الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

محسن عادل: فرص مصر ذهبية لاجتذاب استثمارات العالم بعد كورونا (حوار)

الرئيس نيوز

يجب مراجعة تكاليف تأسيس الشركات وإنهاء المعوقات لتهيئة الاقتصاد ما بعد كورونا

الأزمة تفرض على العولمة تغيير أولوياتها.. واستمرار الوباء للعام المقبل السيناريو الأصعب

إطلاق برنامج متكامل لدعم تصنيع السلع الوسيطة.. وإجراءات الحكومة والبنك المركزي ملاذ استثماري آمن

بدا الاقتصاد العالمي مثل عملاق بقدمي من طين في مواجهة وباء كورونا المستجد؛ سرعان ما انفجر الحديث عن الانهيار الكبير، فيما يبدو أن الفيروس التاجي تربع على رئة الكون المالية، وسط حالة ضبابية غير مسبوقة، فهل تنجو السفينة أم يتساقط أفرادها خلال الحرب مع الكائن المجهري؟ والسؤال الأهم هل نحن أمام فرصة تختصر السنوات لنصعد لمقدمة الدول الكبرى أم أن الأزمة ستضعف مقومات الاقتصاد المصري؟

أسئلة خرجت من رحم الأزمة تنتظر جوابا في ظل تخبط المؤسسات المالية العالمية حول معدلات النمو والكساد العالمي والقدرة على الثبات. "الرئيس نيوز" توجه بتلك التساؤلات للخبراء لمعرفة متى نستطيع العودة للحياة الاقتصادية؟ وما الفرص المتاحة لخروج الاقتصاد المصري في ظل توقعات بأنه سيحقق النمو الأعلى فى الشرق الأوسط.

محسن عادل، نائب رئيس جمعية الاستثمار والتمويل، رئيس هيئة الاستثمار السابق، قال إن أمامنا فرص ذهبية للاعتماد على النفس وتعميق الصناعة المحلية واجتذاب الاستثمارات العالمية، التى بمجرد هدوء الأزمة ستبحث عن أسواق واعدة لتعويض خسائرها، فإلى نص الحوار.

كيف ترى تأثير تفشى فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي؟

الأزمة الحالية غير مسبوقة مع تفشي انتشار الفيروس، ليشمل جميع دول العالم التى فرضت الإغلاق على جميع منشأتها الاقتصادية، وتباطؤ النمو وبدأت البنوك المركزية بالتدخل برصد مخصصات مالية ضخمة وبرامج إنعاش غير مسبوقة، فالمعطيات تشير إلى أن كورونا فاق بتأثيراته الاقتصادية ما خلفه فيروس سارس، أزمة لم يشهدها العالم منذ الثلاثينيات.

لماذا تداعت الاقتصاديات العظمى رغم قدرتها الفائقة وأنظمتها المالية وأسعار عملاتها الجيدة؟

علي العكس تماما أزمة فيروس كورونا المستجد جاءت لتفضح هشاشة الأنظمة الاقتصادية لسلاسل الشركات متعددة الجنسيات والدولية، التي شهدت اضطرابات كبرى بسبب ممارساتها السابقة وتحتاج إعادة نظر من خلال فرض آليات التنوع والانتشار في الأسواق المختلفة.

اقتصاد ما بعد كورونا.. كيف ترى الدول العظمى بعد تلك الجائحة؟

أتوقع أن تواصل الصين ريادة الاقتصاد العالمي وقد تستغرق أمريكا قدرا أطول في التعافي، لكن النظرة إلى العولمة ستختلف أو ستتغير ممارساتها، والصين لن تفقد مقوماتها، لأن ترك الشركات للصين كليا سيتحول إلى كارثة، لأن بكين تحتل مكان القلب فى العولمة الاقتصادية التى ينعم بها العالم وفقا للتقارير الأوروبية.

