الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: وقائع رقابية (1).. كبدة وشاي و١٥٠ مليون جنيه

الرئيس نيوز

أخيرا عاد مجلس النواب إلى الانعقاد، ليتولى دوره ومسئوليته في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الدولة، وبما أن هذه المؤسسة لا بد أن يكون لها دورا في أمور الدولة باعتبارها السلطة التشريعية والرقابية، فقد قررت أن أكتب سلسلة مقالات –في الغالب أسبوعية- عما يقوم به المجلس وكواليس ما يدور داخله، وأهم الملفات الرقابية التي أتحرك فيها كنائب.

البداية هذا الأسبوع، كانت مع قرار عودة مجلس النواب للانعقاد في ظل أزمة فيروس كورونا، والتي تسببت في تأجيل جلساته العامة أو حتى لجانه النوعية لأكثر من شهر تقريبا، بما عطل المجلس عن دوره الرقابي والتشريعي.

وقد عاد المجلس، مع إجراءات وقائية حاسمة وعمليات تعقيم دورية، وجهد مشهود من أمانته العامة على تطبيق سبل التباعد الاجتماعي وخطوات عمل مع الجهات المعنية على وضع منظومة إلكترونية لاستمرار تواصل المجلس معها وهو أمر سوف يوفر الكثير من الجهد والمصروفات والوقت، وأيضا يساعد المجلس والأعضاء في القيام بدورهم في أي ظرف كان.
أما عن الملفات الرقابية التي شهدت تحرك برلماني هذا الأسبوع، فقد أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية قبول استقالة محمد عبدالسلام رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزي اعتبارا من تاريخ انتهاء الجمعية العمومية للشركة والمقرر عقدها في الثامن عشر من مايو المقبل.

القصة جاءت بعد تقدمي بطلب إحاطة حول وجود وقائع اختفاء لمبلغ قيمته حوالي 150 مليون جنيه مصري داخل شركة مصر للمقاصة منذ حوالي عامين، بواسطة أحد قيادات الشركة، وسط صمت تام من قبل أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجمعية العمومية، وتمكن الشركة من رد هذه المبالغ بعد مرور عامين.

وتلى ذلك مباشرة، إخطار العضو المنتدب للشركة، أعضاء مجلس الإدارة باستقالته من منصب العضو المنتدب مع استمراره كرئيس لمجلس الإدارة، وهو ما قبله مجلس الإدارة، دون ربط بأزمة اختفاء المبلغ.

ولكن الأمر لا يجب أن يقف عند فكرة الاستقالة، دون تحقيق وتقديم للمسائلة، وبالطبع الاستقالة لن تنهي الأزمة خاصة وأن البرلمان غير معني بالشخوص أو بالشق الجنائي إن وجد بقدر ما تختص الأدوات الرقابية بمراجعة قواعد الحوكمة والمخالفات القانونية والتعديلات التشريعية اللازمة.

القضية الثانية التي تحركت فيها كانت ضد قرار وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع بمد صلاحية الكبدة والأسماك المجمدة المستوردة، والذي تحركت فيه تزامنا مع تحرك النائب خالد أبو طالب و النائبة داليا يوسف، خاصة وأن القرار لا يرتكز إلى أي سند واضح للمعايير الفنية والعلمية وأغفل بيان تأثيره على صحة المواطنين.

للأمانة القرار غريب، ويتضمن نقاط كثيرة غامضة، خاصة وأنه يفتقر إلى وجود أي سند واضح يفيد الرجوع إلى لجنة مختصة للمعايير الفنية والمواصفات القياسية أو وجود تقرير رسمي منها بسلامة هذا المد في فترات الصلاحية لهاتين السلعتين وعدم تأثيره على صحة لمواطنين.

كما أن هناك العديد من التساؤلات بشأنه، أبرز جماعات المصالح المستفيدة منه ومدى تدخلها لإصدار مثل هذا القرار غير المفهوم من قبل الوزيرة، بالشكل الذي يضرب بالقانون والقرارات المنظمة وعمل اللجان الفنية عرض الحائط.

خيرا فعلت هيئة المصنفات والجودة، في ضوء الضجة التي لاحقت القرار، بتوضيحها أن القرار خاص بالأسماك والكبد المجمدة فقط، التي سوف يتم استيرادها بعد القرار ولا يطبق على الموجود منها في السوق، وأيضا عدم سريان مدة الصلاحية على الكلاوي والقلوب والطحال والمخ والبنكرياس واللسان المجمدة، وبالطبع سوف تكون هناك متابعة لتنفيذ هذا القرار و محاولات القفز عليه من شبكة المصالح.

أما الملف الأكثر أهمية للمواطن، كان في رصد ممارسات مخالفة تقوم بها الشركة المصرية لتجارة الجملة، ومنها إجبار المواطنين أثناء صرف السلع التموينية لهم على صرف أصناف محددة رديئة الجودة ليست ضمن منظومة التموين.

حيث قمت بالتحرك في هذا الملف، تزامنا مع تحرك النائبة أنيسة حسونة، وتم تقديم أدوات رقابية، أكدت أن هذه المنتجات مجهولة المصدر وغير متداولة في السوق مثل منتجات شاي وبقول.

الكارثة، أن هذه الممارسات المخالفة تتم بجميع إدارات بيع المصرية للجملة بالمحافظات وفروع نصف الجملة وفروع مشروع جمعيتي ومنافذ وبقالات السلع التموينية وهو ما أدى إلى استياء كافة المواطنين المتعاملين مع الشركة بسبب الجودة السيئة للمنتجات والذين يتم إجبارهم على صرفها رغم كونها خارج منظومة التموين.

ناهيك عن تجاهل خطابات رسمية من الشركة القابضة للصناعات الغذائية، تؤكد مخالفة هذه المنتجات للمقاييس، وتقرر إرجاع الكميات الموجودة منها للمورد.

لا بد من تبيان دور الأجهزة الرقابية في هذا الأمر، خاصة وأن الشركة التي ترتكب هذه المخالفات "حكومية"، وهي إحدى شركات القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين، ولكن ذلك لا يمكن أن يغفر لها هذه المخالفات التي تستوجب محاسبة وتحقيق.

بالطبع سوف تكشف مناقشات اللجان النوعية للبرلمان لهذه الملفات غير الهينة، العديد من الكواليس والتي سوف أكون حرصا على إتاحتها للجمهور وأيضا استمرار عملية التحرك البرلماني في شأنها.. وللحديث بقية ضمن سلسلة مقالات "وقائع رقابية".