الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"جيش مصر الأبيض".. كيف نشأ النظام الصحي المصري لأسباب عسكرية؟

الرئيس نيوز

"جيش مصر الأبيض".. تعبير نسمعه كثيرا هذه الأيام ويُطلق على الأطقم الطبية العاملة في مجال الصحة، والذين يتعاملون وجها لوجه مع فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19".

ورغم أن التعبير يبدو مجازيا للقول بأن الأطباء والممرضين هم خط الدفاع الأول عن المصريين في المعركة مع الوباء، فإنه أيضا يحمل دلالة تاريخية، نستعرضها في السطور التالية.

في بداية عشرينيات القرن الثامن عشر، أنشأ الوالي محمد علي أول مدرسة حربية لتكون نواه لجيش حديث، لكنه بعد سنوات قرر أن حماية هذا الجيش داخليا تقتضي الاهتمام بصحة الجنود والأفراد.

هنا قرر محمد علي الاستعانة بأطباء أجانب لتنظيم الشئون الصحية للقوات، فجلب طبيب فرنسي ماهر هو أنطوان براثيليمي كلوت، لينشئ مستشفى عسكريا ثم مدرسة حديثة للطب في مصر بجوار ثكنات الجيش، في منطقة "أبو زعبل"، وذلك عام 1827.

كانت المدرسة تضم 720 سريرا، وتُعنى في الأساس بمكافحة أي أوبئة بين أفراد الجيش، وإصدار النشرات الطبية للتعامل مع الجرحى، وتهيئة بيئة صحية في الثكنات والغذاء والزي.

في البداية، اختار كلوت بك 100 طالب تحت إشراف مدرسين أوروبيين، لتصبح هذه بداية كلية الطب المصرية، التي كانت تدرس فروع الطب المختلفة والتشريح، بالإضافة لدراسة اللغة الفرنسية.

خرجت المدرسة أول دفعة من الأطباء المصريين من المتعلمين في الأزهر، عام 1832، وأصبحوا من أفراد الجيش ويحملون رتبا عسكرية. كما أرسل كلوت بك، الذي أنعم عليه محمد علي بهذا اللقب، 12 من الأطباء الجدد في بعثة إلى فرنسا، عادوا منها ليتقلدوا المناصب الطبية العليا.

ووفقا لهدف محمد علي الأساسي، تم توزيع الخريجين على وحدات الجيش المصري، ثم خرجت القوات العسكرية في حملات إلى الشام والجزيرة العربية، فتقرر أن تنقل المدرسة من أب زعبل إلى منطقة قصر العيني عام 1837، وبجوارها أسس كلوت بك أول مدرسة طب مصرية للقابلات، وذلك لتوليد النساء بديلا عن نظام "الداية" الذي كان معمول به آنذاك.

من هنا، أصبحت قصر العيني هي المؤسسة التي نعرفها حاليا، والتي تعد أعرق كلية ومستشفى حديث في الشرق الأوسط، وتحولت بعد ذلك إلى هيئة صحية مدنية.