كيف ترى المؤسسات العالمية عالم ما بعد كورونا؟

غرفة التجارة الأوروبية نشرت تقريرها مؤخرا ويفيد أن  فيروس كورونا يُعجل بفكرة إعادة النظر فى طريقة إجراء الأعمال مستقبلا. وكذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يدعمان فكرة إعادة النظر في السياسات المالية ووضع آليات التعافي من الأزمة رغم حالة عدم اليقين التي يفرضها فيروس كورونا إلى الآن.

متى يمكن العودة للحياة الاقتصادية في مصر في ظل مناداة رجال الأعمال بضرورة عودة النشاط خوفا من الإفلاس؟

أولا مصر لن تشهد إفلاس أبدا خرجنا للتو من برنامج اقتصادي جرئ دعم كافة القطاعات الاقتصادية، ورفع المؤشرات الاقتصادية، وحماية حياة المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل الإجراءات الحكومية الداعمة وغير المسبوقة والاستباقية في الوقت نفسه لن تسمح بتهاوي القطاعات الاقتصادية والأهم حماية الأرواح فهي الثرورة الحقيقية

ما تقييمك للإجراءات التى اتخذتها مصر في مواجهة الأزمة على الاقتصاد؟

مصر نجحت في إقرار إجراءات وقائية ومنع تأثر القطاعات الاقتصادية بالإضافة لقرارات البنك المركزي بوقف تحصيل أقساط القروض وقبلها المبادرات التمويلية للقطاعات الاقتصادية

هل ترى فرصة حاضرة لنهوض الاقتصاد المصري بصورة أقوى بعد كورونا؟

بالفعل هناك عدد من الفرص؛ أولا: يجب أن تبرز مصر نفسها كسوق استثماري واعد لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن سلاسل إمداد بديلة للصين فستؤدى الأوضاع الحالية لإعادة هيكلة خريطة سلاسل الإمداد العالمية، والتى كانت ترتكز بشكل أساسى فى الصين معتمدة فى ذلك على التكنولوجيا الأمريكية، وبالتالى من الممكن أن تستغل مصر موقعها الاستراتيجى، خاصة منطقة محور قناة السويس لجذب العديد من الشركات الصينية وكذا العالمية التى تبحث عن موقع جديد لتوطين استثماراتها وخطوط إنتاجها، يكون أكثر أمانا لتفادى العقوبات الجمركية التى تفرضها الولايات المتحدة على الصين، ما يستدعى الترويج لاستخدام السوق المصرية كمحطة لإنتاج وتصدير المنتجات البريطانية بالأسواق الإقليمية والعالمية فى ظل تطلع الشركات البريطانية إلى استغلال إمكانيات وموارد مصر للتوسع والاستثمار داخل القارة الإفريقية والشرق الأوسط، مع التركيز حاليا على أسواق دول غرب أفريقيا للاستفادة من الفرص التصديرية الضخمة المتاحة بأسواق هذه الدول، مع تحديد الفرص الاستثمارية فى القطاعات المستهدفة واستهداف الشركات العاملة فى تلك القطاعات ودعوتها للاستثمار فى مصر من خلال تنظيم حملات ترويجية.

هل الشركات العالمية المنهكة التي هوت أرباحها ستكون قادرة على ضخ استثمار جديد؟ وما الإجراءات المحفزة لذلك؟

الأمر أصبح يستلزم البدء فى وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التى تتعرض لها الشركات بدءا من مرحلة التأسيس من خلال خفض تكاليف بدء النشاط  سواء في المصروفات أو سعر الأرض أو المرافق، وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار، مع زيادة الدور الذى تلعبه السياسات الحكومية فى عملية تشجيع الاستثمار.

مع ضرورة النظر فى حوافز ضريبية والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية والتنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام ونقص سلاسل الأعمال، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الإدارية وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية يخفض تكلفة الاستثمار ويحافظ على موارد الدولة في الوقت نفسه.

ماذا عن الشركات المصرية.. هل تحتاج حوافز إضافية خلال تلك الفترة؟

يجب أن نستغل تلك الفترة لتعميق الصناعة المحلية وبدء برنامج تصنيع السلع الوسيطة وخفض الواردات خاصة مع توقف المصانع العالمية وتأثر عدد كبير من الصناعات مع ضرورة لقيام البنك المركزى المصرى بتدشين حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها، كما أنه من المهم فى ظل المتغيرات الحالية إعادة النظر فى القيود المفروضة على مساهمة البنوك فى رءوس الشركات الجديدة ما يحد من تنويع العملية التمويلية.

