السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: رسالة إلى سيناء الحبيبة 2020

الرئيس نيوز


أثيرت مؤخرا بعض الأفكار المتعلقة بسيناء والدعوة لتغيير النظام الراهن، استأذن القارئ الكريم  في الإشارة إلى أن بعض المخططات على الجانب الآخر التي يجهلها دعاة الفكرة من منطلق اقتصادي واستثماري وليس من زاوية الأمن القومي كما يفترض أن تكون فهناك خطة الجنرال جيورايلاند حول البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين والتي نشرها مركز السادات- بيجن بإسرائيل، والتي فضحت ما تخطط له إسرائيل في سيناء منذ سنوات طويلة في إطار شرق أوسط إسرائيلي، تدخله إسرائيل بمشروعات طويلة الأجل ومن خلال دراسات جدوى متكاملة بالأرقام والمؤشرات والمعطيات

ولعل المشروع الإسرائيلي حمل رسالة خطيرة رفضتها مصر ولم تخضع لنقاش على أي مستوى من المستويات فالفكرة الإسرائيلية المركزية انطلقت من وجهة النظر التي تقول إن مشروع الدولة الفلسطينية كما هو مطروح في حل الدولتين غير قابل للحياة ومن الضروري البحث عن بدائل أخرى أهمها بديلان:
- الاقتراح الأول الذي يتمحور حول أهمية أن تتخلى إسرائيل عن معظم الأراضي التي تسيطر عليها حاليا في الضفة الغربية لإقامة دولة فلسطينية تنضم في اتحاد كونفدرالي مع الأردن.
- الاقتراح الثاني يكمن في تبادل للأراضي ويشمل عدة دول: مصر وإسرائيل والإردن والفلسطينيين، وذلك على أساس قاعدة النفع المشترك أو تبادل المصالح والمنافع .
وهناك مشروع آخر يمضي في نفس السياق مثل مشروع الجنرال عوزي اراد، وثالث لهوشع بن درعي وهما يستندان إلى مشروع جيورا  في الأصل، وليأتي جاد جازيت، وهو مهندس مدنى وبنى تحتية إسرائيلي، ليعرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعد مشروعا شاملا لعرضه على الولايات المتحدة، لإعادة هيكلة المنطقة سياسيا، إضافة إلى مشروع استثمار عالمي لتطوير دول الشرق الأوسط، بحيث يوفر المتطلبات لقيام الثورة العربية الكبرى اقتصاديا، ويرتكز أساس ذلك المشروع على أن تبيع مصر أو تؤجر الثلث الشمالي الشرقي من سيناء لصالح الدولة الفلسطينية، بحيث يتم ضمها إلى قطاع غزة، وفى مقابل هذا، يتم استثمار أموال ضخمة، فلسطينية وإسرائيلية وإقليمية، في مصر، ويكون الحكم في الضفة الغربية كاملة ذاتيا في يد الفلسطينيين تحت سيادة إسرائيل، وتكون حدودها منزوعة السلاح وتحظى باعتراف دولي، مع وقف الاستيطان والإبقاء على المستوطنات التي حصلت على اعترافات دولية.
والواقع أن أغلب هذه المشروعات تتطلب أن تتشارك دول الشرق الأوسط في الاستثمار الاقتصادي، ويتم توجيهه بشكل أساسي للدول المعنية بحل الصراع.  وعلى أن تتعهد إسرائيل ببيع الغاز بأسعار مخفضة لدول الجوار، في مقابل العلاقات الودية والتعاون الاستثماري والصناعي والتنقيب عن الغاز الطبيعي، وتطوير معامل التكرير والمعالجة كما يتم توصيل أنبوب مياه ضخم بتمويل دولي من تركيا إلى قطاع غزة، ويتم بناء ميناء جديد في العريش بشمال سيناء، في مقابل الدولة الفلسطينية، ويتم تطوير وتوسيع قناة السويس باستثمارات دولية. كما يتم بناء ميناء عميق على شواطئ إسرائيل، يتم تخصيصه لخدمة الأردن وفلسطين، إضافة إلى بناء سكة حديد إيلات. وضم ميناء إيلات إلى ميناء العقبة، تحت إدارة واحدة لخدمة الدولتين، إضافة إلى شق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت بتعاون أردني إسرائيلي.
هذا نموذج من المشروعات المخطط لها والتي يعاد ترويجها في إسرائيل والدوائر الأمريكية، وبالتالي علينا أن نكون يقظين خاصة وأن سيناء قضية أمن قومي، وليست مجالا للحديث العابر والنقاش الصحفي واجتهادات خارج الصندوق، كما يتصور البعض، والذي يقارن وضع كاليفورنيا ونيويورك بسيناء ويضعها في مقارنة مع سنغافورة.
 شخصيا أتوجس من الذين يطلون علينا بأفكار من نوعية ردم البحر والنهر والاتجاه إلى التحالفات غير التقليدية وبناء شبكات مالية مع جهات غير معلومة تحت مسمى النهضة بمصر وتحقيق الاستثمار المرغوب والمنشود من الدولة التي لم تقصر بل بالعكس فتحت الباب أمام الاستثمار الشريف والمشروع وليس من خلال الاستثمار في كل شيء ومن أجل تحقيق المكاسب المالية فقط، وفي الذاكرة قضية سياج والتي كان وجيه إيلاى جورج سياج ووالدته المستثمرة كلوريندا فيتشى، رفعا قضية ضد الحكومة المصرية في 5 أغسطس ٢٠٠٥ تحت بند نزاع بشأن تطوير منطقة سياحية في سيناء، وطالبا بقرار يفيد بانتهاك مصر توقيعها على قانون الاستثمار الأجنبي، الذى يعطى مزايا أقوى للمستثمرين الأجانب على حساب المستثمر المحلى. وفي الخلفية تفاصيل أخرى لا وقت للإشارة إليها.
بقي أن نفكر في ضرورة تنفيذ بعض الأفكار الخاصة بسيناء ومع قرب الاحتفال بعيد تحرير سيناء الغالية في 25 أبريل 2020  وأهمها إنشاء مركز بحثي لتنمية سيناء مهمته وضع خطط لتنمية سيناء وجمع كافة الدراسات المصرية والأجنبية التي تمت بخصوص سيناء وآلية تنفيذ تلك الخطط والأبحاث لاستغلال كافة موارد سيناء بصورة صحيحة، ودمج خريجي الجامعات والمعاهد الحكومية في تنمية سيناء عن طريق العمل في سيناء كخدمة عامة لمدد من عام إلى ثلاث سنوات للعمل في تنمية المجتمع السيناوي لدمج السكان في المجتمع السيناوى حضاريا ولتكثيف التواجد السكاني في سيناء عن طريق المجتمعات الحضارية التي تنشئها الدولة والمصانع بإشراف من وزارة الدفاع مع التحول من مرحلة الحديث عن تنمية سيناء إلى مرحلة التنفيذ لمشروعات التنمية بمشاركة أهالي سيناء أنفسهم وكذلك الاستمرار الموجه والمدروس لخطة إعمار سيناء التي توليها القيادة السياسية كل الاهتمام والتركيز وتمضي وفق المخطط الاستراتيجي للدولة المصرية.