة ما بين انفلات كبير أو انهيار سريع أمام الجنيه؟

الدولار كعملة  إلى انهيار إن عاجلا أم أجلا مع انكماش الاقتصاد الأمريكي واضطرار الولايات المتحدة لطباعة 4 تريليون دولار، إلا أن ما يحمي الدولار ويبقي عليه على قيد الحياة حاليا هو اتفاقية البترودولار، والتي تقيم سعر المنتجات البترولية بالدولار، بالإضافة إلى أن حاجز الثروة المقوم بالدولار في العالم هو ما يحمي الدولار حاليا، خاصة أن الصين أكبر حائز لسندات الخزانة الأمريكية، وإذا انهار الدولار ستخسر الصين خسارة فادحة.

ذلك يعني أن الدولار سيظل العملة الرئيسية في العالم؟

العالم حاليا يبحث عن عملة القياس الجديدة خليفة الدولار، ومع ظهورها سينهار الدولار تماما.

هل هذا يعني أننا بحاجة لتعديل سلة عملاتنا المعتمدة بشكل أساسي عل الدولار؟

بالطبع؛ نظرية غطاء العملات ستتغير في العالم، فهناك حاليا 5 عملات سحب خاصة لن يصمد منهم سوى اليوان والين، والانكماش في الاقتصاد الأمريكي سيهوي بالدولار، لذا أرى أن نعيد تقييم سلة العملات في ضوء المستجدات والتوقعات.

ماذا عن الجنيه المصري؟

وسط عدم وضوح الرؤى في الوقت الحالي، اتخذت قرارا في شركتي أن أصدر المنتجات بالجنيه المصري القوي، وهذا قرار فردي؛ لكنه سيؤمن من أي تقلبات سعرية، وأتمني أن يتوسع به المصدرون.