لكن تلك الاستراتيجيات تستغرق وقتا طويلا؟

بالعكس البدء في خطط جادة لتعميق الصناعة الوطنية  سيعمل خلال 10 سنوات على تنمية قطاع الصناعة وخلق فرص عمل وإتاحة فرص للنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التى يمكن أن تعمل فى مجال تغذية الصناعات النهائية وفى الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتماد على الواردات، لكنها يجب أن تكون استراتيجية متكاملة تشمل كافة القطاعات التمويلية والإجرائية والتكنولوجية مع سياسات داعمة فى مجالات التدريب المهنى والتعليم الصناعى كل ذلك سيعمل على خلق شبكات من الصناعات المغذية المرتبطة بصناعات نهائية كما هو الحال فى تايوان أو فى كوريا الجنوبية أو فى الصين.

برأيك ما المعوقات التي كانت ولازالت تعوق الاستثمار الأجنبي في مصر؟

خلال السنوات الماضية قطعنا شوطا كبيرا لإزالة المعوقات وسرعة إنهاء الإجراءات وإقرار قانون الاستثمار الجديد وتعديلاته وبالفعل ارتفعت معدلات تأسيس الشركات، ولكن مازال هناك أهمية قصوى لسرعة الانتهاء من تعديل السياسة الضريبية تجاه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخروج القانون الخاص بها من البرلمان وبدء تطبيقه فعليا، كما يجب ان تعمل مصر على تحفيز الاستثمار الداخلى مع الأجنبى فى ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة لحركة التجارة العالمية، يجب التركيز على الصناعات التى يتم استهلاك مخرجاتها داخليا مع عدم إغفال الصناعات التصديرية، حتى لا يتأثر الميزان التجارى وسعر صرف الجنيه المصرى، ما يستلزم وبقوة تنفيذ مبادرات متكاملة لتنشيط قطاع الصناعة فى مصر كمحرك أساسى للنمو الاقتصادى.

دفعت أزمة فيروس كورونا بأهمية التحول الرقمي ورقمنة الخدمات.. ما تقديركم لدور الاقتصاد الرقمي الفترة المقبلة؟

فعلا الفترة الحالية تقود إلى الدفع بمزيد من التوجه نحو الاقتصاد الرقمي وتعزيز التكنولوجيا، فمصر في حاجة لمحركات نمو اقتصادى جديدة من خلال تعزيز الابتكار وتشجيع التكنولوجيات الجديدة

ماذا عن البورصة التي تأثرت بشدة من الأزمة؟

تحتاج البورصة حاليا لزيادة رأس المال السوقي من خلال تسهيل إجراءات عملية طرح السندات وأدوات الدين فى البورصة المصرية والإسراع بها مع تخفيف رسوم القيد والإصدار فى البورصة المصرية، وإضافة نصوص جديدة للقوانين المنظمة للخدمات المالية غير المصرفية، بإلزام المتعاملين بتنفيذ معاملات البيع والشراء أو التقسيط أو التأجير عن طريق حسابات مصرفية من أجل تعميق الشمول المالي

كيف ترى سيناريوهات الخروج من الأزمة الحالية؟

مازال هناك حالة عدم يقين ولكن هناك 4 سيناريوهات عالمية تتنوع ما بين قرب انتهاء الأزمة وسيحقق الاقتصاد المصري نموا جيدا هو الأعلى في المنطقة، وتتدرج باقي السيناريوهات في فترة انتهاء الأزمة ولكن الأصعب هو سيناريو استمرارها حتى الربع الأول من العام المقبل

أخيرا.. هل أنت متفائل بعبور الأزمة بسلام على الاقتصاد المصري؟

برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تم تنفيذه جنب مصر تدهورا اقتصاديا وسنتعافى سريعا من الأزمة، وستتاح الفرص أمام الاقتصاد للنهوض.